نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / مقالات / كيلو لحمة وحقنة أنسولين

كيلو لحمة وحقنة أنسولين

أمينة خيري
أمينة خيري

هو رأي شخصى ليس إلا.

عن نفسي، ولا أتحدث إلا عن نفسي، والله على ما أقول شهيد. لو معي مبلغ من المال، سأبحث عن أسرة لديها ابن(ة)، أو أب، أو أم، أو جد(ة).. مريض ويحتاج دواءً، بات الحصول عليه أمراً بالغ الصعوبة، وأشتري له الدواء.. مع ضمان عدم إعادته إلى الصيدلية. سأبحث عن أب، وأم.. أخفقا في توفير قسط مدرسة «عادية» لتعليم الأبناء، وأشارك بالدفع المباشر لإدارة المدرسة.

سأبحث عن أسرة عجزت عن سداد إيجار الشقة – التي تقيم فيها – لأن دخلها استُنفد.. في سداد أقساط المدارس والطعام والكساء.

الأمثلة كثيرة، لمن أعتقد بشكل شخصي أن توفير علاج أو سداد قسط تعليم أو إيجار شقة.. سيهدئ من روعهم ويخفف من قلقهم، وهو ما لن يفعله «كيلو لحمة». كيلو اللحمة سيوفر – بكل تأكيد – وجبة شهية عظيمة ليوم أو يومين، ثم سيتبخر أثره في هواء الديون والحاجة والحرمان والمرض.

لا أطالب بتغيير قواعد دينية أو أسس إيمانية، لكن الأوضاع الحالية.. ليست أوضاعاً عادية، وإن شاء الله لا تدوم طويلاً، وتتحسن الأوضاع ونعود إلى سابق عهدنا من تضحية وتوزيع لحوم وغيرها.

جميعنا يعاني ظروفاً معيشية صعبة هذه الأيام، وإن بدرجات متفاوتة. البعض رشَّد استهلاكه، والبعض ألغى أصنافاً وأنشطة بعينها من حياته اليومية، وفريق ثالث يعاني الأمرّين، حيث لا وجود لما يرشده أو بنود يلغيها من الأصل.

في أسبوع واحد كنت شاهد عيان.. على ثلاثة من أصدقاء وزملاء – لا يعرفون بعضهم – يطلبون «سلفة» لسداد أقساط مدارس. وأربعة من المعارف.. يسألون عن جهة ما، توفر لهم قائمة الأدوية في «روشتة العلاج».. الموصوفة لأشهر عدة؛ منهم من بات يكتفي بدواء واحد، ويستغني عن بقية القائمة، أو يشتريها شهراً، ويأخذ العلاج بنظام «يوم ويوم».. ليكفي الدواء شهرين.

مرة أخرى، موقفي الشخصي رافض تماماً لفكرة شراء اللحوم بالتقسيط.

أشتري دواء بالتقسيط، أسدد مصروفات مستشفى أو مدرسة أو جامعة بالتقسيط، أو أدفع إيجار البيت بالتقسيط (هذا إن لم يطردني المالك). لكن عندما أكون مديونة، أو مريضة، أو أهل بيتي في كرب لمرض أو دين، فسأمتنع عن أكل اللحمة.

مرة رابعة أو خامسة، هذا رأي شخصي. وأزيد من الشعر بيتاَ، ولو لديَّ مال فائض لن أسلمه لمن قرر أن يستدين.. ليجهز ابنته العروس المصون، أو لشراء شبكة لربة الصون والعفاف، أو لتحديث هاتفه المحمول، أو لشراء علبة سجائر.

ويوم الحساب، أحاسب أمام الله.. على تفكيري ومنطقي وقائمة أولوياتي، يوم لن يشفع لي من فضَّل كيلو لحمة على توفير «أنسولين» لطفل مريض سكري، أو أصر على أن يشارك الجيران في «عجل» ليأكل الفقراء والمساكين اليوم، على أن يحلها حلال غداً لدى إدارة المدرسة أو المستشفى أو صاحب البيت.

كلمة أخيرة، لو توافر المال لكليهما: كيلو لحمة، وحقنة أنسولين.. فهذا خير عظيم.

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

أحمد الجمال

«ومن الأوباش.. لص قصص»

«ومن الأوباش.. لص قصص»

جميل مطر

مع المعلم جورج

مع المعلم جورج