نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / قانون التصالح في مخالفات البناء.. سيف العدالة في سوق راكدة!!

قانون التصالح في مخالفات البناء.. سيف العدالة في سوق راكدة!!

جلال حموده
جلال حموده

جلال حموده

تصدُر القوانين لحماية – وحفظ – حقوق الدولة والمواطنين أيضاً. وهو أمر لا خلاف عليه، غير أن معيار الفعالية في سريان مفعول القانون.. ودوره في تحقيق العدالة الناجزة – التي ننشدها جميعاً – هو طريقة التنفيذ. فكم يقف الإنسان مشدوهاً أمام عدد مخالفات البناء – التي يتم تحريرها ضد المقاولين والقائمين على تنفيذ مشروعات البناء – في مختلف المناطق السكنية؛ خاصة الضواحي الحديثة الإنشاء.. عشوائية الطابع.

من بين تلك الحالات، واحدة تعرّض فيها والد أحد الأصدقاء – العاملين في مجال المقاولات والإنشاءات – إلى عدد ضخم من المخالفات التي تم تحريرها ضده، ليصل إجمالي مبالغ تلك المخالفات إلى حد «خراب البيوت».

وبالطبع، فإنه لدى تحرير تلك المخالفات، يتم تقدير قيمتها في الحد الأقصى، دون أخذ في الاعتبار، أن كثيراً ممن قاموا بأعمال البناء، حصلوا على قروض من البنوك لاستكمال مشروعاتهم، أو أنهم دخلوا في شراكات.. كانوا مطالبين فيها – أمام شركائهم – بالتزامات أكبر من إمكانياتهم؛ على أمل تحقيق مكاسب لتعويض خسائرهم، من حصيلة ما يتوقعون بيعه من وحدات سكنية.. ومحلات تجارية.

وعلى الرغم مما حدث من توسعات في مجال البنية التحتية على مستوى الدولة، خلال الأعوام العشرة المنقضية، من حيث تحديث شبكة الطرق، والكباري، والتوسع في إنشاء المدن الجديدة، ليصل حيز المد العمراني إلى ثلاثة أضعاف ما كان عليه نهاية عهد مبارك، إلا أن تلك التوسعات.. جاءت في ظل تغيرات سياسية حادة؛ على المستوى الداخلي، وعلى الصعيد الدولي أيضاً.

فكانت عمليات البناء – في كثير من الأحيان – تتم بالمخالفة للقانون، أو أن يتضمن البناء الذي يتم تأسيسه.. مخالفات من حيث الموقع، أو عدد الأدوار، أو متعلق بتراخيص توصيل المرافق اللازمة لاستكمال الإنشاءات، أو البدء في إشغال هذه المباني.

تقع معظم هذه المخالفات في غياب تام لسلطة الدولة، أو في ظل فساد إداري.. تربّح منه الكثيرون من معدومي الضمير؛ خدمة لمصالحهم الشخصية. ومع تفاقم المشكلات المتعلقة بعمليات البناء، حدثت «اليقظة الفجائية» لأجهزة الدولة، التي بدأت بإجراءات إزالة لكثير من المباني، وللأدوار المخالفة، وهو أمر أثار امتعاضاً في المحافظات المكتظة بالسكان، وتم فيها البناء على أراضٍ زراعية.

كانت النقطة المثيرة للجدل في هذه الحالة، تتمحور حول مدى الاستفادة التي حققتها الدولة، من إزالة هذه المباني دون تغريم المخالفين. أو أن الأراضي الزراعية التي تم البناء عليها لم تعد صالحة للزراعة مرة أخرى. وبعيداً عن الخسائر التي حدثت لمن قام بالإنشاء، تنّبهت الدولة إلى أنها خسرت مرتين.

وبعد إعادة دراسة الموقف مجددا – ولكن ببطء شديد معتاد – تقدمت الحكومة العام الماضي، بنص مشروع للتصالح في مخالفات البناء، أقره البرلمان مطلع العام الحالي، ليصبح ساري المفعول. وتضمّن العديد من النقاط المضيئة؛ من حيث منعه التصالح في حالات معينة، تمثل انتهاكاً صارخاً لقوانين البناء.. من حيث معايير سلامة الأبنية، ومعايير ملكية الدولة، وحماية الآثار، ونهر النيل.. وغيرها. وهي أمور بديهية لا يختلف عليها أحد.

غير أن إقرار القانون وتفعيله، جاء في توقيت يعلم فيه الكل.. حالة الركود التي تضرب سوق العقارات.. في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وفي مصر بصفة خاصة، من حيث تدفق السيولة، وعمليات التشغيل، ليصبح المقاول أو صاحب العقار المخالف وجهاً لوجه أمام سلطة الدولة من ناحية، والتزاماته المادية المتراكمة أمام الشركاء والبنوك من ناحية أخرى، وحالة سوق العقارات من ناحية ثالثة.

قد تفرض هذه التحديات على البعض.. التسليم بالأمر الواقع، انطلاقا من أنه لا أمل في وجود حل لهذه المعضلات المتراكمة، فيُحجم عن دفع الفواتير المتراكمة من الغرامات والمخالفات، وعن إتمام مشروعاته، في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء والتشطيبات، ويستعد لـ«دخول السجن من أوسع أبوابه».

في هذه الحالة، لن يتم سداد التزامات الدولة، والمواطنين، والبنوك؛ مما سيُحدث المزيد من الكساد في سوق العقارات، ويدفع بشريحة – ليست باليسيرة – من هؤلاء المخالفين.. في غياهب السجون، أو تكون هناك حلول وبدائل أخرى؛ تسمح فيها الدولة بقدر معين من التسهيلات، تساعد المتعثرين على سداد هذه المخالفات، وجدولة مديونياتهم، وخلق مورد تمويل آخر للدولة.

يظل هذا البديل هو الحل الأفضل، في ضوء توافر التكنولوجيا، التي تُمكِّن الدولة من بناء قاعدة بيانات عن مرتكبي هذه المخالفات، وتقييم حالاتهم، وفقاً لمعايير تضعها لجنة متخصصة في مجالات الإنشاء والتمويل، ثم تصنيفهم في شرائح، تحدد الأقساط الواجب دفعها لكل شريحة، والسماح بإيداع قيمة هذه المخالفات في البنوك، أو تحصيلها إلكترونياً.

وبما أننا نسعى لإدماج التكنولوجيا، في إيجاد حلول للمشكلات المختلفة لقطاع العقارات، والاستفادة من الفرص المتاحة – في ظل الخفض الأخير لسعر الفائدة على الجنيه – بما يعمل على تنشيط حركة البيع والتمويل العقاري، لينقذ قطاعاً محورياً من قطاعات الدولة، وقطاعات أخرى مرتبطة به، من الدخول في دوامة الركود، وذلك إلى جانب الترويج لمشروعات المدن الذكية.

مثل هذه الحلول قد لا تكون بعيدة عن ذهن صانع القرار- أو يده – لكن يلزم التنبيه إليه، حتى تتمكن الدولة من تحقيق التكامل المطلوب؛ بين قوة وفاعلية القانون.. وطريقة إنفاذه، والاستفادة من ابتكار العنصر البشري، والاستخدام الأمثل للتكنولوجيا؛ في حالات قد يراها البعض استثنائية، ولكنها – في الحقيقة – تحدد الفرق بين «نعمة مقنعة».. و«نقمة مقنعة».

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

السفير شريف كامل واللواء المشرفي وقرينتاهما أثناء عزف السلام الوطني. (تايمز أوف إيجيبت)

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في حرب أكتوبر المجيدة.