نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / مقالات / … وماتت ملكة العالم!

… وماتت ملكة العالم!

مودي حكيم
مودي حكيم

مع فجر الخميس – الثامن من سبتمبر الجاري – غفا القمر، وغطّت سماء إنجلترا أضواء البروق، وبريطانيا.. فوقها مجاهيل السماء. 

زمجرت السماء، وفتحت أبوابها للأمطار.. مع يقظة الفجر، ولم تتوقف.. حتى ماتت الملكة إليزابيث، «ملكة العالم» – كما أُطلق عليها – عصر اليوم نفسه. 

ماتت، التي كانت حجر الزاوية الراسخ.. في بنيان المملكة المتحدة، ومرآة بريطانيا. 

لم يسجل التاريخ أن سيدة حكمت بلادها.. لمدة 7 عقود متتالية، ولا يتفوق على الملكة في طول مدة الحكم.. إلا الملك الفرنسي لويس الرابع عشر.

حسب مجلة Forbes، تُعد إليزابيث الثانية.. أشهر حاكمة في العالم؛ شعبية جارفة، محبوبة.. في أوساط البريطانيين بنسبة تفوق 95%، وتُعتبر أيقونة عالمية، والوجه الأبرز للقوة الناعمة البريطانية، لدرجة أن اسمها تحول إلى علامة تجارية.. تجذب ملايين السياح كل سنة. 

إليزابيث.. كانت تُذكّر البريطانيين بعصرهم الذهبي، أتقنت الملكة فن الحديث بما فيه الكفاية.. خلال فترة حُكمها، لم تقُل قط أي شيء.. قد يسيء إلى المواطنين أو المسؤولين.. على حد سواء.

وبحسب الصحفي ماثيو نورمان بصحيفة The Daily Telegraph البريطانية: «لا أحد منّا لديه أدنى فكرة.. عما تعتقده الملكة، وهذا هو ما يجعلها مميزة، وأفضل ما يفسر نجاحها». وأشار إلى أنه.. بعد كل تلك السنوات، لم يكن لدى شعبها سوى فكرة غامضة.. عما يدور في رأسها. وعلى الرغم من كونها أكثر شخصية عامة على كوكب الأرض.. لا يمكن اختراقها، فإنها – في الوقت نفسه – مألوفة بشكل فريد.. وغير مسبوق، ما يجعلها شخصية محبوبة لدى البريطانيين وغيرهم أيضاً.

بلغت الملكة سن الرشد خلال الحرب العالمية الثانية. وفي شبابها – قبل أن تصبح ملكة في فبراير 1952 – كانت بمثابة تذكير.. بقوة المملكة المتحدة في تلك الحرب، فقد شاركت في الحرب – بدور عملي.. رغم سنها اليافعة – بانضمامها إلى الخدمات العسكرية المعاونة.. في عام 1945؛ حيث تدربت لكي تكون «ميكانيكي سيارات»، فكانت بذلك.. أول عضو في العائلة الملكية، ينضم إلى القوات المسلحة.. كعضو عامل.. بدوام كامل يومياً، وهو ما يُعد سبباً رئيسياً.. لتقدير البريطانيين ومحبتهم لها. 

وفي الاحتفال بتتويجها – عام 1953 – وهي في السابعة والعشرين من العمر، قُدمت الملكة إلى العالم.. بوصفها تشكل بداية جديدة.. لمملكة فقيرة، وإمبراطورية متفتتة. 

قالت الملكة: «بما أننا لم نعد قوة استعمارية، فلا نزال نحاول أن نتقبل ما يعنيه ذلك.. بالنسبة لنا، وبالنسبة لعلاقاتنا مع باقي أنحاء العالم». وأكدت الملكة دعمها لرابطة «كومنولث الأمم»، التي جمعت بريطانيا ومستعمراتها السابقة.

عندما أُعلن الخبر الحزين، هرع الشعب البريطاني إلى قصر باكنجهام بلندن، وقصر وندسور، وقصر قلعة بالمورال.. في اسكوتلندا (قصرها الصيفي.. حيث كانت تقيم وقت وفاتها)، امتلأت الطرقات بباقات الزهور.. المُبلَّلة بدموع شعب أحَبَّ مليكته. ونعى الإبن – الذي أصبح ملكا لبريطانيا – «تشارلز الثالث» والدته.. بقوله «وفاة أمي العزيزة.. جلالة الملكة، لحظة تحمل الحزن الأكبر لي.. ولأفراد عائلتي كافة»، مؤكداً أنه وعائلته.. «مطمئنون»؛ بسبب الاحترام الذي تمتعت به الملكة الراحلة.. حول العالم.

 

نقلاً عن «المصري اليوم».

 

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

مصطفى الفقي

اعترافات ومراجعات (8).. «أحلام الشباب.. ذكريات لا تنسى»

اعترافات ومراجعات (8).. «أحلام الشباب.. ذكريات لا تنسى»

نبيل عبدالفتاح

الحياة الرقمية وثقافة التفاهة

الحياة الرقمية وثقافة التفاهة