Times of Egypt

لا سياسة دون ألم! 

Mohamed Bosila
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام  

هناك مقولة غربية تقول: «السياسة تدور حول الألم».  

… لكي تنجح في السياسة، لا بد أن تعاني الألم، حتى يمكن أن تحصل على مكاسب.  

ينطبق الأمر نفسه بالنسبة للأفراد. المعاناة شرط للتقدم والتميز والنجاح. منذ وقوع حادث الطريق الإقليمي في نطاق محافظة المنوفية، واستشهاد 18 فتاة.. والسائق قبل أسبوع، تكبد المصريون جميعاً الألم والحزن.  

نريد أن نخرج من هذا الحزن.. بمكاسب، حتى لا يتكرر الحادث حاصداً أرواحاً أكثر. أمامنا فرصة، ليس فقط لمراجعة متطلبات السلامة على الطريق الإقليمي، أو الطرق الكبرى السريعة؛ بل كل منظومة الطرق والحركة المرورية، وإجراءات الطوارئ الصحية.. للتعامل مع حوادث الطرق.  

نريد نقاشاً عاماً، يعلو فيه صوت الخبراء، ويتم خلاله مناقشة تجارب العالم.. في مواجهة تلك الأزمة.  

رغم أن العقود الثلاثة الأخيرة، شهدت تحسناً كبيراً في سلامة الطرق.. في معظم دول العالم، إلا أنه لا توجد دولة راضية عن سجلها في هذا المجال. لا تزال مشكلة السرعة الزائدة دون حل، ومعدلات الحوادث – التي يرتكبها السائقون الشباب – تقاوم كل محاولات الحد منها.  

بحسب منظمة الصحة العالمية، تحصد حوادث الطرق في العالم 1.3 مليون شخص سنوياً. معظم الحوادث تقع في المناطق الريفية (68%). النسبة في المناطق الحضرية 32%. الفئات العمرية من 15 إلى 29 عاماً.. هي الأكثر تعرضاً للحوادث.  

معالجة القضية ليست مجرد ضرورة اقتصادية؛ حيث تؤدي هذه الحوادث إلى نزيف لا يتوقف من الضحايا في سن العمل، مما يتسبب في تراجع النمو الاقتصادي.. بل أخلاقية أيضاً.  

حياة الإنسان يجب إعطاؤها الأولوية.. على الاعتبارات الأخرى؛ كالسرعة، وتمهيد المجال أمام الاستثمارات.. عبر بناء طرق سريعة، الهدف الرئيسي منها خدمة السيارة.. وليس الإنسان.  

أنظمة النقل – كما يقول خبراء أوروبيون – يجب أن تُصمم لاستيعاب أخطاء البشر، وأن تكون هناك شراكة.. بين صانعي السياسات، والمهندسين، ومستخدمي الطرق.. عند وضع سياسات سلامة الطرق. في هذا الإطار، ظهر في السويد – نهاية التسعينيات – مبدأ يسمى «الرؤية صفر»؛ قام على افتراض أن الناس غير معصومين من الخطأ، وبالتالي يجب تصميم الطرق وحركة المرور.. لتخفيف الضرر الناتج عن حوادث التصادم. تقول الرؤية.. إن الطرق الهدف منها خدمة الناس – وخاصة المشاة (كما في أوروبا) – وليس السيارات.. كما في أمريكا. وبالتالي، فإن من الواجب.. أن تعمل كل المنظومة الخاصة بالطرق.. من أجل الإنسان.  

هذا يستدعي أن تكون هناك – خاصة في المدن الجديدة – حارات يستخدمها الناس للدراجات، وأن يتم تطبيق معدلات منخفضة للسرعة.. داخل المدن. المطلوب أيضاً، أن تكون خدمات طواريء الصحة متاحة – بل فورية – على الطرق؛ فلا يجوز التراضي مع حدوث وفاة واحدة أو اثنتين، على أساس أن الحصيلة منخفضة.  

هناك حاجة.. لأن يدرك المسؤولون أن الطرق الجديدة – على أهميتها الكبيرة – لن تحقق الهدف منها، ما لم يكن الإنسان هو الغاية منها، وليس فقط تسهيل الحركة المرورية، واستيعاب التكدس الشديد في السيارات. الطرق والسيارة.. تخدم الإنسان، وليس العكس.  

في الفترة الماضية، كانت الأولوية للسيارة. لنبدأ مرحلة جديدة أساسها الإنسان. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *