نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / مقالات / بناء المجتمعات وغلاء الأسعار

بناء المجتمعات وغلاء الأسعار

أمينة خيري
أمينة خيري

رغم أنف الغلاء والأسعار، ورغم كل ما نكابده من أزمات اقتصادية، جانب منها يعود إلى أزمة عالمية، ورغم الاهتمامات والانشغالات المتشعبة والمختلفة، ورغم اعتبار البعض طرح المسائل الاجتماعية والتربوية في هذا الوقت الصعب هو رفاهية، إلا أن المسائل المتعلقة ببناء البشر لا يمكن التعامل معها إلا في إطار كونها أولوية قصوى. فالمكون البشري قادر على تحويل الأزمات إلى فرص، وقادر على الخروج من الأوقات الصعبة بأقل أضرار ممكنة، وقادر كذلك على عدم خلط الحابل بالنابل، حيث التحجج بالغلاء أثناء ضربه عرض الحائط بالقواعد والقوانين والضمير.

وأحمد الله كثيراً على أن البعض يشاركني هذه الرؤية، وأن هناك من مازالت لديه الإرادة والقدرة واليقين بأن العنصر البشري.. هو مربط الفرس في الإصلاح والإفساد. القارئ الدكتور رؤوف حنا الله أرسل رسالة قصيرة عبّر فيها عن انزعاجه الشديد مما جرى للمصريين على مدار العقود الماضية، وتحديداً منذ خمسينيات القرن الماضي. ولأنه يعيش خارج مصر منذ سنوات طويلة، فهو يرى المجتمع ككل وليس التفاصيل اليومية للحياة، وهي التفاصيل الكفيلة بإغراق أي نظرة عامة أو شاملة لفهم وتقييم ما يجري في المجتمع. يقول: «أصبحت على يقين مما أرى وأسمع أن الكثيرين من الأجيال الشابة ليس لديها أدنى فكرة عن العالم خارج حدودها الجغرافية ليس هذا فقط، بل إن البعض ممن يتصور أن لديه فكرة، عادة تكون مغلوطة ومشبعة بأفكار مسبقة أو معاد تدويرها».

وأتفق كثيراً مع القارئ العزيز، وتكفي نظرة سريعة لمحتوى الـ«سوشيال ميديا» الذى يغرق فيه الجميع، إنه شديد المحلية، مفرط في الذاتية، لا يخرج أغلبه عن إطار المكون الترفيهي والكروي والجدلي الذي يتصور أن العالم يبدأ في شبرا وينتهي في المطرية. وكل ما عدا ذلك فهو والعدم سواء.

القارئ العزيز محمد عطيطو، من الأقصر، يقول إننا في زمن «الهيصة السكانية». يتفق معي في الحاجة الماسة لإعادة بناء البشر، لكنه يقول إننا لا نؤجل، ولكن إما أننا لا نهتم، أو أننا لا نبادر. يقول «فمثلاً، في تطوير الريف، نادراً ما نضع مكون المكتبات أو المسارح وما يمكن أن يدور فيها ومن شأنه أن ينقل المجتمع نقلة نوعية بفعل الارتقاء بحياة البشر، موسيقى وفن ورسم ومواهب وغيرها. لكننا مازلنا أسرى تطوير المبنى وتوفير الكراتين. نريد أعمالاً فنية تخاطب الوجدان والعقل».

ويتساءل القارئ العزيز عن سبب عدم تخصيص أوقات في وسائل الإعلام، لا سيما التليفزيون والإذاعة لأصحاب الفكر والمعرفة والعلم من علماء اجتماع وصحة وسكان وغيرهم، بدلاً من الأصوات الزاعقة والغوغائية، وبدلاً من تخصيص الساعات الطويلة لعرض الجرائم البشعة والمشمئزة التي تخطت حدود البشرية والمنطق. أتفق معه تماماً، وأضيف: نريد أن نفهم لماذا تقع هذه الجرائم المروعة، لأن في الفهم وقاية وتأكيداً على أننا في حاجة ماسة إلى إعادة بناء.

نقلاً عن «المصري اليوم»

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

مصطفى الفقي

اعترافات ومراجعات (8).. «أحلام الشباب.. ذكريات لا تنسى»

اعترافات ومراجعات (8).. «أحلام الشباب.. ذكريات لا تنسى»

نبيل عبدالفتاح

الحياة الرقمية وثقافة التفاهة

الحياة الرقمية وثقافة التفاهة