نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / لماذا لا تنتصر الجيوش النظامية في اليمن أو كردستان أو أفغانستان؟!

لماذا لا تنتصر الجيوش النظامية في اليمن أو كردستان أو أفغانستان؟!

سعد الدين إبراهيم
سعد الدين إبراهيم

سعد الدين إبراهيم

خاض الجيش التركي جولة أخيرة من الحرب.. ضد مقاتلين أكراد – في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا – في أواخر شهر أكتوبر 2019. وتوقف القتال فقط بعد اتفاق أمريكي-روسي، بطلب أو بأمر إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وحسناً ما فعلته أمريكا وروسيا، لا فقط حقناً لدماء الأكراد، ولكن أيضاً حقناً لدماء الأتراك، وحفظاً لماء وجه الرئيس التركي، الذي ما كان سينتصر على أكراد سوريا، كما لم ينتصر – هو أو غيره – من الساسة الأتراك، أو العراقيين، أو الإيرانيين، أو السوريين على أكراد بلادهم خلال المئة سنة الأخيرة.

وتفصيل ذلك كالآتي:

1 – وطن الأكراد – أي أرض الكُرد، أو كردستان – هو منطقة جبلية، عاش فيها وعليها عدة قبائل تشترك في أصولها العرقية، تعود إلى الجنس الآري، ويتحدثون عدة لغات مختلفة، ولكنها متقاربة، وتعود جذورها إلى المجموعة اللغوية الهند-أوروبية، التي تنتمي إليها الفارسية، والتركية، والألمانية.

2 – لآلاف السنين، عاش الكُرد – بنظامهم القبلي – على هضبة عالية.. في شمال غرب القارة الآسيوية. وحين ظهر الإسلام في القرن السابع الميلادي في الجزيرة العربية، ووصل إليهم في القرن الثامن، اعتنقه معظم الكُرد، وتحمسوا له، وخاضوا المعارك والحروب من أجل نُصرته والدفاع عنه.

3 – مرت عشرات القرون والأكراد مستقرون في وطنهم كُردستان، تحدث بين قبائلهم توترات أو صراعات، ولكن سرعان ما كان يتم إنهاؤها بالطرق التقليدية.. بين قياداتهم القبلية. ولم يعش الكُرد في دولة حديثة، أو يُفكر معظمهم أن تكون لهم مثل تلك الدولة، إلى أوائل القرن العشرين. وحين انفجرت الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، وجد الكُرد أنفسهم يعيشون في كيانات سياسية لها شكل الدول، بترتيبات لم يُشاركوا فيها، ولكن صاغتها قوى استعمارية أوروبية.

4 – لأنهم لم يؤخذ رأيهم، ولم تُشارك قياداتهم في تلك المفاوضات، ولأنهم يعيشون في مناطق جبلية، فقد رفضوا أن يكونوا رعايا أو مواطنين في تلك الكيانات، في محاولات متعددة وممتدة لإخضاع الكُرد للسلطات المركزية في البُلدان الأربعة التي توزعت بينها كُردستان (إيران والعراق وتركيا وسوريا)، ولكن دون جدوى، رغم استخدام القوة المُسلحة في بعضها لعشرين سنة أو أكثر. وهو ما اضطر ثلاثاً من البُلدان الأربعة – وهي إيران، والعراق، وسوريا – لتسويات تصالحية، تعطي الكُرد حُكماً ذاتياً، وحقوقاً ثقافية.. تضمن لهم الحفاظ على لغاتهم وثقافاتهم المحلية، مع تمثيل عادل في برلمانات تلك الدول.

5 – ولكن تركيا ظلت البلد الشرق أوسطي الوحيد.. الذي لا يعترف بالكُرد، رغم أن عددهم فيها هو الأكبر، فهم ثلثا جملة الكُرد في الشرق الأوسط، ويزيد في تركيا وحدها عن خمسة عشر مليون نسمة.

6 – حينما ظهرت حركة الدولة الإسلامية في العراق والشام – التي عُرفت اختصاراً في وسائل الإعلام باسم «داعش» – لم تستطع الجيوش النظامية لإيران أو العراق أو سوريا أن تنتصر عليها. ولكن الذي استطاع ذلك هم المقاتلون الأكراد، وهو ما أثار مخاوف تركيا.. من احتمالات أن تؤدي تلك الانتصارات العسكرية للأكراد على «داعش»، إلى إحياء تطلعات الأكراد لتأسيس دولتهم في وطنهم.

7 – وكالعادة، استطاع التركي الجيش النظامي القوي احتلال الأرض، وبدا لمواطنيه (الأتراك) وحُلفاء تركيا في الخارج، كما لو كان قد حقق انتصاراً كبيراً. ولكن واقع الأمر، أن ذلك العمل المُسلح قد فاقم من مشكلة اللاجئين.. الذين نزحوا من الأرياف السورية إلى تركيا نفسها، أما المقاتلون الأكراد فقد سقط منهم من سقط في المعارك، وأما أغلبيتهم فقد انسحبوا إلى المرتفعات الجبلية، انتظاراً لفُرصة أخرى!

فأملهم في تأسيس دولتهم يتجدد مع كل جيل. وهم يُهادنون، ولكنهم لا يستسلمون، وقد يخسرون معركة هنا أو هناك، ولكنهم يعودون، بعد شهور أو سنوات. وكما يقول الفلكلور الكُردي إن حليفهم الأوفى، الذي لا يتخلى عنهم أبداً، هو الجبل، أي مرتفعات كُردستان.

8 – وليس الكُرد وحدهم الذين دوّخوا الجيوش النظامية، ولكن ذلك حدث في بُلدان أخرى قريبة، مثل أفغانستان واليمن.

9 – لذلك لم تنتصر أقوى دول العالم، وهي الولايات المتحدة، على الفيت كونج من لابسي البيجامات السوداء، بعد عشر سنوات من القتال بكل الأسلحة التقليدية الجبارة. ولم تستطع فرنسا أن تنتصر على المجاهدين الجزائريين، بعد ثماني سنوات من القتال الذي استخدمت فيه فرنسا كل ترسانتها من حِلف شمال الأطلنطي.

ولم يكن ذلك في الماضي القريب أو في الحاضر فقط، والمرجح أنه سيتواصل في المستقبل. فلم يكن مقاتل «الفيت كونج» الفيتنامي النحيل أقوى أو أكثر صحة من الجندي الفرنسي أو الأمريكي.. الأصح بدنياً، والأكثر تدريباً، ولكنه كان صاحب الروح المعنوية الأعلى، واستراتيجية الحرب الممتدة، أو الأكثر تكلفة بالنسبة للجيوش النظامية. وحيث أنه لم تكن هناك معارك فاصلة، فالقاعدة عند تلك الجيوش.. أنها إذا لم تحسم المعارك، تكون الخاسرة. بينما هي عند المقاومة الأضعف عدداً وعُدة، أنها إذا لم تُهزم.. فهي المنتصرة.

لذلك لم ينجح أردوغان، كما لم ينجح صدام حسين، في إخضاع الأكراد أو الانتصار عليهم.

وعلى الله قصد السبيل..
نقلاً عن «المصري اليوم»

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

السفير شريف كامل واللواء المشرفي وقرينتاهما أثناء عزف السلام الوطني. (تايمز أوف إيجيبت)

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في حرب أكتوبر المجيدة.