نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / مصر تحتفل بمئوية «الجورنالجي هيكل».. شاهد تسجيل نادر لـ«الأستاذ» بعد حرب 1967

مصر تحتفل بمئوية «الجورنالجي هيكل».. شاهد تسجيل نادر لـ«الأستاذ» بعد حرب 1967

هيكل مع عبدالناصر والسادات وحسين الشافعي ومصطفى أمين عقب ثورة يوليو. (أرشيفية)
هيكل مع عبدالناصر والسادات وحسين الشافعي ومصطفى أمين عقب ثورة يوليو. (أرشيفية)

نظمت مؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية، مساء اليوم السبت احتفالية بالذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل، وتسليم جائزة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية لعام 2023 في دورتها السابعة، للعمل الصحفي على اختلاف منصاته ومنابره الراسخ منها والوافد.

بدأ الحفل بتحية السلام الوطني، ثم عرض فيلم تسجيلي عن أستاذ الصحافة المصرية.

حضر الحفل نُخبة من الشخصيات العامة، ورجال الإعلام والصحافة، والشخصيات العامة البارزة، في مقدمتهم الرئيس المصري السابق عدلي منصور، ورئيس الحكومة المصرية الأسبق إبراهيم محلب، والمفكر السياسي المصري الدكتور مصطفى الفقي، ووزيرة التصامن الاجتماعي المصرية نفين القباج، والكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، وأعضاء مجلس النقابة، والدكتور هاني عازر العالم المصري.

هيكل.. ثمرة ثورة 1919

ولد محمد حسنين هيكل يوم الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1923 ببلدة باسوس في القليوبية اي العام الذي عرفت فيه مصر أول دستور في تاريخها الحديث كثمرة من ثمار ثورة 1919، غير أنه عاش فترة طفولته في القاهرة المعزية ما بين الغورية والحسين والأزهر وهي المنطقة الأثيرة لأديب مصر النوبلي نجيب محفوظ، وفق تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط.

واذ تأثر في طفولته ببراعة والدته في الحكي وكان يصل لمسامعه صوت أمه وهي تقرأ لأبيه في كثير من الليالي سيرة الظاهر بيبرس وأسطورة “الأميرة ذات الهمة” فانه وقع مبكرا في عشق القراءة منذ ان عرف الطريق للكتب التي يحتفظ بها خاله “سلام” في بيت جده لوالدته وراح ينهل من كتب التراث وترجمات الأدب والأساطير الشعبية.

إيران فوق بركان

ولمحمد حسنين هيكل نحو 40 كتابا اولها كتاب “إيران فوق بركان” الذي صدر عام 1951 واغلب كتبه ترجمت للغات عديدة، وبعضها كتب أصلا بالإنجليزية ووصفه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأنه “رجل صناعته الكلمة” لتبقى العلاقة الفريدة بينهما نموذجا دالا للعلاقة الوثيقة بين السياسة والصحافة.

وكتب هيكل مقدمات للعديد من كتب كبار المثقفين في مصر والعالم مثل كتاب “كرومر في مصر” لمحمد عودة وكتاب “ماذا يريد العم سام” للمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي وكذلك كتاب “الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية” للمفكر الفرنسي روجيه جارودي ناهيك عن كتاب “غزة-اريحا سلام امريكي” للمفكر الفلسطيني الأصل والراحل العظيم ادوارد سعيد.

الوزير هيكل أيضا

وإن كان اسم هيكل يقترن بجريدة الأهرام في عصرها الذهبي، فقد شغل أيضا منصب وزير الإعلام والإرشاد القومي في عام 1970 كما شغل قبل ذلك كأحد أبرز نجوم مؤسسة اخبار اليوم رئاسة تحرير جريدة الأخبار ومجلة آخر ساعة، وتولى صياغة العديد من خطب الرئيس جمال عبد الناصر وكتابه “فلسفة الثورة” الصادر عام 1953 فضلا عن الميثاق الوطني الذي أعلن عام 1962.

وبدا محمد حسنين هيكل حريصا على منح فرصة المشاركة في عملية صنع القرار بالمواقع التي شغلها لمثقفين بارزين مثل الدكتور عبد الوهاب المسيريـ والدكتور عبد الملك عودة اللذين كانا من أهم اعضاء فريقه أثناء شغله منصب وزير الإعلام بينما كان الطابق السادس بصحيفة الاهرام في ظل قيادته يفخر بكوكبة مجيدة من المثقفين المصريين، وفي مقدمتهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وحسين فوزي ويوسف ادريس ولويس عوض.

وفي الوقت ذاته، كان هيكل حريصا على مد الجسور مع مثقفين بارزين على مستوى العالم مثل الأديب ووزير الثقافة الفرنسي الراحل أندريه مالرو، والفيلسوف الوجودي الراحل جان بول سارتر وكذلك الصحفي الفرنسي الكبير إريك رولو، والمفكر الراحل ادوارد سعيد بينما حق لتجربته الصحفية العريضة أن تكون موضع اهتمام باحثين وأكاديميين في الداخل والخارج، وأن تناقش الجامعات عدة اطروحات للماجستير والدكتوراه حول منجزه الصحفي.

وسواء بالكلمة المكتوبة في الصحف والكتب او عبر الشاشة الصغيرة ، سعى الأستاذ محمد حسنين هيكل الذي يفضل وصفه بـ”الجورنالجي” للإجابة على تساؤلات تبدو محيرة مثل السؤال الكبير :مصر والمصريون الى اين؟!.

الحوار مع هيكل انطوى دوما على أهمية استثنائية وكثيرا ما طال قضايا الثقافة والفكر والأدب والإبداع والهوية فيما كان “الأستاذ”، قد دعا في مقابلة تليفزيونية “لثورة ثقافية مفرداتها تقديم صحيح الدين وصحيح التاريخ وصحيح العلم” وهو ما استدعى تعليقا من جانب المفكر السيد يسين الذي اعتبر”اننا بحاجة ملحة لثورة ثقافية ترسخ جذور الدولة الحديثة والمواطنة وتقضي على منابع التطرف واتجاهات الارهاب”.

هيكل في مكتبته. (أرشيفية)
هيكل في مكتبته. (أرشيفية)

مقارقات في مسيرة هيكل

ومن المفارقات فى مسيرة هيكل الصحفية- الثقافية المديدة ان منصب رئاسة تحرير مجلة الهلال الثقافية العريقة عرض عليه وهو مازال في شرخ شبابه لم يتجاوز العشرين عاما إلا بسنوات قليلة، فيما كان نقيب الصحفيين الراحل والكاتب الكبير كامل زهيري قد باح يوما ما بأنه يعتبر أن أكبر اخطائه تركه رئاسة تحرير مجلة الهلال بمتعتها الثقافية حتى وإن كان قد انتقل لمواقع قيادية أاعلى في الصحافة المصرية.

أما محمد حسنين هيكل فقد ظل يحلق بين الصحافة والسياسة بزاد ثقافي اصيل فيما اسهم بدور كبير في المرحلة التأسيسية لمجلة “وجهات نظر” الثقافية المصرية وكان قراؤه ينتظرون الاصدار الشهري لهذه المجلة من اجل متعة قراءة هيكل وهو “يتمشى ويتجول” في أروقة الماضي والحاضر ويبحر كعادته بين الصحافة والسياسة بقدرات ثقافية فذة.

وحتى آخر مقابلة تليفزيونية قبيل رحيله، مضى هيكل يشعل بروقا تضئ العتمة وسط المعركة على روح مصر، وهى معركة ثقافية بالدرجة الأولى فيما يشدد دوما على أن الثقافة عنصر مهم من عناصر الاستراتيجية المصرية.

هيكل والسيسي قبل توليه رئاسة الجمهورية في مصر. (أرشيفية)
هيكل والسيسي قبل توليه رئاسة الجمهورية في مصر. (أرشيفية)

الأستاذ والثقافة

وبقدر ما جاءت رحلة هيكل بين الصحافة والسياسة مرتكزة على الثقافة وهو المعبر عن قيم ثقافية وانسانية وايجابية اصيلة مثل قيمة العمل وتجاوز اللافعل فقد أوضح انه” فى الصحافة لا تفيد المجاملة ولا يشهد لك إلا ما تستطيع ان تقدمه وتضع عليه اسمك”.

ولعل أهمية عامل التكوين الثقافي للصحفي تتجلى بكل الوضوح فى نهج الأستاذ محمد حسنين هيكل حيث “المعالجة بالعمق والحفر المعرفي عند الجذور والتحليق بأجنحة المعرفة نحو آفاق المستقبل” والتأكيد على اهمية عدم نزع الأحداث عن سياقاتها التاريخية فيما كان قد استعاد مرحلة اعداده في بدايات مسيرته الصحفية المديدة ليقول :”هذا الإعداد كان بالأساس ثقافيا.. وثقافيا هنا تعنى المشاهدة والتفكير والاطلاع والمعايشة”، مؤكدا ايضا على عامل التنشئة في بيت “يحمل استعدادا ثقافيا كبيرا”.

وقال محمد حسنين هيكل :”الكتب جزء مهم في كل بيت اذهب إليه.. في الإسكندرية.. فى الغردقة.. في المنزل الريفي في برقاش” فيما يرى أن الثقافة هي “حصيلة كل المعارف التي تتوافر للإنسان من خلال معايشة الحياة والتاريخ والزمن ..ولذلك فمن الخطأ ان نتصور ان الثقافة هي الفن فقط او الرسم فقط او الأدب فقط”.

هيكل وأم كلثوم. (أرشيفية)
هيكل وأم كلثوم. (أرشيفية)

جمال حمدان وهيكل

واذا كان المفكر الاستراتيجي الراحل جمال حمدان لم يعرف عنه أدنى نفاق أو شبهة مجاملة لأحد على حساب الحقيقة فان لرأيه كل الأهمية عندما وصف محمد حسنين هيكل بأنه أحد أعظم الصحفيين المعاصرين فى العالم، إن لم يكن اعظمهم على الإطلاق.

اما المفكر والكاتب المغربي عبد الاله بلقزيز فيقول: “فى إمكانك وأنت تقرأ للأستاذ محمد حسنين هيكل أو تستمع إليه متحدثا أن تحسبه أكبر من صحفي وأكثر: مؤرخ.. باحث استراتيجي.. رجل دولة مرموق فى موقع القرار.. باحث فى علم السياسة.. مفكر. .الخ”.

ويضيف بلقزيز: “ولن تكون متزيدا حين تفترضه على هذا النحو وتحمل عليه هذه الصفات جميعا فقد نجح في ان ينتج نصا صحفيا عصيا على التعيين الحصري من شدة ما اكتنزه من أدوات وموارد ليست مما يعتاد حسبانه من عدة الصحافة وعتادها”.

ومن ثم فان محمد حسنين هيكل -كما ينوه عبدالاله بلقزيز- هو “في جملة عدد جد قليل من الصحفيين في العالم المعاصر تقرأ كتبه ويحتفظ بها فى المكتبات الشخصية ويرجع اليها عند الحاجة”، معيدا للأذهان أن عشرات الكتب التي أصدرها هيكل “باتت مراجع معتمدة للمؤرخين وعلماء السياسة والباحثين فى مجالات الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية والتاريخ السياسي العربي المعاصر” .

هيكل والإمام الخوميني في باريس. (أرشيفية)
هيكل والإمام الخوميني في باريس. (أرشيفية)

«أزمة المثقفين»

ومحمد حسنين هيكل صاحب الكتاب الشهير عن “أزمة المثقفين” الذي صدر عام 1961 كمحصلة لمناقشات استمرت ثلاثة اشهر مع لفيف من المثقفين المصريين يحفظ عن ظهر قلب مئات إن لم يكن آلاف الأبيات من عيون الشعر العربي، وهو الذى ارتبط بصداقة وثيقة للغاية مع الكاتب الراحل توفيق الحكيم كما استطاع في أشد الأوقات قتامة بالنسبة لحرية التعبير أن يدفع شرورا عن بعض هؤلاء المثقفين الكبار كالحكيم ونجيب محفوظ.

وهيكل الذي اهتم بقضايا “القوة الناعمة لمصر” كان يعيد للأذهان ان الكثير من مشاهير الصحافة والأدب فى العالم عملوا فى الصحافة المصرية الصادرة بلغات اجنبية أو كمراسلين لكبريات الصحف العالمية في مصر أثناء الحرب العالمية الثانية ومنهم على سبيل المثال جورح أورويل وقد تعلم الكثير من بعضهم.

ولم يترك محمد حسنين هيكل أي فن صحفي لشأنه وانما استخدم كل فنون الصحافة ومزج بينها مزجا ابداعيا ليحولها أحيانا إلى فن واحد، فكان بحق فى تفرده مجمع الصحافة وأيقونتها غير أنه أوضح قاعدة مهنية هامة بقوله :”إن الصحفيين ليسوا ادباء أو مفكرين او فلاسفة يتحدثون عن معنى الوجود وصيرورة الكون، لكنهم يتحدثون عن الحياة اليومية ومتابعة أخبارها، ولذلك فمن المهم شرح وتحليل الخبر طبقا لقاعدة: لارأى إلا على قاعدة خبر”.

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

تراجع سعر الذهب.. وعيار 21 يسجل 2175 جنيهًا

انخفض الذهب في مصر قرابة 20 جنيها منذ أمس الجمعة، على خلفية انخفاض سعر الذهب …