نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / دلالات العودة السورية للجامعة العربية

دلالات العودة السورية للجامعة العربية

د. أحمد يوسف أحمد
د. أحمد يوسف أحمد

 

د. أحمد يوسف أحمد

استمراراً لدورها التنويري، نظمت مؤسسة بطرس غالي للسلام والمعرفة (كيميت).. ندوة بعنوان «ماذا تعني عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية؟». دعت للحديث فيها أربع قامات دبلوماسية رفيعة، وهم: السيد نبيل فهمي وزير الخارجية الأسبق، والدكتور مصطفى الفقي صاحب الأدوار السياسية والثقافية المتنوعة والرائدة، والسفير رمزي عز الدين وكيل أول وزارة الخارجية الأسبق ونائب المبعوث الأممي لسوريا الأسبق، والسفير الدكتور محمد إدريس المساعد السابق لوزير الخارجية والمندوب الدائم السابق لمصر بالأمم المتحدة.

وقد افتتحت الندوة وأدارتها باقتدار.. السفيرة ليلى بهاء الدين – المديرة التنفيذية للمؤسسة – ثم ألقى السيد ممدوح عباس – رئيس مجلس أمنائها – كلمة طرح فيها القضايا الرئيسية للندوة؛ كالتساؤل عن المستجدات التي أدت لعودة سوريا، والقضايا الأساسية المطلوب مواجهتها بعد العودة؛ كالتغيير الداخلي، ومعضلة وجود الميليشيات والقوات الأجنبية، وقضايا عودة اللاجئين وإعادة الإعمار، ثم قدم كلٌ من المشاركين الأربعة.. مداخلات بالغة العمق؛ لو حاولت تلخيص ما تضمنته، لاحتجت إلى عدة مقالات، ولذلك اخترت ثلاث قضايا مهمة.. أعرض لما ورد بشأنها عبر المداخلات الأربع. وأتمنى أن تنشر المؤسسة نصوص هذه المداخلات.. لأهميتها في التفكير المطلوب بشأن مستقبل سوريا، والعمل العربي المشترك والمنطقة، وتتمثل هذه القضايا الثلاث في: دلالات العودة السورية، ومعضلة التغيير الداخلي في سوريا، ومستقبل النظام العربي.

أما دلالات العودة، فكان ثمة إجماع.. على أنها تمثل نهاية أكيدة لأسلوب المقاطعة، في إدارة العلاقات العربية-العربية؛ فلم تكن هذه هي المرة الأولى.. التي يُستخدم فيها هذا الأسلوب دون جدوى، وخبرة المقاطعة العربية لمصر – بعد عملية السلام مع إسرائيل – خير شاهد على ذلك. وتكررت الخبرة نفسها في الحالة السورية لمدة أطول. والأهم أن انتهاء المقاطعة في الحالتين، لم يتم بعد أي تغيير في السلوك.. الذي تسبَّب فيها؛ فلم تغير مصر سياسة التسوية السلمية مع إسرائيل، (بل إن النظام العربي هو الذي تبنى خيار التسوية). كذلك لم يغير النظام السوري شيئاً من سياساته الداخلية والخارجية، ولذلك ذكر الوزير نبيل فهمي.. أن سياسة المواجهة المباشرة هي الأفضل.
والواقع أن هذه الخلاصة، تتسق ودروس التجارب الدولية المختلفة.. لإدارة الاختلافات بفرض العقوبات.

ومن ناحية أخرى، كان من المفهوم أيضاً.. أن العودة لها مغزاها الواضح بشأن عقم مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية، وهو ما أشار إليه السفير محمد إدريس.. بتذكيرنا بما ورد في كلمة الرئيس السوري بخصوص ترك القضايا الداخلية لشعوبها. والواقع أن مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية، فضلًا عن أنه يخالف المواثيق الدولية – وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة – إلا أن الأخطر أنه كلمة حق يُراد بها باطل، فادعاء التدخل لاعتبارات إنسانية يتناقض تمامًا مع تداعياته، كما رأينا في حالتي الغزو الأمريكي للعراق 2003، وعملية الأطلنطي في ليبيا 2011.

أما معضلة التغيير في سوريا، فقد حظيت بنقاشات معمقة.. لأهميتها بالنسبة لمستقبل سوريا والمنطقة، طالما أن أسباب الصراع في سوريا لم تكن خارجية فقط، فلا استقرار دائم في سوريا دون تغيير؛ بل ولا إعادة بناء للنظام العربي، ولا استعادة للاستقرار في المنطقة، دون استقرار في سوريا. وعلى الرغم من أهمية البعد السياسي في التغيير المطلوب، فإن السفير رمزي عز الدين.. لفت إلى البُعد الاقتصادي فيه، ليس فقط بمعنى قضية الإعمار – التي أجمع الكل على أهميتها – وإنما بمعنى تصحيح وضع اللامساواة الاقتصادية.. الذي ترتب على سياسات الانفتاح الاقتصادي العشوائي، التي أدت لزيادة التفاوت.

ورغم الإجماع على ضرورة التغيير، فإنه يمكن القول إن نظرة تشاؤمية ظهرت لدى الجميع.. من حدود التغيير الممكن؛ فمعادلة الحزب/الطائفة تمثل عقبة – كما أشار السفير إدريس – وقد ذكّرنا ببدايات الإصلاح مع حكم الرئيس بشار ومآله. والخبرة بسلوك النظام التفاوضي العنيد – كما ذكّرنا الدكتور الفقي والسفير رمزي – لا تبشر كثيراً، فإذا كان لم يقدم تنازلات وهو في ذروة ضعفه، فما بالنا وقد عاد دون شروط.
وأضاف الدكتور الفقي.. أن مفردات خطاب الرئيس السوري في القمة الأخيرة.. لا تجعلنا نبالغ في التمنى، ولذلك لم يكن ثمة كثير تفاؤل بمستقبل «إعلان عمان»، أو أسلوب «الخطوة بخطوة».. الذي ذكّرنا السفير رمزي بأنه طرحه في مقالة له في ديسمبر 2019، والمعضلة إذن أن التغيير ضروري، لكنه عسير.

وأخيراً، فإن جانباً مهماً من مداخلات الندوة، انصرف إلى ما يمكن تسميته «مستقبل النظام الإقليمي العربي بعد عودة سوريا»، ورغم الآمال التي عبَّر عنها الجميع.. في أن تؤدي هذه العودة إلى نقلة إيجابية في النظام العربي – خاصة بالنظر إلى ما يبدو من أن المنطقة تمر بمرحلة إعادة تموضع، إقليمياً ودولياً – فقد اتسم النقاش في هذا الصدد بالواقعية؛ فأشار السفير إدريس إلى أن منطلقات الرئيس السوري ليست – بالطبع – موضع اتفاق عربي، وأن سوريا قد تطالب بتعديل أشياء تمت في غيابها. كذلك لفت الوزير فهمي إلى أن توازن القوى في الشرق الأوسط.. قد تحول – في العقد الأخير – لمصلحة القوى غير العربية، وأن تصحيح هذا الخلل لن يكون سريعاً. فرغم أن التطورات الأخيرة في علاقات القوى العربية الرئيسية بتركيا وإيران، وبالذات الاتفاق السعودي-الإيراني، تمثل خطوة إيجابية، فإنها موضع معارضة غربية، كما ذُكِرت أفكار بشأن تقليل الحضور الإيراني في سوريا – مثلاً – بآليات عملية، كزيادة التدفقات المالية العربية إلى سوريا.
وفي هذا السياق طرح الوزير فهمي فكرة إنشاء صندوق عربي لدعم مشروعات إعادة الإعمار.. بالالتفاف على قرارات العقوبات على سوريا، كما لفت الدكتور الفقي إلى الصعوبات التي تعترض الحراك العربي المأمول.. نتيجة العودة السورية بسبب قوة المكون الدولي في المعادلة السورية الحالية، ناهيك بالمشكلات الاستراتيجية الأخرى، كتحقيق الأمن الغذائي والأمن المائي.

نقلاً عن «الأهرام»

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

السفير شريف كامل واللواء المشرفي وقرينتاهما أثناء عزف السلام الوطني. (تايمز أوف إيجيبت)

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في حرب أكتوبر المجيدة.