نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / بعد خمسة وسبعين عاماً ما زال الفلسطينيون يقاومون

بعد خمسة وسبعين عاماً ما زال الفلسطينيون يقاومون

سعدالدين إبراهيم
سعدالدين إبراهيم

سعد الدين إبراهيم

احتفلت إسرائيل منذ عدة أسابيع بعيد ميلادها الخامس والسبعين، وهي نفس المناسبة التي يُطلق عليها الفلسطينيون والعرب تعبير «النكبة».

كان لأول رئيس وزراء لإسرائيل، دافيد بن جوريون، اعتقاد أنه بعد جيلين أو ثلاثة سيكون الفلسطينيون قد تشتتوا إلى بلاد الجوار العربية، أو في شتى بلاد المعمورة، وينسى مَنْ ظل منهم على قيد الحياة أنه كان هناك وطن أو بلد يُسمى فلسطين.

لقد رحل بن جوريون، ورحلت معه مقولته العنصرية الفجة. ومصدر الفجاجة هو أن اليهود لم ينسوا، رغم مرور أكثر من ألف سنة، أن كانت لهم مملكة في فلسطين، شرّدهم منها الرومان. ومع ذلك ظلت أجيالهم تستعيد ذكريات تلك المملكة، ويحلمون بالعودة إليها، مُعتبرين إياها أرض الميعاد «The Promised Land».

نعم، ربما تشتت معظم الفلسطينيين، إما إلى مُخيمات أو معسكرات لاجئين، ولكن بقي منهم في فلسطين نفسها، التي سيطرت عليها دولة إسرائيل اليهودية، مائتا ألف فلسطيني، في منطقة الجليل. وقد تزايدوا وظلوا يشكلون عشرين في المائة من سكان إسرائيل حتى عام 1967. ومع انتصارات إسرائيل العسكرية واحتلال ما كان قد تبقى من أرض فلسطين بين البحر المتوسط ونهر الأردن، أصبح الفلسطينيون العرب – مسلمين ومسيحيين – يمثلون بعد 1967 حوالي ثلاثين في المائة، فرضت عليهم السُلطات الإسرائيلية قوانينها، وتعلموا هم بدورهم اللغة العبرية، ولكنهم لم ينسوا أو يتخلوا عن هويتهم وثقافتهم العربية.

إنهم عوملوا كمواطنين من الدرجة الثالثة – بعد اليهود الأشكناز، واليهود الشرقيين السفارديم – إلا أنهم صمدوا وتزايدوا بمعدل مواليد مرتفع عن اليهود، فتضاعفت نسبتهم في عموم سكان إسرائيل بعد خمسة وسبعين عاماً، لتتجاوز أربعين في المائة في الوقت الحاضر، 2023. ومع استمرار التفاوت في معدلات المواليد، فإنه من المتوقع أن ترتفع نسبة الإسرائيليين العرب إلى خمسين في المائة مع احتفالات إسرائيل بمئويتها، 2048.

ومع النجاح المؤقت لإسرائيل.. في منع قيام دولة فلسطينية، فإن الحقائق السكانية تتجه إلى دولة تعددية على أرض فلسطين/ إسرائيل، كما انتهى إلى ذلك مؤتمر نظمه مركز أنور السادات للسلام، في جامعة ميريلاند الأمريكية، الذي يرأسه الأمريكي-الإسرائيلي-الفلسطيني البروفيسور شبلي تلحمي.

وكانت أهم خلاصات ذلك المؤتمر، أن الحقائق على أرض الواقع تفيد بأن تقارباً سكانياً يحدث في الوقت الحاضر: 55% إسرائيليون يهود، و45% عرب فلسطينيون. ومع تفاوت الخصوبة والإنجاب تتجه المؤشرات إلى تقارب خمسين في المائة لكل جانب.. مع منتصف القرن الحادي والعشرين كما أسلفنا.

ولكن ستبقى التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية لصالح السكان اليهود لجيلين إضافيين، أي إلى نهاية القرن الحادي والعشرين، ثم تختفي تماماً مع التقدم المتسارع في مستويات الإنجاز لدى الفلسطينيين العرب؛ وهو ما أوحى للحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب، بإجراءات تمييزية ضد الفلسطينيين العرب في دخول الجامعات والمعاهد العليا الإسرائيلية. وهو الأمر الذي يعارضه يهود مستنيرون كثيرون داخل وخارج إسرائيل، حيث إنه يُذكّرهم بما عاناه اليهود الأوروبيون في روسيا العنصرية، ثم في ألمانيا النازية، في القرنين التاسع عشر والعشرين.

إن الأكاديمي البارز شبلي تلحمي نفسه.. يُعتبر نموذجاً لإنسان المستقبل على أرض فلسطين. فقد وُلد الرجل لأبوين عربيين في مدينة حيفا بعد قيام دولة إسرائيل، فحمل جنسيتها. ولكن مع نموه ودراساته الجامعية المبكرة في الرياضيات والهندسة، وجد ضالته المنشودة في التحول إلى العلوم الاجتماعية والعلاقات الدولية.. في واحدة من أرقى الجامعات الأمريكية، وهي جامعة جونز هوبكنز، التي حصل منها على درجة دكتوراه ثانية. وهو ما أهَّله – بعد عدة سنوات – لشغل كرسي أنور السادات للسلام في جامعة ميريلاند. وقد حضرت الراحلة جيهان رؤوف السادات احتفالية تدشين ذلك الكرسي.. في أوائل ثمانينيات القرن العشرين.

وقد شغل د. شبلي تلحمي ذلك الموقع الجامعي بكل جدارة، وظل – في نفس الوقت في اهتماماته الأكاديمية ونشاطه العام – مهموماً بشؤون الشرق الأوسط والوطن العربي، والعلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية. ومن ذلك المؤتمر الذي نظمه بمناسبة مرور سبعين عاماً على الصراع، الذي أصبح مرة أخرى إسرائيلياً-فلسطينياً خالصاً، بعد أن نفض معظم العرب أيديهم عن القضية.

وربما يكون ذلك في صالح القضية. فكما قال لنا الشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي، في أبياته الخالدة:

«إذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر.. ولا بُد لليل أن ينجلي .. ولا بد للقيد أن ينكسر».

إن الانتفاضات المتكررة للشعب الفلسطيني، عبر الأجيال الأربعة، منذ وعد بلفور المشؤوم إلى عشرينيات القرن الحادي والعشرين، لا بُد أن يستجيب لها القدر.

والله على ما أقول شهيد.

وعلى الله قصد السبيل.

نقلاً عن «المصري اليوم»

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

السفير شريف كامل واللواء المشرفي وقرينتاهما أثناء عزف السلام الوطني. (تايمز أوف إيجيبت)

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في حرب أكتوبر المجيدة.