نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / مقالات / الغباء.. والمؤامرة

الغباء.. والمؤامرة

أمين الغفاري
أمين الغفاري

أتابع مقالات كاتبنا الكبير أحمد الجمال – سواء على صفحات المصري اليوم أو الأهرام – وأري في الكثير من الأحيان.. غضبته وغيرته في آن واحد؛ لما يتابعه من اجتهادات – أو بمعنى أصح سقطات – بعض من يحترفون لعبة المعارضة؛ ومنهم طبيب الأسنان (الأديب) صاحب المنتج الواحد الذي صنع به اسما في عالم الأدب، وهو «عمارة يعقوبيان»؛ فقد كانت تلك الرواية التي – لأسباب سياسية محضة – لمع بريقها، لكي يخبو بعدها بريقه وبريقها.. في آن واحد.

في عالم كتابة الأدب والقصة والرواية، ليس الكاتب عملا واحدا ناجحا.. كان سببا في شهرة، أو ذيوعٍ لصيت. فبدلا من ان ينكفئ على أدبه؛ بقصصه ورواياته، ويوليها اهتماما يزكيه في قائمة الروائيين والأدباء، نراه يولي وجهه وقلمه وجهة أخرى – وهي المعارضة – لعلها تكسبه اهتماما، أو تحفظ له اسما لا يغمره النسيان، وفاته – أو ربما تناسي – أن حتى صناعة الأسماء.. تحتاج الى قضايا حقيقية، يهب لها قلمه وجهده، بدلا من التسكع على حواري المواقف، أو التطاول في أبجديات الرأي أو الفكر.. بشكل عام.

اتذكر أنه بعد بيان 30 مارس عام 1968، وإعادة انتخابات الاتحاد الاشتراكي من القاعدة الى القمة، أن كنت طرفا في جلسة بجوار كوبري عباس في الجيزة، كان من حاضريها بعض الكتاب؛ في مقدمتهم الراحل الكاتب الساخر الأشهر محمود السعدني.. وكان مرشحا في الانتخابات، والراحلان حسن فؤاد وسعد كامل، وبعض الشخصيات الجماهيرية.. من مناطق في الجيزة (حارة ثانية وثالثة) و(حارة رابعه). وكان ضمن الجلوس شخص غير معروف.. كثير الغمز واللمز على الانتخابات وجديتها، مما أثار غضب الحضور، وكان محمود السعدني يسارع باحتواء الأمر.. بخفة ظله الغالبة، وإثارة الضحك.. للتخفيف من وطأة الأمر، وإن كان ذلك لم يُنس الحضور الاستفسار عن هذا الشخص، فعرفنا ان اسمه عباس ألأسواني.

أتذكر تلك الجلسة دائما.. حين يتصادف أن يطل علينا – دون رغبة منا – وجه طبيب الأسنان (علاء ألأسواني)، وقد علمت انه ابن السيد عباس ألأسواني، ويبدو انه قد رضع المعارضه من السيد الوالد، مع حرص على كراهية سيرة الضباط، أو تقلد بعضهم مناصب الحكم، وان كنت على يقين أن مصر لم ترتفع قيمة ومقاما.. إلا على اكتاف الضباط، وتقلدهم للمواقع القياديه في هذا البلد.

.. أمامنا – وفي ذاكرتنا – الأمثلة الحية.. محمد علي، واحمد عرابي، وجمال عبدالناصر. وفي وقتنا الذي نعاصره.. عبدالفتاح السيسي – كره الدكتور الأسواني أو لم يكره – فالرجل يصنع تاريخا، وسط اجواء وانواء.. تعصف بالكثير من دول العالم، والرجل – تحرسه عناية الرحمن – يبذل كل طاقته وجهده.

المدهش في الأمر، هو رضاعة الدكتور علاء الأسواني للمعارضة، وعشقه لليبرالية، المعروفة والمشهورة بمجتمع الحفاء. ولا ننسى الكلمة المشهورة في افتتاح الدورات البرلمانية من أي رئيس وزراء قبل 1952.. على تعاقبهم، «وسوف تعمل حكومتي على مكافحة الحفاء».

ثم في برنامج تليفزيوني رأيته صدفة أيضا – كان قدرنا رؤية الدكتور المعارض، وهو يشن حمله على الأستاذ الكبير صاحب التاريخ محمد فايق. فزعم أن عبدالناصر – حسب ما ذكر.. انها رواية الأستاذ فايق – أرسل طيارين او طائرات.. لمساعدة بلد افريقي (نيجيريا)، في الوقت الذي كانت فيه مصر في اشد الحاجة إليهم، لمباشرة استرداد ارضها بعد نكسة عام 1967.

والرواية – التي سمعتها مرارا من الأستاذ فايق – أن «عبدالناصر.. حين وصله طلب من القائد النيجيري يعقوب جون للمساعدة.. على استحياء. لاحتواء محاولة انفصال إقليم بيافرا.

وقال له في رسالته: أعلم الظروف الصعبة التي تمرون بها، ولكني أطلب مساعدتكم في التوسط لدى اي بلد، تكون ظروفه أفضل لكي يمدنا بطيارين مقاتلين، حيث ان لدينا طائراتنا، ولكن ليس لدينا عدد كافٍ من الطيارين». فاستدعى عبدالناصر الاستاذ فايق، وقال له إن نيجيريا في مأزق، وقضايا الحرية لا تتجزأ، وسقوط نيجيريا يسهل الضغط علينا، وصمود نيجريا يقوي من مواقفنا، وأنا لا أستطيع التضحية بطيارينا.. فهم ثروتنا الآن، فابتعد عن طيارينا في الخدمة، وتصرف».

فبدأ الأستاذ فايق البحث عن الطيارين خارج الخدمة؛ الذين احيلوا للمعاش ومازالوا صالحين للخدمة، او الذين تركوا لسبب أو لآخر، حتى تم تجميع عدد منهم، ذهبوا لنيجيريا.. بعقود خاصة، وأبلوا بلاءً حسنا، فحفظوا لنيجيريا وحدتها ودورها.

تلك هي القصة.. التي رواها الدكتور الأسواني، بأسلوب لا يمت للحقيقه بصلة (نسبة إلى مصدر)، وكان ظلماً، وتعطشا للتَّصيُّد.

ستبقي مصر يا سيدي – بدورها وبقادتها من قواتها المسلحة – رافعة أعلامها، ومرددة اناشيدها لقضايا الحرية والمجتمع، وسوف تمر مصر من كل أزمة.. بفضل عمل القادة وصبرهم، وثقة الشعب، ولن تلين او تنكسر، مهما كانت حملات الذين في نفوسهم مرض أو غرض، وموتوا بغيظكم.                                                                

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

أحمد الجمال

«ومن الأوباش.. لص قصص»

«ومن الأوباش.. لص قصص»

جميل مطر

مع المعلم جورج

مع المعلم جورج