Times of Egypt

مع عودة العدوان الإسرائيلي.. أسئلة حول غزة 

Mohamed Bosila
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين 

لماذا عادت إسرائيل لقصف غزة وأهلها.. بهذا العنف وهذه الضراوة، بينما كان العالم يترقب الانتقال من المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار.. إلى مرحلة ثانية، تؤدي إلى تسوية أكثر استقراراً؟ 

المبرر الذي قدَمته إسرائيل.. هو إخلال حركة حماس بالتزامها بإطلاق سراح الأسرى، وعدم احترام شروط وقف إطلاق النار. وهذا غير صحيح، لأن إسرائيل هي التي عطّلت استمرار وتطوير المسار الدبلوماسي، وكان قرارها بوقف دخول الدعم الإنساني إلى غزة منذ أسبوعين، إعلاناً صريحاً بأنها تنوي التصعيد لا التهدئة. 

إذاً، فما سبب استئناف العدوان؟ 

الإجابة عندي واضحة وبسيطة.. أن الحكومة الإسرائيلية تريد أن تخرج من هذه الحرب.. منتصرة على كل الجبهات، وقد وجدت في الظروف الراهنة ما يتيح لها ذلك. 

والذي أقصده بجميع الجبهات، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يكفيه استرداد الأسرى، ولا تدمير غزة، وقتل عشرات الآلاف، وتشريد سكان القطاع، ولا ما أصاب حركة حماس من خسائر فادحة في الأفراد والقيادات والمعدات. كل هذا لا يكفي، لأنه يدرك أن هناك جبهات أخرى.. عليه أن يكسبها قبل أن يوقف العدوان: 

أولها: تحقيق ما يمكن أن يزعم أنه القضاء التام على حركة حماس.. (وهو معيار صعب التحقيق).  

وثانيها: تعطيل أي تحرك عربي أو دولي.. بديل عن خطة تهجير أهل غزة قسراً أو طوعاً.  

وثالثها: استعادة مكانة إسرائيل في الرأي العام الغربي، الذي تأثر بمظاهرات وحركات التضامن في أنحاء العالم.. طوال العام الماضى.  

ورابعها: الحفاظ على تماسك كتلته البرلمانية، ودعم أحزاب اليمين المتطرف.. استشرافاً لأية انتخابات مقبلة.  

هذه هي المكاسب التي يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى تحقيقها قبل التفكير في العودة إلى مفاوضات جديدة. 

إذاً، لماذا التوقيت الراهن؟ 

هناك عدة أسباب متداخلة، جعلت التحرك الإسرائيلي يحدث الآن؛ على رأسها أن إعلان الرئيس الأمريكي – وإدارته، والكونجرس.. الذي يسيطر عليه – انحيازهم التام للجانب الإسرائيلي، قد أزاح القليل من مظاهر الدبلوماسية والاعتدال.. التي حاول الرئيس «بايدن» وحكومته أن يظهرا بها في الفترة الأخيرة من رئاسته. كذلك فإن تغير الموقف الأمريكي من حرب أوكرانيا، وإلقاء المسؤولية العسكرية والتمويلية على عاتق الاتحاد الأوروبي، ضمن لإسرائيل خروج الطرف الأوروبي من المشهد الشرق أوسطي، والحد من وقوف بعض الدول الأوروبية مع الحق الفلسطيني. حتى المظاهرات والاحتجاجات الشبابية خفتت، ولم تعد بذات العنفوان والظهور الإعلامي. 

يضاف إلى ذلك، ما نشرته الصحف الأجنبية من استغلال إسرائيل لهدنة الأسابيع الأخيرة، لإعادة تسليح جيشها بالمعدات والذخيرة.. التي سمحت بها الإدارة الأمريكية الجديدة، وإعادة ترتيب قواتها وقياداتها. وأخيراً، فإن عدم استقامة الصف العربي كاملاً، وبالقوة الكافية.. وراء موقف واحد (ما عدا رفض التهجير الفلسطيني)، بعث رسالة واضحة إلى إسرائيل.. عن حدود التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني، وعدم تجاوزه للخطوط المتعارف عليها. 

لكل ما سبق، فإن إسرائيل وجدت الوقت مناسباً لاستئناف العدوان، واستكمال تحقيق الأهداف التي لم تكن قد تحققت بعد؛ سواء ميدانياً على الأرض، أو سياسياً على الساحة الدولية، أو داخلياً لإعادة ضم المعسكر اليميني وراء الحكومة الحالية. وهذه – كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي – ليست النهاية، بل بداية تصعيد جديد، لا أحد يعلم إلى متى يستمر، وما الذي قد يضع له حداً. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *