نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / قضايا / الحوار الوطني في مصر أمام سؤال «الشروط»

الحوار الوطني في مصر أمام سؤال «الشروط»

السيسي خلال إفطار الأسرة المصرية في رمضان الماضي، حبث أعلن إطلاق الحوار الوطني. (الإنترنت)
السيسي خلال إفطار الأسرة المصرية في رمضان الماضي، حبث أعلن إطلاق الحوار الوطني. (الإنترنت)

رغم أن الحكومة المصرية لم تحدد بعد موعدًا لانطلاق الحوار الوطني الذي أعلن عنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الشهر الماضي، إلا أن الترقب يسود الأوساط السياسية المصرية بشأن جدوى الحوار وفرص وصول نتائجه إلى انفراجة في المشهد السياسي.

وخلال حفل إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان الماضي، وفي خطوة اعتبرت مفاجأة للكثيرين، دعا الرئيس المصري إلى إطلاق «حوار سياسي» مع كافة القوى دون استثناء ولا تمييز، ورفع مخرجات هذا الحوار له شخصيا، وجاءت تلك الدعوة في حضور المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي والصحفي ورئيس حزب الدستور السابق خالد داود، وتزامنت مع الدعوة إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي، وإطلاق سراح العشرات بينهم سياسيون وصحفيون ونشطاء.

واستقبلت قوى سياسية في مصر الحوار بترحيب وترقب في الوقت نفسه، حيث اعتبره البعض استكمالا لعملية التحول الديمقراطي في مصر، بينما رأى أخرون أن الحوار لن يكون حقيقيا إلا بمشاركة جميع أطياف المعارضة السياسية مثل رئيس حزب غد الثورة أيمن نور الذي كتب بياناً مفصلا شرح فيه شروط ومقومات الحوار الوطني.

ومنذ إطلاق دعوة الحوار، تلقت الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة للرئاسة المصرية، والمكلفة بتنظيم الحوار، عددا كبيرا من المقترحات من مختلَف الجهات والفئات: أحزاب سياسية، نقابات، مؤسسات، شخصيات عامة، مواطنين، وغيرهم، وماتزال الأكاديمية مستمرة في استقبال الأفكار والمقترحات من مختلف القوى والفئات في المجتمع. ومن المقرر، بحسب الأكاديمية الوطنية، تشكيل لجنة محايدة مشتركة من شخصيات عامة وخبراء لتتولى مهمة تجميع تلك المقترحات، وعرضها للحوار ليتسنى إعداد رؤية موحدة من كافة القوى المشاركة لتمثل هذه النتائج خارطة الطريق نحو الجمهورية الجديدة.

مصر: الحوار الوطني «دون شروط»

الأحزاب والقوى السياسية المؤيدة للحوار «دون شروط» مع السلطة، بادرت بإعداد أوراق عمل لعرضها على الحوار ومن بينها حزب الوفد – أقدم الأحزاب المصرية -، إذ أكد رئيس الحزب عبد السند يمامة – في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية –  أن جميع مؤسسات الحزب في المحافظات واللجان النوعية المتخصصة تعمل بشكل مستمر من أجل تقديم أوراق عمل ويتم مناقشة كافة المقترحات التي تقدم من خلال اللجنة وذلك للخروج برؤية متكاملة ومعبرة عن الشارع المصري بكافة طبقاته وفئاته.

على الصعيد نفسه، يعتزم حزب التجمع تقديم أفكار لإنشاء «جمهورية وطنية حديثة»، ويقول عضو مجلس النواب ورئيس حزب التجمع سيد عبدالعال في تصريح لـ«تايمز أوف ايجيبت»  إن رؤى حزبه للحوار «تتمثل في التنمية اقتصادية والاجتماعية والتي لا تنفصل أبدا عن تطور الإصلاح السياسي والمجتمع المدني.

وأوضاف «الرئيس  السيسي هو من نادى بالحوار الوطني بل واتخذ خطوات استباقية تدل على حسن نواياه»، مشيرا إلى «إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي التي تتسم بالشفافية والنزاهة، فهم يقدمون توصياتهم بالافراج عن محبوسين».

ورأى أن «إنجاح هذا الحوار يتطلب ألا يشترط او يجزأ أحد القضايا»، موضحا أن «الحوار ليس بين طرفين متنازعين، لكنه بين المجتمع المصري كافة والحكومة جزء من هذا التجمع، فلابد ألا يكون في الحوار «يد عليا» بل تكون كل الأطراف المشاركة في الحوار متساوية».

الحركة المدنية والحوار الوطني

في المقابل، وضعت ما تعرف بـ«الحركة المدنية الديمقراطية» المعارضة، شروطاً للمشاركة في الحوار الوطني الذي دعا له السيسي، موضحا في بيان أن شروط الحوار أن يكون “جاداً وحقيقياً وأن ينتهي لنتائج عملية توضع مباشرةً موضع التنفيذ”، واعتبروا أن ذلك يستلزم مجموعة من الإجراءات، على رأسها أن يكون الحوار تحت مظلة مؤسسة الرئاسة باعتبارها القادرة على تنفيذ ما سيتم التوصل إليه خلال الحوار، وأن يجري الحوار بين عدد متساو ممن يمثلون السلطة، وعلى الجانب الآخر المعارضة «التي لم تكن جزءاً من تلك السلطة ولا شريكاً لها».

وتضم الحركة المدنية الديمقراطية شخصيات سياسية بارزة، مثل حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق، وأحزاب الكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والدستور، وكذلك حزب المحافظين، الذي يرى الأمين العام له طلعت خليل، أن تلك الشروط هي «ضمانات لإنجاح الحوار»، ومحاولة لانتزاع إرادة السلطة لتحقيق النجاح لذلك الحوار، مشيراً إلى أن الضامن الحقيقي لذلك هو أن يكون الحوار بقيادة مؤسسة الرئاسة حتى وإن كان بعباءة الأكاديمية الوطنية للتدريب.

لكن رئيس حزب الغد أيمن نور رأى أن وضع شروط مسبقة للمشاركة في الحوار «أسلوب مرفوض، لأن فيه نوع من التكبر» – حسب تعبيره -، مشيرا إلى أن «من يضعون الشروط، من دون أن يسميهم، ليس لهم دور من الأساس، مؤكداً أن على الجميع وضع الرؤى على مائدة النقاش للوصول إلى أفضل الحلول للتحديات التي تواجه مصر» – حسب قوله.

في مقابل دعوة نور، قال رئيس حزب التجمع سيد عبد العال لـ«تايمز أوف ايجيبت»: «من يرغب في المشاركة يأتي إلى مصر ولا يستخدم منبرا من خارج الحدود المصرية للتنظير على ما يحدث في مصر أو نفعله، دون ذلك فلا نظر إلى كلامه، فليحضر ثم نرى، وقبل كل ذلك تسوية وضعه القانوني مع الدولة المصرية».

يشار إلى نور غادر مصر بعد ثورة يونيو 2013 التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان بعد احتجاجات مليونية، واستقر به المقام في تركيا.

سجناء الرأي في مصر

ويقول محللون إن دعوة الحوار ربما تكتسب زخما أكبر مع الإفراج عن مزيد من سجناء الرأي، خصوصا المرشح الرئاسي السابق عبدالمنعم أبوالفتوح والناشط السياسي علاء عبدالفتاح.

وفي مطلع يونيو أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفوا رئاسيا عن المعارض المصري البارز، يحيى حسين عبد الهادي، المحبوس منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وصدر قبل قرابة أسبوع حكم بحسبه أربع سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة. وفي 28 أبريل أفرج السيسي بعفو رئاسي كذلك عن الصحفي حسام مؤنس بعد صدور حكم من محكمة استثنائية العام الماضي بحسبه 4 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة.

وفي مايو الماضي، أعادت الحكومة المصرية أعادت تشكيل ما تسمى بـ«لجنة العفو الرئاسي» ، لبحث جميع طلبات العفو الرئاسي، وتقديم قوائم تتضمن مئات الأسماء إلى الجهات السيادية التي ستدرس حالة كل اسم بصفة منفردة، لبحث إمكانية تأمين خروجهم.

وأشار  عضو لجنة العفو الرئاسي في مصر كمال أبوعيطة، لـ«تايمز أوف إيجيبت» إلى إدراج «اسمي الناشط السياسي علاء عبد الفتاح والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية ضمن قائمة المطلوب عنهم في طلبات لجنة العفو الرئاسي كغيرهم من المحبوسين الذين جرى اخلاء سبيلهم مؤخرا».

و أضاف أبو عيطة  أن «لجنة العفو الرئاسي تنظر ملفات جميع المحبوسين على ذمة قضايا نشر ورأي، وتطالب بالإفراج عنهم جميعا طالما لم يتورطوا في أي أعمال عنف، أو تبنوا أفكار معادية للدولة المصرية، وأرى أن الدولة استجابت للعديد من مطالب الافراج عن نشطاء وننتظر المزيد».وتابع أبو عيطة:«ان قرارات الافراج الأخيرة هي سقف موضوعي للحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتبشر بمستقبل أفضل لمصر، لأنني اعتبره معالجة وجع لكثير من المواطنين في مصر، والحل بسيط هو الإفراج عنهم».

الحوار المصري وصندوق النقد

ورغم ترحيب الموئدين للحوار، إلا أن قاسما مشتركا يجمعهم مع المتحفظين، يتمثل في مطالبات رئيسية من السلطات في مصر، خصوصا الاقتصادية منها في ظل الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية بعد خفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 20 % في مارس الماضي.

وقال عضو لجنة العفو الرئاسي و وزير القوى العاملة الأسبق، كمال أبوعيطة في اتصال هاتفي مع «تايمز أوف ايجيبت» من القاهرة «لابد من انقاذ نزيف الأموال فنحن لا نريد تغيير الأشخاص العبرة بتغيير السياسيات الاقتصادية من خلال الانحياز الى الطبقات الفقيرة والتي لا أجد لها أي صدى».

و وجه أبو عيطة رسالة إلى الحكومة المضرية: «اعملوا برأي المتخصصين الوطنيين، وأخذر من استمرار الأخذ والانصياع لطلبات صندوق النقد الدولي التي أثرت بالسلب على الشعب المصري» مشيرا إلى أن «نظام مبارك نفسه لم يستجب لطلبات صندوق النقد والمعروف عنها أنها تضر باقتصاد الدول، والمطلوب وقف تدهور الطبقة المتوسطة وتحسين مستوى المعيشة».

وفي شهر أبريل الماضي، واصل معدل التضخم السنوي في مصر الارتفاع ليبلغ 14,9 %، حيث تستمر موجة ارتفاع أسعار الغذاء، وفق أرقام رسمية مصرية.ودفعت هذه الموجة من ارتفاع الأسعار مصر إلى تخفيض قيمة العملة المحلية، إذ خسر الجنيه المصري نحو 17 % من قيمته أمام الدولار في 21 مارس ليتجاوز سعر بيع العملة الخضراء من 18 جنيها.

كما انخفض احتياطي النقد الأجنبي للبلاد بقيمة أربعة مليارات دولار إلى 37 مليار دولار تعد كافية لتغطية خمسة أشهر من الواردات السلعية، وأرجع البنك المركزي ذلك إلى “تغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي وتغطية تخارج استثمارات الأجانب ولضمان استيراد سلع الاستراتيجية”.
كذلك طلبت مصر دعما من صندوق النقد الدولي ممثلا في قرض جديد لتخفيف تداعيات الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد البلد الذي تصل فيه نسبة الفقر إلى نحو 30 % من جملة تعداد السكان الذي يتجاوز 103 ملايين نسمة.

وفي السياق نفسه، طالب سيد عبد العال عضو مجلس النواب الحكومة بعدم استغلال هذا الحوار لإضفاء شرعية على سياسات تنفذها برؤيتها، وقال «نحن على خلافات مع تلك السياسات، وعلى الحضور في الحوار الالتزام باستهداف مصلحة الوطن والوصول إلى حلول لكل القضايا الشائكة، والتي من المستحيل حلها من طرف واحد سواء الحكومة أو القوى السياسية والمجتمعية، إذ يجب مشاركة الأطراف كافة».

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

السفير شريف كامل واللواء المشرفي وقرينتاهما أثناء عزف السلام الوطني. (تايمز أوف إيجيبت)

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في حرب أكتوبر المجيدة.