Times of Egypt

مناشدة أخيرة بشأن قانون الإيجار

M.Adam
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين

لم يكن في نيتي أن أكتب مرة أخرى عن قانون الإيجار.. بعد أن صدر وبات نافذاً. ولكن يصعب السكوت أمام وضع يهدد البلد.. وسلامه الاجتماعي؛ خاصةً حينما يكون من الممكن تجنب ذلك.. ببعض الجهد والحكمة والتواضع. حقيقةً، لا أتذكر أنني شهدت مؤخراً انقساماً في المجتمع.. كما نشهد هذه الأيام؛ حول قانون الإيجار القديم/الجديد. حتى صدمات الغلاء، والتعويم، وانقطاع الكهرباء.. كانت بالتأكيد قاسية للغاية، ولكن تأثيرها كان واقعاً على الأغلبية الساحقة من الناس، ما جعل المجتمع يتعايش معها بشكل أو بآخر. ولا يزال. 

قانون الإيجار أوجد هذا الاحتدام، لأنه: 1- لم يستند لدراسات وبيانات معلومة للجميع، حتى يتبين إن كان محققاً للأهداف الاجتماعية السليمة. 2 – استحدث نظاماً واحداً، ينطبق على ظاهرة معقدة للغاية.. دون اعتبار للأوضاع المتباينة. 3 – يهدد بفتح باب جديد.. لمزيد من الدعاوى القضائية، ليس بعد سبع سنوات كما يقال، وإنما بدءاً من الشهر القادم؛ حينما يفترض أن يدفع المستأجرون 250 جنيهاً شهرياً (تحت الحساب). ثم بعد ثلاثة أشهر.. حينما يُعلن تصنيف المساكن للفئات الثلاث. ثم أثناء السنوات السبع، بينما يسعى الملاك لإثبات أن من حقهم الإخلاء المبكر. وأخيراً في نهاية السبع سنوات.. مع نهاية مدة العقود. 4 – لم يتطرق لمشكلة «خلو الرجل».. التي دفع فيها الكثير من المستأجرين مبالغ لا يمكن تجاهلها. 5 – ولأن توفير مساكن بديلة – لمن لن يقدروا على سداد الأجرة السوقية – ليس حلاً عملياً.. لمن لن تساعدهم ظروفهم الصحية أو الإنسانية على الانتقال. 

وهذه الحالة.. من الانقسام والاحتقان، ليست مربوطة بلحظة واحدة.. سوف تمضي، لأن القانون – بوضعه الحالي.. كما ذكرت أعلاه – سوف يفتح باباً للخلافات والدعاوى القضائية تمتد لسنوات. 

لا أناشد المسؤولين التدخل.. لإلغاء القانون، أو العدول عن اتجاهه العام. بل أكرر تأييدي للمبدأ الذي انتصرت له المحكمة الدستورية، وهو رد حقوق الملكية كاملةً لأصحابها.. دون قيود تحرمهم من عوائدها الاقتصادية. والواقع حولنا مليء بحالات صارخة.. لاستغلال المستأجرين القادرين للوضع الراهن، كي يحتفظوا لأنفسهم بشقق مغلقة، أو مستخدمة كمخازن.. بينما يقطنون مساكن أخرى مملوكة لهم، وبعضها فيلات فارهة، ويتفضلون على أصحاب العقارات بجنيهات قليلة كل عام، وبمطالب للصيانة تفوق الأجرة مئات المرات. 

ولكن يقابل ذلك، أوضاع كلنا نعرفها.. لمن قضوا عمرهم في بيوت، لم يعد بإمكانهم سداد أجرتها الحرة، ولا الانتقال منها، ولا إخلاؤها.. والسكن عند أقاربهم، أو دفعوا فيها «خلو رجل».. بمبالغ باهظة. لهذا، أعود لما كررته – طوال الشهور الماضية – واعذروني عن هذا التكرار، إن القانون يجب أن يفرق بين الفئات الاجتماعية المتباينة، ومن أجل هذا.. فيجب أن يستند لدراسات وبيانات دقيقة، تمكن من رسم السياسة الاجتماعية المطلوبة. 

ولكن هل يمكن التوفيق بين المصالح المتعارضة للملاك، والمستأجرين المستحقين للحماية الاجتماعية؟ نعم يمكن ذلك، واقتراحي: 1 – إرجاء تطبيق مبلغ 250 جنيهاً.. لحين انتهاء عملية تصنيف العقارات. 2 – عمل دراسة تقديرية لعدد مستحقي الحماية الاجتماعية.. من أصحاب المعاشات، أو كبار السن، أو محدودي الدخل.. ممن لا يملكون مساكن بديلة. 3 – إنشاء صندوق قومي لمساندة مستحقي الحماية الاجتماعية، يمول من موازنة الإسكان الاجتماعي.. ودون حاجة لموارد جديدة. 4 – الالتزام بمبدأ إلغاء تثبيت الأجرة تدريجياً، واسترداد الملاك جميعاً لحقوقهم. 5 – تدخل الصندوق القومي لسد الفجوة بين السعر العادل للأجرة، وما يستطيع المستأجر القديم مستحق الحماية – مستحق الحماية فقط وليس كل المستأجرين – أن يدفعه. 

وأعود أيضاً لتكرار.. أن الحل المقترح قد يبدو صعباً ومعقداً. ولكن الموضوع نفسه صعب ومعقد. وبالتأكيد يستحق التدخل. وقد أخذت به بلدان أخرى، واجهت ذات الإشكاليات. فلم لا نجتهد ونصحح؟

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة