القاهرة – تايمز أوف إيجيبت:
فالمدون، الذي عمل سابقًا لصالح الحكومة الهولندية، ويصف نفسه الآن بالرحالة، يقول إنه لا يخطط للعودة إلى حياته السابقة، بعد أن زار حوالي 130 دولة، بينها سوريا، والأردن، وكولومبيا، وبوركينا فاسو، وسافر في إحدى السنوات على متن 58 رحلة طيران.
وقبل الشروع برحلته، كان قد ادّخر ما يكفي من المال لضمان السفر لـ3 سنوات تقريبًا، وحدد لنفسه ميزانية قدرها 30 دولارًا يوميا.
وأسوة بالعديد من الرحالة، كان غروند المعروف باسم “Traveltomtom”، يقيم بالنزل، ويعيش بالحد الأدنى بهدف تخفيض التكاليف، قائلا: لقد وفرت الكثير من المال للسفر. لكنني اقتصدت بالمصروف وعشت بميزانية محدودة، الأمر الذي خوّلني الاستمرار برحلتي الطويلة لسنوات عديدة.
وعندما بدأت وسائل التواصل الاجتماعي تشهد ازدهارًا في العام 2010، واكتسبت منصات مثل «أنستغرام» قوة جذب، أدرك غروند أنه يمكنه كسب المال من خلال الكتابة والنشر عن مغامراته حول العالم، ويشير إلى أنه كان يسافر بالفعل وينشر صورًا لأماكن رائعة على أي حال.
وأطلق غروند حسابًا على «انستغرام» عام 2014، وسرعان ما أثار إعجاب عدد كبير من المتابعين، واكتسب حوالي 30 ألف متابع خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا.
ورغم أن التدوين عن السفر لم يكن بالظاهرة الجديدة في ذلك الوقت، إلا أن مؤثري السفر الذين يكسبون عيشهم من خلال مشاركة خبرات سفرهم اليومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمدونات الشخصية، أو مدونات الفيديو بدأوا بالظهور.
ونتيجة لذلك، وجد غروند نفسه يتلقى المكالمات من قبل الفنادق، والمنظمات التي تقدم إقامات وتجارب مجانية، مقابل الإشارة إليها بمدونته.
ويعترف أنه لم يصدق كم كان الحظ حليفه، إلا أنه سرعان ما شعر غروند بالضغط الناجم عن اضطراره إلى إنتاج محتوى منتظم لوسائل التواصل الاجتماعي، ووجد أن نمط الحياة هذا ليس مستدامًا بالنسبة إليه.
وأطلق غروند مدونته Traveltomtom عام 2016، حيث ينشر تحديثات حول مغامراته حول العالم، ومكنته من تمويل العديد من رحلاته من خلال الدخل الذي تدره عليه.
وعن تلك المدونة، قال غروند إنها السر الكامن حول استمراره رحالة بدوام كامل، إلا أنه لم يتجاهل انستغرام، وتيك توك اللذين لا زال يستخدمهما لمشاركة رحلاته، ولديه حوالي 300 ألف متابع على وسائل التواصل الاجتماعي مجتمعة.
وأشار إلى أنه استمرّ رحالة لمدة 3 أو4 سنوات، على الأرجح، «لقد أحببت هذه التجربة، حيث تلتقي بالعديد من الأشخاص المثيرين للاهتمام، وتستلهم الكثير من الأفكار من مسافرين آخرين».
وقد تكون أماكن إقامته أكثر فخامة الآن، لكن غروند يقول إن أسلوب السفر الذي يعتمده لم يتغير حقًا، مضيفًا: “ما زلت أرغب بالاستكشاف، والتعرف إلى السكان المحليين، ومعرفة كيف تبدو حياتهم”.
وأضاف: “من دون هذا الشغف، كنت سأتوقف عن الاستمرار بذلك منذ وقت طويل”.
وتسبّبت جائحة فيروس كورونا في توقف العالم إلى حد كبير عام 2020، لكن بعدما فرضت عليه القيود البقاء في مكان واحد لأكثر من بضعة أسابيع، كان غروند يهرع إلى طائرة إذا سنحت له الفرصة، وسافر إلى أماكن مثل المكسيك، وتركيا، حيث قيود “كوفيد-19” أقل صرامة.
ورغم أنه ملتزم بنمط حياة الرحالة، يشير غروند إلى أن أحد الجوانب السلبية لكونه في حال تنقل مستمر هو المحافظة على العلاقات، معترفًا بأنه أصبح أكثر وعيًا لهذا الأمر مع تقدمه بالعمر.
وأوضح أنّه “من المستحيل الحفاظ على علاقة. بالتأكيد سهّلت وسائل التواصل الاجتماعي البقاء على صلة مع الجميع في الوقت الحاضر، لكنني أنتقل إلى مكان جديد كل أسبوعين، وأحيانًا كل يومين”.
وتابع: “قد يكون الأمر صعبًا إذا قابلت شخصًا تحب التسكع معه، لأنك تقول وداعًا باستمرار. كل بضعة أيام، أودع من التقيت بهم، إنه لأمر صعب”.
وقال غروند إنه تعرض للاعتقال في الآونة الأخيرة من قبل شرطة الهجرة في الغابون، التي تقع على الساحل الغربي لأفريقيا، جرّاء سوء تفاهم، مشيرًا إلى أن هذه المحنة جعلته أكثر وعياً للمسافة الكبيرة التي تفصله عن أحبائه.
ورغم ذلك، يؤكد أن الإيجابيات تفوق بكثير السلبيات. فهو على اتصال دائم بأسرته وأصدقائه في مسقط رأسه، بالإضافة إلى الأصدقاء الذين تعرّف عليهم خلال أسفاره.
ويذكر غروند أن من بين الأماكن العديدة التي زارها، كان لسوريا أعمق أثر عليه، ففيما يُنصح حاليًا بعدم السفر إلى هذه الدولة بسبب الصراع المستمر الدائر فيها، فقد تمكن من زيارتها عام 2019 بعد وقوعه على وكالة سياحية أبدت استعدادًا لترتيب تأشيرة له ومرافقته.
وتابع: “لقد كانت رحلة مكلفة حقًا. توجب علي أن أدفع لقاء الحصول على حراسة شخصية، بيد أنّ الأمر يستحق كل هذا العناء”.
وأشار إلى أن بعض المدن دمّرت بالكامل، مضيفًا “لم يتبقّ شيء سوى بعض المباني. كان كل شيء في حالة خراب تام، لكن رؤية العزم الذي لا يزال يتمتع به السكان الذين التقيتهم كان مذهلًا”.
وبعد زيارته لسوريا، سافر غروند إلى باكستان والعراق، وأذهله رد الفعل الذي تلقته مشاركاته عبر الإنترنت من أولئك الذين لديهم أفكار مسبقة حول هذه الوجهات المعينة.
ورغم أنه كان يسافر عمليًا منذ 7 سنوات، غير أنه قرّر في هذه المرحلة زيارة كل دولة في العالم، وقال إنه “من الرائع حقًا الذهاب إلى هذه الأماكن وتغيير المفاهيم”. لكن غروند يؤكد أنه ليس في عجلة من أمره لإكمال هذا التحدي الخاص.
وأشار غروند إلى أنّه تردّد أكثر من مرة على 71 دولة على الأقل من أصل الـ130 التي زارها، وأنه سيعود غالبًا لزيارة الوجهات التي يحبها بشكل خاص.
وعلى سبيل المثال، زار غروند باكستان 4 مرات، بينما ذهب إلى تايلاند 17 مرة، ويسافر إلى تركيا مرتين في العام لعشقه إسطنبول”.
ويحاول غروند عدم التخطيط مسبقًا لإقامته في البلد الذي يقصده، وغالبًا ما لا يكون لديه أي فكرة عن المكان الذي سيقيم فيه لأسبوع أو أكثر.
ويزور غروند بنما حاليًا، لكنه يسافر إلى بوغوتا في الأيام المقبلة، ومنها إلى باراغواي، كما يخطط لقضاء أسبوعين في أمريكا الجنوبية، ثم فترة قصيرة في أمريكا الوسطى، والعودة بعدها لرؤية عائلته في هولندا.
كما سيتوجه إلى غرب إفريقيا خلال الأشهر المقبلة، ويخطط لقضاء 8 أسابيع بين السنغال، وغامبيا، وسيراليون، وغانا، وغينيا الاستوائية.
وأشار إلى أنه متحمس حقًا للعودة إلى أفريقيا، «فقد شكلت هذه القارة جزءًا مثيرًا من رحلاتي في العامين الماضيين».
وتابع: “يسألني الناس دومًا متى سأعود إلى المنزل، لكني لا أملك منزلًا، ولا أعرف متى سأتوقف عن السفر”.
وسيحتفل غروند رسميًا بمرور عقد على رحلته في ديسمبر المقبل.