نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / كريسبن بلنت: حكم دولة حديثة يتطلب في الوقت الحاضر حكومة حديثة

كريسبن بلنت: حكم دولة حديثة يتطلب في الوقت الحاضر حكومة حديثة

أجرى اللقاء: عبدالله حموده

في زمن التحديات الذي تعيشه مصر، وهي تنبذ ممارسات قديمة، فرضت عليها التخلف، وتعيد البناء على قاعدة إرادة التغيير، الذي أفرزته الثورات الشعبية، من الضروري أن نجتهد للنظر إلى أنفسنا بعيون الآخرين.

وفي عصر العولمة، لايستطيع أحد أن يعيش بمعزل عن الآخرين. ومن الضروري الخروج من إطار التقييم الذاتي للأمور، والتعامل مع الحياة كما هي في الواقع، وليس كما نريدها أن تكون.

وقد لاتكون رؤى الآخرين صحيحة أوكاملة، ففي معظم الأحيان تكون تلك الرؤى ناتجة عن مصادر معلومات محدودة، وتصورات ذاتية للعالم. لكن معرفة ما يعتقده الناس بشأن أوضاعنا، وفهمهم إياه، يعتبر حيويا للغاية، من أجل التوصل إلى تفاعل بناء وتعاون معهم.

img_4177

انطلاقا من هذه الروح، كان موقع “تايمز أوف إيجيبت” (أحوال مصر)، حريصا على استكشاف الرؤية البريطانية للحالة المصرية الراهنة، بعيون رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني (البرلمان) النائب كريسبين بلنت.

• فى ضوء اهتمامكم الواضح بمنطقة الشرق الأوسط ، وزيارتكم بعض دولها فى مناسبات مختلفة ، خاصة خلال السنوات الست الكارثية الأخيرة . هل يمكن أن تشرح أسباب الأهتمام البريطاني بالشرق الأوسط ؟ كيف ترون ما يجري هناك؟ وماذا تأملون أن تكون نتيجة الأحداث الراهنة؟

•• هذا سؤال واسع، لا يتناسب معه إلا سؤال: ما الذي يمكن أن تشهده الحياة فى بريطانيا من تغيير، بعد خروجها من الأتحاد الأوربي؟ وربما تكون الإجابة هى: ليس بالكثير ، فالتوقعات محدودة.

لكن لدينا اهتمام كبير بالازدهار الإقتصادى والأستقرار في المنطقة. وكلاهما – في مصر أيضا – يتعرضان لضغوط شديدة. ويمكن القول أن السياسة البريطانية – في ارجاء المنطقة – أسهمت دون قصد على الأطلاق ، ليس فقط في خلق مشكلات مصر ، بل في مشكلات المنطقة كلها ، كما نرى في ” تقرير شيلكوت” ( بشأن التدخل البريطاني في حرب العراق عام 2003)، الذي يلقى الضوء على الأسباب الأساسية لذلك .

• بالنسبة الى مصر – على وجه الخصوص – ألاحظ أنها تحتل مكانة خاصة بين  أهتماماتك، فقد زرتها مرتين هذا العام – كيف ترى الموقف في القاهرة ؟

•• كانت زيارتي لأغراض مختلفة؛ فالأولى كانت لأفتتاح مركز طبي ، أسسه صديق مصري– بريطاني، وتكلف المشروع استثمارات كبيرة. أما الثانية فكانت مرتبطة بعمل لحنة العلاقات الخارجية (في مجلس العموم البريطاني)، img_4171وتقصي موضوع التدخل البريطاني في ليبيا.

ومن الصعب ألا يشعر الإنسان بالتشاؤم بشأن مايجري في مصر- فهناك – بشكل واضح – قضية مقتل الطالب الإيطالي فى جامعة كامبريدج البريطانية جوليو ريجيني، التي تلقى بظلالها على العلاقات المصرية – الإيطالية. لكن ذلك الشاب كان طالبا فى جامعة بريطانية. وتبدو الطريقة التي قتل بها موضع غضب بالغ فى إيطاليا. وهذا يعتبر – بشكل ما – مثالا على ثقافة عدم الأكتراث بالمساءلة، لدى جهاز الأمن الداخلي في مصر.

كان هذا هو سبب ما تعرض له نظام مبارك من متاعب في الأصل. وهناك ما يشير الى أن  الرئيس  السيسي يحاول معالجة الأمر، لكن مصر تواجه مشكلات هائلة، وهي جميعا مرتبطة بقضايا المجتمع المصري بشكل عام، ومنها غياب السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية، ودور الشرطة وأجهزة الأمن في المجتمع. وفي هذا الشأن، فإنني أشجع زملائي البرلمانيين المصريين، على محاولة توسيع نطاق عملهم، وأخضاع تلك المؤسسات للمحاسبة.

• لكن يجب أخذ الظروف التي تعيشها مصر حاليا في الأعتبار، فهناك تصور عام بأن مؤسسات البلاد تتعرض لتهديد بهجمات إرهابية مباشرة. وهذا  يدفع الناس إلى تفضيل أولوياتهم، ومن هنا يأتي الأمن قبل الأصلاح.

•• (مقاطعا) يستطيع الإنسان لمس ذلك في أجواء القاهرة، فقد كان الجو العام في حالة بالغة الأحباط. وكانت الروح المصرية في أدنى درجاتها . وأشك في أن البعض ربما يرى في ذلك مبالغة كبيرة. لكنه ينعكس في النشاط السياحي. فقطاع السياحة الراكد له أثار مدمرة على مختلف قطاعات الإقتصاد المصري الأخرى.

كل هذه الملاحظات واضحة ،ولا تحتاج إلى من يروجها. ومن ثم ، تعاني الحكومة والشعب المصري من تلك المشكلات الإقتصادية .

• أعتقد انك تشير إلى المشكلات في سياق التشجيع للبحث عن حلول. لكن هناك مشكلة التعامل مع الإرهاب في مصر. والرؤية السائدة هي أن مسئوولية الإرهاب تتحملها جماعة الأخوان المسلمين. فقد فشلوا في الحكم وخذلوا مصر. والأن تخلق معارضتهم العنيفة للحكم الحالي، إحساسا بأن الوطن كله تحت التهديد. ومن ثم فإن أجهزة الأمن تبدو في حالة دفاع عن النفس، وإن كان – في بعض الأحيان – عنيفا أيضا. هل هذا ما تعنيه؟

•• حسنا، هذا جزء من التراجيديا المصرية. فلو أن الإخوان المسلمين استمروا بنفس الطريقة التي كانوا يمارسون بها السلطة حتى نهاية الطريق ، لكانوا تلقوا – بكل تأكيد – عقوبة انتخابية قاسية، على أيدي الشعب المصري في الأنتخابات التالية التى يواجهونها، في ضوء الحالة التي كانت عليها البلاد في شهر يوليو (تموز) عام 2013. لكن العملية – لسوء الحظ – اتخذت مسارا أخر على يد القوات المسلحة، ولم تتحقق فرصة معاقبة حكومة الأخوان على يد الشعب المصري، على النحو الذي كان يمكن أن يحدث. وأنا – بصفتي ليبرالي علماني – كنت أفضل أن تلقى حكومة الإخوان المسلمين هزيمة أنتخابية على يد الشعب المصري، بدلا من إطاحتها على يد الجيش .

• ماذا عن الحجة التى تقول: لو أن الإخوان المسلمين ظلوا في السلطة لمدة 4-5 سنوات، لما كان بمقدور الشعب المصري طردهم من الحكم أبدا. وهناك سابقة تاريخية في هذا الشأن، فقد وصل النازيون إلى السلطة في ألمانيا عن طريق الأنتخابات، وفشل الجيش الألماني في إطاحتهم مرتين ؟

img_4224

•• لم أشعر أبدا بأن قضية السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية كانت موضع تفكير في عهد الرئيس مرسي. وأعتقد أنه تلقى تحذيرا حازما، بأن المؤسسة العسكرية كانت خارج سيطرة الحكومة في ذلك الوقت. ولم يكن لدي إحساس بأن الموقف تغير فى عام 2013، أو أنه كانت هناك احتمالات لتغيره في نهاية فترة رئاسة مرسي.  فقد كانت هناك مواجهة قضائية في ساحة المحكمة الدستورية العليا. لكننى أعتقد أنه كانت هناك مبالغة في القلق، النابع من التخوف من استحالة التخلص من حكومة الإخوان. لكن كان هناك بعض الناس الذين تعمدوا خلق إحساس يالأزمة، ومن ثم عملوا جاهدين على إفشال حكومة الأخوان.

في إعتقادى أن حكومة الإخوان كانت ستفشل على أي حال، لأنهم حاولوا تطبيق وصفة قديمة ، تعتمد فهما عمره يزيد على 1400 عاما لنصوص دينية ، في إدارة دولة حديثة، مما كان سيؤدى إلى تدميرها. ومن ثم كانوا في طريقهم إلى السقوط على أي حال.

رأيي الشخصى، أنه من الضرورى أن تكون هناك حكومة عصرية، لإدارة شؤوون بلد حديث في الزمن الحاضر.

• في مخالفة للدستور ، ومن الناحية الواقعية ، رأى كثيرون أن مرسي كان مجرد “مبعوث” لجماعة الأخوان المسلمين في القصر الجمهوري. فقد كان أتخاذ القرارات المهمة يتم بواسطة المرشد العام أو مكتب الأرشاد.

•• (مستدركا) وكذلك – بوضوح- هناك تحديات أخرى ، من بينها المقارنة بين حركات المعارضة  الجديدة في شمال افريقيا ، وتلك الحركة السياسية غير الناضجة ( يقصد الأخوان المسلمين)، التي بدت في لحظة ما، وكأنها تقاوم إغراء المنافسة في الإنتخابات الرئاسية، رغم أن التقديرات أشادت حينئذ إلى أنها يمكن أن تفوز، وفازت بنفس نسبة التصويت البريطاني على الخروج من الأتحاد الأوربي وهي 52% مقابل 48% . وعندما قررت خوض معركة أنتخابات الرئاسة ، لم يستطيعوا تقديم المرشح الذي أرادوا ، ونحن نعرف ماذا جرى بعد ذلك.

نحن الأن (في لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان البريطاني) نعد لعقد لجنة تحقيق حول قضية “الإسلام السياسي “. وهناك ما يشير إلى أنه في بعض مناطق شمال افريقيا – مثل تونس- أن حركتهم بلغت حالة من النضج كتنظيم سياسي، وبدأت تحدد موقفها، من حيث القضايا (الفلسفية الدينية) التي تتعلق بنشاط المسجد، وتلك المرتبطة بالعمل العام، وتتناول المشاركة في المجال السياسي.

• يعتبر زعيم  حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي لاعبا سياسيا من مستوى رفيع، فقبل عودته الى تونس بعد 20 عاما من الإقامة فى لندن، كان يعقد أجتماعات منتظمة مع مثقفين غير إسلامين، وهو يبدو سياسيا براجماتيا، رغم أنه ينطلق من أيديولوجية الأخوان المسلمين نفسها.

•• حسنا، هذا جيد. القضية هي ما إذا كان ذلك من حقه، فلا يستطيع أحد الأحتجاج على أنه يتبع سياسات ماهرة ، وإن تناقضت مع أيديولوجيته. وفي حقيقة الأمر،  فإن القضية المهمة هي حماية الدستور. وبالنسبة للمصريين، كان هناك قلق في الأوساط الشعبية التي أيدت أستبدال حكومة مرسي، من أنه لن يكون هناك دستور أخر، لأن الدستور علق ( بالقرار الرئاسي الذي أصدره مرسي في نوفمبر 2012). وفي هذا الشأن، فإن دور الجيش كان يجب أن يضمن، أن انتخابات مرسي لن تكون أخر الأنتخابات.

• هناك تقرير  أعده مكتب قانوني بريطاني، عن الحالة الدستورية في عهد الأخوان، بتكليف من وزارة العدل المصرية، هل اطلعت على هذا التقرير؟

•• اعتقد أنه جرى تقديمه للجنة التحقيقات التي نعد لعقدها .

 ما هو الأفضل في رأيك: ان تكون هناك أحزاب سياسية دينية في السلطة أو المعارضة ؟ أو أن يتركز العمل على تربية المواطن على أعلى مستوى من القييم الدينية (مسلما كان أم مسيحيا أو غير ذلك)، وأن يمارس ذلك المواطن حقوقه السياسية، من أي موقف سياسي يراه مناسبا لتوجهاته ؟

•• أحد وجهي العملة في التعامل مع هذه النقطة، هو تقصى قضية الإسلام السياسي. والسؤال الأساسي الذي أحاول التوصل لأجابة عليه، هو: إلى أي درجة يعتبر فكر الإسلام السياسي محدودا أو منغلقا؟ لأن هذا سيكون جزءا من التقاليد السياسية في العالم العربي. وبالنسبة للمسيحية ، هناك المسحيون الديمقراطيون في أوربا منذ أكثر من 150 عاما، وتمكنوا من خلق وجود شرعي لهم في إطار المنافسة على التأييد الشعبي لأفكار متصارعة.

وهناك سؤال أخر بشأن إمكانية ضمان أن الأفكار المتصارعة – مثل الليبرالية والعلمانية والأشتراكية أو غيرها – تجد المساحة الشرعية التى تستحقها في إطار النظام السياسي، وأن تظل المنافسة بين هذه الأفكار مستمرة، ولا تصل الى طريق مسدود .

img_4171

• في لجنة التقصى التي تعتزم عقدها والدراسة التي تقوم بها، هل يجرى كل هذا في إطار توجه ” الأستشراق الجديد”؟  فهذا التوجه – كما تعلم- يحاول قولبة الشرق الأوسط في إطار إسلامى ، وإن كان لا يأخذ بعين الأعتبار فهما حقيقيا وراقيا للإسلام، وإنما ينحو نحو ما يروج له برنارد لويس، وأخرون من الشخصيات البارزة في هذه المدسة الفكرية .

•• من أسباب سعادتي ، أنني لا أعرف الكثير عن ذلك، لكي أقدم لك أجابة فلسفية . فأنا ممارس متواضع للعمل السياسي. وما أعرفه عن الأوضاع السياسية المصرية، يتحدد في نتاج زيارات قليلة، وحوارات مع قيادين مصريين. ما إذا كانت الأفكار التي أعتقدها تحظى بقبول في مصر، ويمكن أن تكسب تأييدا واسعا في المستقبل، أتمنى ذلك. وإن كانت الأحزاب الليبرالية التي تتوافق مع أفكاري في مصر صغيرة جدا، كما أنها تتصارع فيما بينها.

• لسوء الحظ ، ليس هؤلاء على درجة كافية من النضج.  فقد تأسست تلك الأحزاب في عهد الرئيس السادات، وأستمرت في عهد مبارك، وسمح الأخير للإخوان المسلمين وحلفائهم الآخرين بالحركة و الانتشار، لكي يخيف الغرب من البديل لحكمه، في الوقت الذي جمد فيه الأحزاب الليبرالية .

•• وكذلك فإن حزب مبارك كان حزب مؤسسة الدولة، وتشابهت ملامحه مع ذلك الحزب الذي تأسس في روسيا، لتأييد حكومتها الحالية. ولاشك أنه – في قادم الأيام – سينهار بشكل دراماتيكى، على النحو الذي حدث لحزب مبارك.

• بالنسبة للموقف البريطاني تجاه مصر، تحدثت مع مسؤولين في وزارة الخارجية (البريطانية)، ولاحظت أنه – وراء اللهجة الدبلوماسية المتبعة – هناك شعور بالفتور بشأن العلاقة مع مصر، وليس الدفء و التفهم الذي يتمنى الإنسان أن يجده. وقد جعلني هذا أشعر وكأنني طفل يعاني، بسبب علاقة متوترة بين والديه. هل هذا تعبير دقيق؟

•• هذا شيء صعب أن يراه الإنسان في الحقيقة، وأنا أيضا أشعر بالاكتئاب . فمن الصعب أن يجد الإنسان مخرجا لمصر من المشكلات الحالية. فالتأييد للرئيس يبدو في انحسار. ويبدو أن عناصر في الإعلام حصلوا على ترخيص بالهجوم عليه. ولا يعرف أحد من أين يأتي ذلك . لكن شيئا واحدا جيدا خرج إلى الضوء، وهو أن ممارسة (الرئيس ) لسياساته أصبح مفتوحا وموضوعا للانتقاد، وهو ما يجعل القيادة في موضع المحاسبة من أجهزة الإعلام . لكن المؤسسات السياسية التي أوجدها …

• (مقاطعة) لم يوجدها هو، ولكنه ورثها.

•• نقطة مقبولة. اللجنة التي شكلها هو لوضع مسودة الدستور، ثم فتحت الطريق لانتخابات برلمان 75 – 80 % من أعضائه جدد، ويعنى ذلك أنهم يستكشفون أي سلطات دستورية مناطة بهم، وكيف يحافظون على استقلاليتهم في مواجهة السلطة التنفيذية .                                         

السؤال هنا هو: كيف يمكن للبرلمان المصري البدء في تحقيق استقلاليتهم؟ لقد شجعت نظرائي على النظر في مجال حقوق الإنسان. فهذا هو مجال يمكنهم من خلاله توسيع نطاق اختصاصهم، وتقصي ما إذا هناك خروقات جسيمة لحقوق الإنسان، وإساءة لاستخدام  السلطة من جانب قوات الأمن. هذا هو المجال الأمثل ، الذي يجب  أن يتخذوا فيها موقفا، نيابة عن الشعب الذي يمثلونه.

• هل التقيت برلمانين مصريين؟

•• التقيت السيد/ العرابي وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية، وجرت بيننا مناقشات توافقية.

• كيف تقييم أدائهم في العمل؟

•• لا أعرف الكثير عن ذلك، لأنني لا أتابع نشاطهم بصفة منتظمة. كل ما أعرفه، هو أنني التقيت بعض البرلمانين من ذوي المستوى الرفيع، على نفس المستوى مثل نظرائهم النواب في هذا البرلمان (البريطاني) من حيث القدرات. وهم يحاولون إحداث تغيير، ويعرفون مسئوليتهم تجاه شعبهم. لكن مؤسستهم ليست ناضجة بشكل كاف، لست أدري أي سلطات دستورية يمكن أن يحصلوا عليها. أما بالنسبة للتشجيع، فأمامهم فرصة لتفعيل السلطات الدستورية لمؤسستهم. فمن حيث الدستور والقانون، تتمتع مؤسستهم بسلطة، لكن عليهم أن يمارسوا هذه السلطة بثقة.

• في إطار الرؤية المصرية للتهديدات ضد بلادهم، هناك قلق كبير بشأن الحدود مع ليبيا. فما يجري في ليبيا – من هذا المنظور- تهديد للأمن القومي المصري.

•• (مقاطعا) وهو أيضا تهديد للأمن القومي الايطالي ، و التونسي أيضا.

• هل ناقشت هذا الموضوع مع من التقيت في القاهرة؟

•• نعم كان هذه هو سبب الزيارة البرلمانية الثانية.

• ماذا كانت رؤيتك في ذلك النقاش؟

•• مصر شريك قوي ضمن الإجماع الدولي بشأن ليبيا. لكن السيد حفتر لا يؤيد سلطة الوفاق، ومصر تؤيد حفتر. ومن الضروري أن يوضح أحد حقيقة الموقف لبريطانيا

•  هل هناك طريقة – في رأيك – للتوصل إلى تنسيق في المشهد الليبي؟

•• في حدود ما أفهم ، لا يقبل حفتر التبعية لوزير دفاع  سلطة الوفاق العام. وإذا قبل ذلك، ما كانت ليبيا لتواجه الاحتمالات الخطيرة، التي يتحدث عنها كثيرون في الوقت الحاضر .

•  كيف يمكن الانتقال من حالة المراقبة والتقييم والانتقاد ، إلى حالة المشاركة و التفاعل من أجل معالجة إيجابية؟

•• من الواضح أنه تم انجاز كل شيء على المستوى الدولي بشكل جيد. فقد نسق المجتمع الدولي مواقفه. ومن ذلك أنه عقد اجتماعا في العاصمة النمساوية فيينا – برئاسة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري – وكانت مصر جزءا من هذه الإجماع العلني. لكن ما يحدث على الأرض في ليبيا انطلاقا من أجندات قومية، لا يتطابق مع هذا الإجماع .

• أليس هناك تبادل لوجهات النظر والمعلومات ومشاورات بين مصر والأطراف الأخرى في المجتمع الدولي لتنسيق السياسات؟

•• في حدود ما أعرف. الإجابة هي نعم. ولكن ما لا يعرف، هو ما إذا كانت وزارة الخارجية المصرية تتصرف على النحو الذي تتصرف به المخابرات المصرية. ربما كنت أنت في وضع أفضل لشرح ذلك.

• حسنا، أشعر بدهشة بالغة، من أنك تعتقد أن مصر تتحرك في اتجاهات متناقضة .

•• إذا كنا سنتحدث عن ذلك ، وفي ضوء ما نفهم بشأن ما تفعله فرنسا، ربما يشعر الإنسان بالدهشة، من أن دولا متعددة تفعل ذلك. فقد تضمن تقرير نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن قوات خاصة فرنسية، تساعد الجيش الوطني الليبي الذي يقوده اللواء حفتر، على العمل في منطقة بني غازي. غير أن وزارة الخارجية الفرنسية نفت ذلك، على نفس النحو الذي نفى به وزير الدفاع البريطاني ( مايكل فالون)، ما جاء في تقرير نشرته صحيفة ” التايمز” في صفحتها الأولى ، بشأن مشاركة قوات خاصة بريطانية في عمليات داخل ليبيا. يبدو كل هذا مثارا  للسخرية .

img_4221

• أفاد تقرير ” التايمز” أيضا ، أنه كان هناك مترجمون أردنيون – أيضا – مع القوات الخاصة البريطانية.

•• نعم . وكان كل ذلك يحدث، بينما كان الملك الأردني عبد الله يشرح لأعضاء الكونجرس الأمريكي حقيقة ما يجري. وما الدور الذي تلعبه أجندة المجتمع الدولي، وكذلك الأجندات القومية للدول المختلفة. سواء كان ذلك في دعم الموقف الدولي، أو متابعة المصالح القومية لكل دولة. لا يبدو الأمر واضحا تماما بالنسبة لي، بشأن ما تتحدث عنه جهات عديدة ، عما يفعله كل طرف في إطار الإجماع الدولي ، وفق إطار مصالحه القومية.

س – هل تعني فيما تقول ، أن التنسيق الذي تنشدونه مع  مصر، يمكن أن يكون أسهل من التنسيق مع فرنسا، في ضوء الظروف الراهنة في الإتحاد الأوربي؟

ج – ربما كان ذلك ممكنا . أعتقد أن هناك تعقيدات متماثلة في كلتا العلاقتين.

• أريد العودة إلى موضوع الإخوان المسلمين. وصف الدكتور محمد حبيب – هو نائب سابق للمرشد العام للجماعة ، أنشق عنها – تنظيمها بقوله أنها “فيدرالية إسلامية سرية، ذات فروع في دول متعددة، تشترك في نفس الأهداف الأيديولوجية، تتسم بالبراجماتية في تصرفاتها، وتعمل من أجل الوصول ألى السلطة، وتطبيق الشريعة،  وتلتزم بالولاء والطاعة”. من دراستك لجماعة الأخوان المسلمين، هل ترى هذا الوصف دقيقا؟

•• طالما أن هناك حقيقة في هذه المقولة، سوءا كان ذلك بعض الحقيقة أو كل الحقيقة ، فإن الحقيقة تعتمد على الموقف الذي يتبناه الإنسان تجاهها.

وإذا تبنى الإنسان موقفا محايدا من التيار الإسلامي ككل؛ بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين ذاتها. فإنها ستكون جزءا من هذا التوصيف، وأستطيع التعرف على عنصر واحد على الأقل منه. فالجماعة تتسم بدرجة عالية من الانضباط، وتلتزم بالطاعة. ومن ثم يصبح السؤال هو: هل  هي منظمة ثورية ؟ وكما تتضمن مقولة التوصيف، يظل هذا السؤال يحتاج إلى إجابة. وأعتقد أن هناك تشابها – إلى حد كبير – بين الجماعة وبين الحركتين الماسونية و البولشفية .

س – بصفتك أبن ضابط كبير برتبة “جنرال”، وكنت أيضا ضابطا في الجيش البريطاني لمدة 12 عاما – كما قلت لنا- وأنت الآن نائب برلماني منتخب، كيف ترى العلاقة بين السياسي المنتخب كسلطة عليا، فوق المؤسسة العسكرية؟

•• ( مقاطعا) هذا هو الأمر المفتقد في مصر.

• ما أعنيه هو: كيف تشعر كرجل عسكري أصبح رجل سياسة ؟

••  أشعر بضرورة الخضوع للمحاسبة .

• هل هذا يعني التقليل من شأن المؤسسة العسكرية أو إهانتها؟

•• حسنا، إذا كان الإنسان يحاول القول بأن المؤسسة العسكرية في مصر، يجب أن نعرف موقعها (في الدولة)، فإنها ظلت تحتل مكانة بارزة لفترة طويلة جدا . كما أن هناك سيطرة من المؤسسة العسكرية، على قطاع كبير من الاقتصاد المصري. وهناك تقديرات متفاوتة من جانب خبراء اقتصاديين، بشأن حجم الشريحة من الاقتصاد التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية في مصر. وهذه هي إحدى القضايا  التي تحتاج إلى معالجة في المجتمع المصري .

كانت ستكون أمامي فرصة أفضل لخوض غمار الحياة السياسية في مصر، لو أنني (كنت مصريا)، وبقيت في الجيش. ولم أنتقل إلى السياسة عن طريق الانتخابات، عندما كان عمري 30 عاما.

• إلى أي حد تشعر أن جماعة الإخوان المسلمين مظلة دينية، تغطى كافة مدارس “الإسلام السياسي” – كما يحبون أن يسموها – بما في ذلك تلك  التي تعبر عن نفسها بأساليب “راديكالية” و” عنيفة” وحتى ” إرهابية ” ؟

•• لهذا السبب نعد لعقد لجنة تقصي الحقائق، في محاولة للإجابة على هذا السؤال، ومعالجة القضية على أفضل نحو ممكن. وسترى إجابة منهجية على هذا السؤال، في التقرير الذي سنصدره عن الإسلام السياسي في ختام عملية تقصي الحقائق.

• متى ستعقدون هذه اللجنة ؟

•• لم نحدد الموعد بعد ، فاهتمام لجنة الشؤون الخارجية – كما هو الحال في مختلف المؤسسات البريطانية – يتركز على قضية كيفية الخروج من الاتحاد الأوربي، لأنها الأكثر إلحاحا الآن، وليس على القضايا طويلة الأمد. لكن فهم ” الإسلام السياسي” ضروري، خاصة بالنسبة  لكل شخص مهتم بمنطقة الشرق الأوسط.

•  السؤال الأخير. في ضوء عولمة التجارة والإعلام والسياسة، وكل شيء أخر . هل تعتقد أن اتباع سياسات “غربية” خاطئة في مناطق مختلفة من العالم ، يعزز مفهوم ” عولمة الإرهاب” أيضا؟ بمعنى أن ما تفعلونه في مناطق العالم الأخرى، يعود إلى بلادكم ويلحق بها الضرر؟

•• أتفق مع هذا الرأي . فأنا لا أحب الحديث عن نجاح في الحفاظ على قيمنا الاجتماعية، إلا إذا ذلك يتضمن الحفاظ على تلك القيم فعليا. لأن خرق هذه القيم والخروج عنها، وقمع الشعب بطريقة غير قانونية، يعود على من يقترفه ويلطمه في وجهه. فلا يمكن استخدام قواعد القانون، لخرق تلك القواعد – ذاتها – التي أرستها المؤسسات الديمقراطية. فعلى سبيل المثال يعتبر انتقاد سياسات التدخل الغربي في كوسوفو والعراق، وفي القضية الإسرائيلية-الفلسطينية، باعتبارها خروقات صارخة وصريحة للقانون الدولي، وهذا يجعلنا نبدو منافقين، ويدفع الآخرين إلى وصفنا بالنفاق .

شاهد أيضاً

جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الثانية من قناة السويس بعد اقتحامهم «خط بارليف» 1973 (الهيئة المصرية العامة للاستعلامات)

مكتب الدفاع المصري بلندن يحتفل باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر

مكتب الدفاع المصري بلندن ينظم مساء غد الإثنين الثاني من أكتوبر ، إحتفالا رسمياً بمناسبة الذكرى الخمسين لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة.

تراجع سعر الذهب.. وعيار 21 يسجل 2175 جنيهًا

انخفض الذهب في مصر قرابة 20 جنيها منذ أمس الجمعة، على خلفية انخفاض سعر الذهب …