Times of Egypt

استشهاد صحفيين.. ما الجديد؟!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

لماذا تفلت إسرائيل دائماً من جرائم قتل الصحفيين، رغم أنه في كل مرة يتم ضبطها تقريباً (صورة وصوتاً).. بالجرم المشهود؟. 

بصراحة، وبدون تزويق للكلمات، لأن هؤلاء الصحفيين فلسطينيون وليسوا غربيين. 

لنتصور أن الصحفيين الخمسة – الذين استشهدوا في مستشفى ناصر بخان يونس في غزة، قبل أيام – أمريكيون وبريطانيون وفرنسيون وألمان. ماذا سيكون رد الفعل؟، وهل كان مجرمو الحرب من الجنود الإسرائيليين وقادتهم.. سيجرؤون على ارتكاب جريمتهم؟

منذ اليوم الأول للعدوان، منعت إسرائيل السماح للإعلام والصحافة الدوليين من العمل.. لطمس حقيقة ما تقوم به، وحتى تحتكر كل ما يخرج من غزة. لكن السبب الأهم، كان الخوف من وقوع قتلى أو جرحى بين الصحفيين الغربيين والإسرائيليين، مما قد يؤدي إلى تحول في الرأي العام بإسرائيل وتلك الدول. كان من الممكن للحكومات الغربية أن تضغط.. لكي يسمح جيش الإبادة والتجويع بدخول الصحفيين، لكنها وجدت أن المشاكل الناجمة عن عدم دخولهم.. أخف كثيراً مما لو كانوا في ميدان المعركة، وتعرَّضوا للقتل إما عمداً أو خطأ. 

اكتفى الغرب بالمطالبات.. التي تحولت إلى «كليشيهات»، تدعو إلى السماح للصحافة والإعلام بتأدية دوريهما، كما تنص المواثيق الدولية. يقوم الإعلام الغربي حالياً بتغطية العدوان من استوديوهات وفنادق مكيفة فاخرة في تل أبيب أو القدس المحتلة. بالطبع غالبيته تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية، مع توجيه انتقادات للعمليات الإسرائيلية من حين لآخر. 

ألقيت المهمة إذن في حجر الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، الذين لم تكتف إسرائيل بقتلهم عمداً ومع سبق الإصرار والترصد، بل سعت بكل السبل لتشويه سمعتهم، واتهامهم بأنهم ليسوا صحفيين مستقلين، واتهمتهم كذباً – ودون دليل – بأنهم أعضاء في حماس، مما يبرر اعتبارهم أهدافاً مشروعة للقتل؛ مثلما حدث مع الشهيد الصحفي أنس الشريف، قبل أسبوعين. 

للأسف، نجحت دعاية إسرائيل.. في إقناع منظومة الإعلام الغربي الرئيسية، بأن هؤلاء الصحفيين أقل مصداقية وموضوعية ودقة.. من نظرائهم الغربيين. ولأن الصحفيين الغربيين يشعرون بأن الأخبار – التي تأتيهم من غزة – مصدرها هؤلاء الصحفيون، فإنهم لا إرادياً تبنوا وجهة النظر الخبيثة الكاذبة تلك. مع أن أي متابعة سريعة لما يقدمه الصحفيون الفلسطينيون من القطاع، يجعل أيا من صحفيي العالم.. يفتخر بأنه ينتمي إلى مهنة الصحافة. لقد حاولوا تقديم صورة قريبة دقيقة عن شعب تحت العدوان والقتل. استشهد منهم المئات وواصلوا عملهم. أولادهم وأسرهم قتلوا وشردوا، لكن ذلك لم يمنعهم من العمل. 

وبينما ركز الصحفيون الغربيون على معاناة عائلات الرهائن الإسرائيليين، ومتابعة تحركاتهم بصورة دائمة، عرض الإعلاميون الفلسطينيون الجزء الآخر، والحقيقي والمأساوي.. من القصة. كان غريباً وغير مفهوم، أن الإعلام الغربي – في تغطيته لاستشهاد الصحفيين الخمسة – ركز على كلام نتنياهو الوقح.. بأن الحادث مأساوي، وتعهده بإجراء تحقيق شفاف وشامل. 

لم يسأله الصحفيون الغربيون: وماذا عن نتائج التحقيقات السابقة في قتل صحفيين؟ هل انتهت إلى شيء أم دفنها جيش الاحتلال ونسيها العالم؟ 

قبل أن تعرب الحكومات الغربية عن أسفها لاستشهاد الصحفيين الفلسطينيين، ويذرف الصحفيون الغربيون الدموع، حبذا لو تحلوا بالمسؤولية واعتبروا أنفسهم مشاركين في الجريمة.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة