نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / خاص>> الروائي إبراهيم عبدالمجيد: فرصة ذهبية أمام جيل الروائيين الحالي لمنافسة نجيب محفوظ

خاص>> الروائي إبراهيم عبدالمجيد: فرصة ذهبية أمام جيل الروائيين الحالي لمنافسة نجيب محفوظ

الروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد. (أرشيفية)
الروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد. (أرشيفية)

يرى الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، أن الجيل الحالى من الكتاب والأدباء لديهم فرصة كبيرة فى منافسة الأديب العالمي الحائز على نوبل للآداب العام 1988 نجيب محفوظ، في الوصول إلى الجائزة بشكل أسرع.

وقال «عبد المجيد» فى حوار خاص لـ«تايمز أوف إيجيبت» بمناسبة الذكرى الـ16 لوفاة محفوظ، إن الدولة مطالبة بدور كبير في نشر الأعمال الأدبية عالميا، داعيا إلى رصد مخصصات مالية لترجمة أعمال ونشرها في الخارج لكسب أرضيات جديدة وتغيير الصورة المأخوذة عن مصر والعرب بأنها أرض الإرهاب والدكتاتوريات.

واستعرض الروائي إبراهيم عبدالمجيد الحائز على جائزة الدولة للآداب هذا العام، ذكرياته مع الأديب العالمي، في ذكرى وفاته التى توافق اليوم 30 أغسطس، موضحًا أنه كان سببا في إخلاصه للرواية.

وإلى نص الحوار:

♦♦ في ذكرى وفاة الروائي العالمي نجيب محفوظ، كيف توطدت علاقة إبراهيم عبدالمجيد معه؟
علاقتى مع نجيب محفوظ مرت بمرحلتين، الأولى بدأت من الإسكندرية، وتحديدا في الصف الثاني أو الثالث الإعدادي، حين جذبتني روايتي زقاق المدق وخان الخليلي، وجعلتاني أتصور القاهرة وأعيشها، واستمرت تلك العلاقة عبر الروايات إلى الصف الثالث الثانوي حين نظمت المدرسة رحلة إلى القاهرة.

وحين وصلنا القاهرة، اصطحبنا مشرف الرحلة في جولة بحي الجمالية لنتجول في شارع خان الخليلي ومعالمه الأثرية التي عرفتها من روايات نجيب محفوظ، لذا كنت سعيدا لزيارتها، حتى أننى تخلفت عن زيارة الأهرامات في اليوم التالي لزيارة المنطقة وحدى. وعند مغادرة الرحلة للعودة إلى الاسكندرية تخلفت عنها مجددًا، قررت أنا أعيش فى الجمالية وأعمل بها، وبعد ذلك سألت نفسي «هتروح فين؟»، وكانت الإجابة عند عتبات جامع الإمام الحسين، إذ كنت أبيت فيه ليلتين وأتجول فى الشوارع صباحا لأتخيل شخصيات نجيب محفوظ.

وعندما زرت زقاق المدق وجدته صغيرًا جدا، لكن نجيب صنع منه عالما كبيرا جدًا، وهنا تعلمت منه كيف تكون الكتابة، وبعدما نفدت من أموالى «كان معايا مبلغ بسيط جدا لا يكمل جنيه واحد» رجعت إلى الإسكندرية، وهذه كانت أول علاقة روحية مع نجيب محفوظ.

في الإسكندرية، عندما كبرت وأصبحت محبا للكتابة، كنا نرتاد مقهى بشارع صفية زغلول، كنت أتتبع محفوظ عند زيارته للإسكندرية حتى يصل محطة الرمل ويستقل سيارة أجرة (تاكسي) للوصول إلى ندوة على شاطئ البحر. وعقب استقراري في القاهرة، اكتفيت بحضور لقاء محفوظ  مع أدباء مرتين أو ثلاثة على الأكثر ولم أكررها لكثرة عدد الأدباء والضوضاء والصخب خلال هذه اللقاءات.. «كنت عاوز أقعد معاه لوحدي».

♦♦ وماذا عن مرحلة المعرفة المباشرة؟
في العام 1996 فزت بالنسخة الأولى من جائزة أدبية من الجامعة الأمريكية، وكانت لإثنين من الكتاب أحدهما متوفى والآخر حي، كانت الدكتورة لطيفة الزيات، وأنا، وعندما تسلمت الجائزة تعرضت لحملة من كتاب الستينيات يقولون «إزاى هما اللى بيقعدوا مع نجيب محفوظ وأنا اللى آخد الجائزة»، وكانت الجائزة وقتها ليست بالتقديم ولكن هم من يختارون الفائز.

وبعد الحملة نشر نجيب تصريحا في «الأهالي»  -كانت وقتذاك صحيفة ذات شأن كبير في الصحافة المصرية- يعلن فيها (الاعتراض على جائزة تحمل اسمي هلوسة وفاز بها أديبان كبيران لهما تأثيرهما الواضح في الثقافة المصرية والعربية هما لطيفة الزيات وإبراهيم عبدالمجيد). طبعا تكهربت الأجواء وساد الصمت بعدما نلت من سبابهم واتهمونى بأنى عميل أمريكي، وكتبت مقالا بعدها (عميل بألف دولار طب خلوها 2000).

• الثقافة لابد أن تعود للمدارس المصرية
• نجيب محفوظ ألهمنى الإخلاص للرواية
• صاحب نوبل استقبلني قائلا “أهلا يا أستاذنا”

بعد هذه الواقعة، دعاني نجيب محفظ لزيارته في في مسكنه بحي العجوزة على النيل، وهو ما أثر في نفسي كثيرا، وفي لحظة اللقاء الأول كانت العمارة تحت حراسة مشددة بعد حادث طعنه، ولابد من الإبلاغ باسم الزائر للسماح بالدخول، حينها فتح الشرطى المسئول عن الحراسة الباب وقال «اتفضل» فتصورت أنه ينتظرني عند باب الشقة البعيدة عن باب العمارة 10 أمتار.

المفاجأة أن الأديب العالمي استقلبني عند باب العمارة قائلا «أهلا يا أستاذنا» وهنا انهمرت دموعي، وبعدما اصطحبني إلى شقته دخلت معه في حديث طويل عن قصة هروبي من رحلة المدرسة، وكيف أطلقت اسم “رشدي” على أحد شخصيات رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية»، لأنى كنت أحب شخصية رشدي في رواية خان الخليلي، فقررت إحياءها مجددا، لحظتها بدت السعادة واضحة على محفوظ، لأن الرواية في الفترة الزمنية نفسها (الحرب العالمية الثانية في الأربعينيات).

بعد هذا اللقاء توطدت العلاقة مع نجيب محفوظ، إذ أقام ندوتين لي، وواظبت على زيارته في شهر رمضان كل عام لتناول كركديه وجاتوه وأحكى له ما حدث معي ليضحك، إلى أنا قال في أكثر من حوار صحفي (الحوارات للصحافة الغربية تحديدًا) إن إبراهيم عبدالمجيد هو خليفتي وأنه -إبراهيم عبدالمجيد- يكتب بالألوان الأزرق للبحر والأصفر للصحراء، وفي حوار مع يوسف القعيد قال: «لم أنته من قراءة رواية بالكامل إلا رواية (لا أحد ينام فى الإسكندرية)»، واستمرت اللقاءات حتى وفاته.

♦♦ .. ومع هذه اللقاءات، هل تاثر الأديب إبراهيم عبد المجيد بنجيب محفوظ؟
تأثرت بشيء واحد وهو أني أحببت الرواية وأخلصت لها، ولم أستمر في في الوظيفه الحكومية إلا عاما أو اثنين، وتفرغت للكتابه بعدها.

♦♦ باعتبارك أحد أقرب الأدباء له، كيف كانت شخصية نجيب محفوظ على الصعيد الإنساني؟
محفوظ من أبناء جيل ثورة 1919، والذي من بين رموزه أيضا توفيق الحكيم، طه حسين ،حسين فوزي وغيرهم، هؤلاء كانت تطغى الروح الليبرالية على فكرهم ومعاملاتهم الإنسانية، وتتسع صدورهم للجميع، بعكس الأجيال التى جاءت من بعدهم.

وهنا أذكر أن نجيب محفوظ كان يخلع سماعة الأذن إذا لم يعجبه حديث أحد مجالسيه، حتى لا يسمع الحديث منعا للإحراج، ونحن نفتقد هذا الجيل الذي كان “التسامح عنده أساس”.

♦♦ هل انعكست هذه الروح على استمرار أدب نجيب محفوظ إلى الوقت الحالي؟
الفن الذي قدمه نجيب محفوظ لم يأخذ شكلا سياسيا واضحا، وروايته ليست خطبة سياسية إنما أحداث ومواقف تقف خلفها فلسفة تعبر الزمن، على سبيل المثال، فإن صابر بطل رواية “الطريق” يبحث عن أبيه سيد سيد الرحيمي، وفيها يرمز إلى الله، إذ ليس هناك سيد رحيم غيره، وخلال رحلته يلتقي امراتين تمثل إحداهما المادة، والأخرى تجسد الروح، وتعكس الرواية رحله الإنسان نفسه بين المادة والروح.. وهكذا.

• نجيب محفوظ كان يخلع سماعة الأذن في هذه اللحظة
• الروائي الكبير ساندني في أزمة جائزة الجامعة الأمريكية
• اكتبوا أفضل من صاحب نوبل بدلا من هدم تاريخه

وفي روايه “اللص والكلاب” التي كتبها عام 1961 وهي مستوحاة من قصه لص جعلته الصحافة سفاحا، واستلهم من الجرائم شخصية سعيد مهران بطل الرواية والذي كان كلما يفشل في قتل ضحاياه وتصيب رصاصته شخصا اخر.

من وجهة نظري، فإن “اللص والكلاب” تحمل دلالة رمزية بسيطة، وهي أن الآداء الفردي لا يصل إلى نتيجة، ولابد أن يكون هناك عمل جماعي للتغيير، والإسقاط هنا علي القرارات الفردية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد حل الأحزاب، كذلك فإن رواية “السمان والخريف” تسلط الضوء على  الليبرالية والشيوعية.

♦♦ كل تلك الأعمال الأدبية جسدتها السينما المصرية.
الأفلام لم تستطع أن تصل إلى هذه الرؤية الفلسفية.

♦♦ بعض الآراء والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي دعت إلى هجر ما يصفونه بـ”عبادة الرموز”، وعدم إضفاء هالة قداسة على نجيب محفوظ؟
نعم، في هذه الأيام ظهرت بعض الأصوات على “السوشيال ميديا” تقول إننا لابد أن نهدم قداسة نجيب محفوظ، لكن ولهؤلاء أقول “بدلا من أن تسعى للهدم، اكتب أفضل من نجيب محفوظ وتفوق عليه”، فالفن مثلما قال يحيي حقي -وهو أحد أبناء جيل 1919- يعلم الإنسان “الأنفة” وليس الحقد والحسد، وعندما تصدر رواية جيدة لا يحقد على كاتبها، لأنه يشعر أنه يستطيع كتابه الأفضل، لكن لا يسب أو يحقد.

♦♦ هل يوجد أدباء من أبناء الجيل الحالي مؤهلون للوصول إلى العالمية مثل نجيب محفوظ؟
هناك أسماء كثيرة مميزة، وأمامهم فرص أكبر من نجيب محفوظ، فقد حصل الأديب الراحل على جائزة نوبل للآداب في وقت لم تترجم فيه إلا 3 أو 4 من رواياته فقط، إذ أن ترجمة الروايات تحتاج أموالا كثيرة، ودور النشر الأجنبية لا تغامر بالترجمة إلا إذا ضمنت حق المترجم، أما في الوقت الحالي فإن الجوائز العربية تترجم الأعمال الفائزة إلى لغة أجنبية وإذا نجحت يجري ترجمتها إلى لغات أخرى.
فرص العالمية أكبر، لكن التحدي في زحمة الأدباء “العدد كبير”، والفرق بين الجيل الجديد ونجيب محفوظ هو ابتعاد السينما عن الروايات الجديدة، لكن العالم مفتوح والجوائز تساعد على ذلك.

♦♦ وما الدور المأمول من الدولة؟
أناشد وزاره الثقافة أن تطلق برنامجا لترجمة 20 عملا أدبيا سنويا بين روايات وشعر وكتابات أدبية، وترصد 5 ملايين جنيه – على الأقل – بما يكفي تكاليف الترجمة في الخارج بالاتفاق مع دور نشر عالمية، وقد تداولت الأنباء عن شروع المجلس الأعلى للثقافه في تنفيذ فكرة مشابهة، لكن لم أر أي نتيجة حتى الآن.

وينبغي أن تشكل الدولة لجنة محايدة لاختيار الأعمال أو أن تكون الترجمة للأعمال الفائزة بالجوائز، وأن يكون النشر خارج مصر، لا أن تترجم ثم تطبع في الهيئة المصرية العامة للكتاب، إذ سيكون العمل محصورا في نطاق محلي.

وهنا أود أن أشير إلى أهمية دور القطاع الخاص في رعاية هذه المبادرات، وأذكر هنا أن جائزة ساويرس أضافت بندًا فى العام الماضي يقضي بترجمة العمل الفائز إلى الإنجليزية وهو أمر عظيم.

♦♦ ما الفوائد الأخرى التى تتوقعها؟
20 عملا في العالم يفتح الباب للأدب المصري للانتشار، لأن الغرب لا يعرف عن مصر أو الدول العربية بصفة عامة إلا عن الإرهاب والديكتاتوريات، لكن هناك أشياء لا تصل للقارئ الغربي إلا من خلال الروايات وهو ما نجح فيه نجيب محفوظ سابقا.

وهنا أذكر أن ترجمة روايات صاحب نوبل جذبت الوفود السياحية إلى مصر قاصدة مصر القديمة، وتجولت بين معالمها التاريخية التي أصبحت معلما سياحيا، وتكرر الأمر نفسه معي، فالمرشدة السياحية الزهراء عادل أخبرتني أن الوفود السياحية تزور الإسكندرية وتبحث عن الأماكن الموجودة في روايتيّ  “لا أحد ينام في الإسكندرية” و”طيور العنبر” رغم أن بعضها لم يعد موجودا الآن.

♦♦ أخيرا، هل ترى بارقة أمل في دور الثقافه والأدب في بناء وعي الإنسان المصري مقابل طوفان “السوشيال ميديا”؟
الثقافة الحقيقيه تهتم بما هو جاد ويبني شخصية الإنسان وبهذب ذوقه ويوسع فضاءات فكره، لكن السوشيال ميديا في أغلبها تعتمد على الإعجابات والتريند، ولكن في النهابة بمكن للإنسان أن يفرز الصواب من الخطأ. على سبيل المثال، الصفحات الهزلية تحظى بملايين المتابعين والمعجبين، بينما تعاني صفحات الأدب وفنونه من قلة المتابعين.

** وما المخرج من هذه المعضلة؟
عودة الثقافة للتعليم، وما دفعنى (إبراهيم عبدالمجيد) لحب القراءة هو حصتى القراءة الحرة في مرحلة التعليم قبل الجامعي. وفي هذا الإطار لابد من تخصيص كتب للقراءة الحرة، حتى لو على التابلت في المنازل، وإحياء فرق المسرح المدرسي والتمثيل وإعادة الرحلات إلى الاماكن الأثرية، وإذكاء روح المنافسة بين أوائل الطلاب في الجانب الثقافي.

أكرر.. الثقافة لابد أن تعود الى المدرسة، إذ أن التثقيف بعد التعليم يأتى بالمصادفة.

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

السفير شريف كامل واللواء المشرفي وقرينتاهما أثناء عزف السلام الوطني. (تايمز أوف إيجيبت)

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في حرب أكتوبر المجيدة.