سجلت أسعار السلع الأساسية في مصر ارتفاعات قياسية مؤخرا مع متوالية الانخفاضات التي لحقت بقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي منذ أكثر من شهر، فيما تحاول الحكومة المصرية – التي اعترفت بالأزمة – السيطرة على الانفلات في الأسعار في مصر بقرارات منع تخزين السلع، وسط مطالبات باتفاق على تسعيرة ودية مع التجار.
وارتفع تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية مسجلا 18.7% في نوفمبر، مقابل 16.2% في أكتوبر، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهذا هو أعلى مستوى سجله التضخم في مصر منذ ديسمبر 2017 عندما سجل 21.9%، بعد شهر من تحرير المركزي المصري بقيادة رئيسه السابق طارق عامر بتحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2017.
وبالنسبة لإجمالي الجمهورية، أفادت البيانات بارتفاع معدل التضخم السنوي 19.2% في نوفمبر مقابل 16.3% في الشهر السابق.
ويقول الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن السوق المصري يعاني انفلاتا كبيرا بسبب أزمة شح العملة الأجنبية ما دفعها إلى الارتفاع مع ارتباط الأسعار في مصر بالدولار، نظرا لاستيراد أغلب المواد الخام بالدولار.
واضاف عبده في اتصال هاتفي مع «تايمز أوف ايجيبت»: يمارس أصحاب الشركات والمصانع تسعير منتجاتهم دون رقابة، مما يؤثر على نفقات الأسرة المصرية ذات الدخل المحدود.
وانخفضت قيمة الجنيه 14.5% مقابل الدولار في 27 أكتوبر، و تخطى سعره في البنك المركزي 24 جنيه، فيما بلغ سعره في السوق السوداء (الموازية) 30 جنيه. ومنذ أوائل نوفمبر ، سمح البنك المركزي للسعر الرسمي بالتراجع تدريجيا بمتوسط نحو 0.01 جنيه في اليوم.
ومع اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وبالسوق الموازية، لا يستبعد محللون أن يتجه الجنيه المصري إلى الانخفاض مجددا قبل اجتماع صندوق النقد مما ينذر بموجة ارتفاعات جديدة غير مسبوقة.
قرارات حكومية
وفيما يراه محللون محاولة للتقليل من آثار القرارات الاقتصادية الأخيرة، كان إعلان الحكومة المصرية الإثنين تكليف الجهات الحكومية بوضع مهلة محددة لإعلان أسعار السلع ، يتم بعدها المرور الدوري والتعامل الفوري مع أي منفذ بيع سواء كان تجار التجزئة أو المحال التجارية لايلتزم بإعلان أسعار السلع أو يغالي فيها أو يخفيها عن المواطنين.
وكلف رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي الأجهزة الرقابية بإغلاق منافذ البيع ومصادرة السلع التى يتم إخفائها أو عدم إعلان أٍعارها عليها وفقا للتكليفات الرقابية.
ويوصي الخبير الاقتصادي رشاد عبده الحكومة بمواجهة ارتفاع التضخم والغلاء عبر اللجوء إلى «تسعير ودي» للأسعار بالتوافق مع الغرف الصناعية و التجارية والتي من خلالها يتم تسعير المنتجات قبل توزيعها على الأسواق، لافتا إلى أن التسعير الاجباري لا يشجع على الاستثمار ولكن هناك تدخلات حكومية واجبة في وقت الأزمات مثل ما تعاني منه الآن من ارتفاع جنوني وغير مبرر.
وشدد عبده على أنه بعد تطبيق التسعيرة يتم مراقبة المحال ومن ثم اغلاق المخالفين عبر لجان تفتيش دورية وليست مؤقتة.
قانون المحال العامة.. توقيت غير مناسب
في خطوة أخرى تعتبرها الحكومة وسيلة لضبط الأسعار، بدأت الحكومة تطبيق قانون المحال العامة، وتتراوح رسوم التراخيص أو تعديل المحل المرخص به أو إضافة نشاط من 1000 إلى 100 ألف، ورسوم التنازل بحد أقصى 10 آلاف جنيه، ورسوم الحد الأدنى لتقديم الخدمة 20 ألف جنيه حدًا أقصى، ورسوم تقديم الشيشة بحد أقصى 10 آلاف جنيه، حسب مساحة المحل، ونوع النشاط.
«القاهرة الإخبارية».. تمويل ضخم يصطدم بسؤال المهنية؟
وقال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي في اتصال هاتفي مع «تايمز أوف ايجيبت» إن التوقيت غير مناسب لفرض الرسوم ولكنه مناسب للترخيص وكان الأجدى فرض رسوم بسيطة لتفعيل الرقابة بشكل مقنن ومتابعة الأسعار. و شدد الشافعي على أن الرسوم ستؤدي إلى اضطرار أصحاب بعض المحال إلى تخفيض العمالة وآخرون سيضطرون إلى الإغلاق، مما يفاقم من الأزمة المالية للمواطنين.
وأكد الشافعي أن الحل يتمثل في ضبط الأسعار من الصناع ثم تسعيرها والاعلان عن تلك التسعيرة في المنتج نفسه، بذلك لن يستطيع الباعة أو الموزعين التلاعب.
وتخطط مصر للحصول على تمويلات خارجية بنحو 146.4 مليار جنيه في الميزانية الحالية للسنة المالية 2022-2023، مقابل نحو 78.4 مليار جنيه مقدّرة بموازنة السنة المالية الحالية، ما يعني زيادة حجم التمويلات الخارجية بنحو 87%.