أرجع مصرفيون ومحللون ماليون خروج المستثمرين الأجانب من القطاع المصرفي والبنوك خلال الفترة الماضية (الأموال الساخنة)، إلى عدة أسباب على رأسها قرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة مرتين خلال هذا العام ما نتج عنه تأثر سوق المال العالمي ومن بينه مصر، وحالة الركود التجاري فضلا عن القيود المفروضة على الجمارك في مصر.
وأصدر رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، قرارا بتشكيل لجنة عليا لبحث أسباب تخارج أموال المستثمرين الأجانب من القطاع المصرفي، والبورصة خلال الفترة الماضية، على أن تكون اللجنة برئاسته وعضوية محافظ البنك المركزي ووزير المالية.
ويكون مقررًا للجنة العليا، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، على أن تستعين اللجنة بمن تراه من ذوي الخبرة والمتخصصين، لمعاونتهم في المهام المسندة إليها.
رفع الفيدرالي سعر الفائدة أبرز الأسباب
الدكتور خالد الشافعي المحلل الاقتصادي والمالي رأى في تصريح لـ«تايمز أوف ايجيبت»:« أن جزءا كبيرا من التدفقات المالية الدولارية التي شهدتها مصر منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2017، مصنفة على أنها أموال ساخنة، والتي دخلت عن طريق المستثمرين الأجانب و خروجها السريع أمر طبيعي، لأنها استثمارات في أموال الدين وليس صناعات أو زراعات لها أصول ثابتة في مصر».
وأضاف الشافعي :«إن السندات السيادية الدولارية للحكومة المصرية تعرضت لما أشبه باللكمات الاقتصادية المتتالية، من رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة 3% ما أدى إلى عزوف المستثمرين الأجانب إلى السوق الاقتصادي الأكثر أمانا وهو الأمريكي، وما صاحبه من ارتفاع مؤشر الدولار».
انخفاض جديد
وفقًا لبيانات تريدويب فقد شهدت السندات السيادية الدولارية المصرية انخفاضاً جديداً الأسبوع الماضي، وتراجعت السندات ذات الآجال الأطول بما يصل إلى 1.3 سنت في الدولار لتسجل مستوى قياسياً جديداً.
وكشفت بيانات تريدويب أن السندات التي يحل أجلها في 2040 انخفضت 57.581 سنت في الدولار، بينما جرى تداول العديد من الإصدارات الأخرى بانخفاضات ما بين 60 و65 سنتاً.
وتعرضت السندات التي تصدرها مصر، المعتمدة بشدة على تدفقات رأس المال، في الخارج لضغوط منذ أن قلصت الحرب في أوكرانيا إمدادات القمح ودفعت أسعار المواد الغذائية للارتفاع.
مغادرة 55 مليار دولار من الأموال الساخنة
ومنذ أيام، قال وزير المالية المصري محمد معيط :«على مدار أربع سنوات، غادرت الأموال الساخنة بمقدار 55 مليار دولار بعد خروج 15 مليار دولار أثناء أزمة الأسواق الناشئة في 2018».
وأضاف وزير المالية المصري: تبع ذلك خروج ما يقرب من 20 مليار دولار بسبب الجائحة العالمية خلال 2020، في حين تسببت الحرب الروسية – الأوكرانية بخروج 20 مليار دولار من البلاد خلال 2022.
وقال معيط على هامش مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي الثلاثاء الماضي إن 90% من استثمارات الأجانب خرجت بالفعل من أدوات الدين في البلاد.
وأضاف إنه شهد خلال توليه 3 موجات لهروب رؤوس الأموال من محافظ الأوراق المالية، لكن الحالية تعادل 3 أضعاف المرات الماضية، إذ خرج 20 مليار دولار، تمثل أكثر من %90 من استثمارات الأجانب.
وتابع الوزير المصري أن الدرس الذي تعلمناه أنه لا يمكن الاعتماد على الأموال الساخنة، لأنها تأتي من أجل العائد الكبير فحسب، ومصر يجب أن تتعلم الدرس، وإن جاءت مجدداً فليس لدينا مشكلة.
الاستثمار في الموارد لمواجهة الأموال الساخنة
وقال وليد ناجي الخبير المصرفي، أن الاستثمارات الأجنبية في السوق المصرفي والبنوك ترتبط بتقديم القروض وتحصيل الفوائد عليها ومنح البنك المركزي نسبة من تلك الفائدة، ولكن مع رفع الفائدة في الولايات المتحدة قرر المستثمرون في جميع دول العالم ذات الاقتصاد الناشئ خرجت إلى أمريكا باعتبارها الأكثر والأسرع ربحية.
ونصح ناجي بضرورة الاعتماد على الموارد والاستثمار فيها وذلك ما تنوي عليه الدولة الفترة القادمة، من طرح شركات حكومية في البورصة المصرية وتداول الأسهم الخاصة بها، لافتا إلى الأموال الساخنة التي تتمثل في الاستثمار في الديون غير مجدية بالنسبة للسوق المصري الذي أصيب بالتضخم مؤخرا.
وأشار ناجي إلى أن الدولة المصرية بدأت فعليا بالتحرك لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى أراضيها، عبر مجالي الزراعة والصناعة وأبرز الشركات التي تستثمر في مصر هي سيمنس بإجمالي 2.3 مليار دولار، في مشروعات الطاقة، موضحا إلى أن تلك الاستثمارات متجددة وطويلة الأمد.