نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / مقالات / آخر اعتراف منطوق

آخر اعتراف منطوق

جمال فهمي
جمال فهمي

جان لوك جودار (1930-2021).. مخرج فرنسي كبير، ومن رواد تيار الموجة الجديدة، التي انطلقت نهاية خمسينيات القرن الماضي في أوروبا عموماً – وفي فرنسا وإيطاليا خصوصاً – وهو.. وإن كانت نسبة كبيرة من الجمهور العادي لا تعرفه، (ومنها الجمهور في بلادنا، رغم موقفه المتميز والإيجابي جداً من قضية فلسطين)، إلا أنه يسكن ذاكرة كل من يستهويه فن السينما في العالم.

ورغم أن جودار كان قد تجاوز عمره التسعين عاماً، إلا أنه ظل – كما صرَّح.. قبل أسابيع من وفاته – يعمل على مشروعين فنيين كبيرين، أولهما: فيلم بعنوان «حروب مرحة»، والثاني: عمل تليفزيوني. وقال إن المشروعين.. سيُنهي بهما مشواره الفني الطويل.

ربما تسأل، عزيزي القارئ، عن مناسبة الحديث عن جودار الآن؟
الحقيقة.. أنه لا مناسبة، سوى أنني أخيراً شاهدت واحداً من بواكير أعمال هذا المخرج الكبير، ومن أجمل الأفلام التي حملت توقيعه، وكنت سمعت به كثيراً، لكني لم أتمكن من مشاهدته إلا قبل أيام.. عندما وُفقت في العثور عليه.

الفيلم اسمه «الرمق الأخير» – أو ربما «النفَس الأخير» – أُنتج في عام 1960، استعرض فيه حكاية بسيطة – على طريقة مخرجي أفلام الموجة الجديدة – من وقائع عاديات الحياة.. التي قد تدهشنا أحياناً. وفي أغلب الأوقات، تمر علينا مرور الكرام.. دون أن نعيرها أي اهتمام، رغم غرابتها وفقدانها أي تفسير أو تعليل.

يحكي فيلم جودار.. حكاية بطلين أساسيين، هما ميشيل (لعب دوره جان جاك بولمندو) وصديقته باتريسيا، أما ميشيل.. فهو مجرد مشاغب وحرامي صغير، تبدأ مشاهد الفيلم بحادث.. يقوم فيه هذا الأخير بسرقة سيارة، فيطارده اثنان من رجال الشرطة؛ يقتل أحدهما أثناء المطاردة، وينجح في الإفلات من الآخر، ويختفي في باريس، ويلوذ هناك بباتريسيا.. التي كان قد تعرَّف عليها قبل هروبه. وإذ تستضيفه في شقتها الصغيرة، تشتعل بينهما علاقة غرام.. على خلفية مغامراته وألاعيبه ضد القانون، والمطاردات البوليسية ضده.. التي لا تكاد تتوقف طول الوقت.

ونفهم بسرعة، أن باتريسيا فتاة أمريكية تطمح إلى أن تصير – في يوم من الأيام – صحفية مرموقة، وهي تعمل كموزعة في الشوارع.. لإحدى الصحف الأمريكية؛ لكي توفر ما يكفي من مال.. لاستكمال دراستها.

تمضي مشاهد الفيلم، بينما الكاميرا تلاحقها، وتلاحق حبيبها الحرامي.. في شوارع العاصمة الفرنسية. لكن باتريسيا لا تكف عن مواجهة ميشيل.. بأنه لا يحبها، وتتهمه بأنه مجرد انتهازي، لا تمثل هي له سوى أنها صاحبة شقة تؤويه.. فحسب. وفي مواجهة هذه التهمة، لا يكف ميشيل عن النفي، والتأكيد على أنه يحبها فعلاً.

وإذ يقرر هذا اللص الصغير.. أن يتخلص من ملاحقات الشرطة، والحياة العبثية التي يعيشها في فرنسا.. بالهجرة من هذا البلد، والنزوح إلى إيطاليا، وقبل أن يُبلغ حبيبته بالأمر، تقوم هذه الأخيرة – فجأة ومن دون أي سبب منطقي – بالابلاغ عنه، وإرشاد الشرطة عن مكانه، حيث داهمته قوة منها، وجرت بينها وبينه مواجهة عنيفة، انتهت بسقوط ميشيل قتيلاً، لكنه – وهو يلفظ آخر أنفاسه – يهمس بكلمات.. يسمعها أحد رجال الشرطة، فتسأل باتريسيا هذا الأخير، بماذا تفوَّه ميشيل قبل أن يموت، فيقول لها الرجل: حسناً، تريدين أن تعرفي.. لقد قال إنك مقرفة جداً!

نقلاً عن «الأخبار»

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

أحمد الجمال

«ومن الأوباش.. لص قصص»

«ومن الأوباش.. لص قصص»

جميل مطر

مع المعلم جورج

مع المعلم جورج