Times of Egypt

لا نبايع من يؤوي قتلة عثمان.. حكايات عن «معاوية» (1)

Mohamed Bosila
عادل نعمان  

عادل نعمان..
… وحكايات السلف تستحق المعاودة، والمراجعة؛ فربما تقطع قول كل الخطباء، أو تعيد تقييم المواقف والخلافات، أو تزيل الخصومات والمنازعات. وما اختلف المسلمون حول شخصية تاريخية.. كما اختلفوا حول «معاوية بن أبي سفيان»؛ إلى درجة أن الخلاف ظهر جلياً في الحلقة الأولى من مسلسل «معاوية»..دون تريث أو روية، وكأن كل فريق – من المؤيدين والمعارضين – قد رفع الحقيقة على أسنَّة الرماح، وهو مسلسل رقيق.. رقة لم نعهدها في هذه البيئة الجافة، فخيم وثرى.. إلى حد ما كان لهم حاجة لهذه الغزوات. وقد كانوا يشكون شظف العيش.. حتى إنهم كانوا يشدون على بطونهم من شدة الجوع.
ولماذا معاوية بالذات؟ لأن الخلاف الشيعي السني طفح في عهده، وكانت بداية ظهور الفرق الإسلامية تحت سمائه، واستعاد المسلمون حروب الجاهلية بين أولاد العمومة..«بنو هاشم وبنو أمية» في حرمه ومحيطه، حتى بدت الأحداث وكأنها تسير وفق مخطط.. لعودة الريادة المسلوبة من بني هاشم إلى بني أمية، وهذه الحكايات عن «معاوية» ربما تراها لضرورة سياسية.. لإقامة إمبراطورية عربية ممتدة من الشرق إلى الغرب فنحمد ما صنعه لهم، وربما أراها مخالفة لما هو معلوم من الدين.. لإقامة دولة دينية فلن أغفر له صنيعته.
الحكاية الأولى: «لا نبايع من يؤوي قتلة عثمان»
أصر معاوية على عدم بيعة علي بن أبي طالب.. خليفة للمسلمين – بعد مقتل عثمان بن عفان «ابن عمه»،ومبايعة أهل المدينة علياً خليفة للضرورة،و«البعض يقرر أن أحداً من صحابته كطلحة والزبير ومعاوية وولاة الأمصار لم يبايعوه» – وخرج معاوية على هذه البيعة.. كما خرج عليها طلحة والزبير والسيدة عائشة، وكانت حجة معاوية أن علياً لم يقتص من قتلة عثمان.
وحقيقة الأمر، أن معاوية قد خذل عثمان – صاحب الفضل على بني أمية قاطبة – وكان الخروج عليه من ثوار مصر والبصرة والكوفة.. بسبب فساد بني أمية أنفسهم، وقد استجار عثمان واستصرخ كل ولاته. يقول الشهرستاني: «جميع عمال عثمان وأمراؤه قد خذلوه ورفضوه حتى أتى قدره عليه، وهم معاوية، وسعد بن أبي وقاص، والوليد بن عقبة وعبد الله بن عامر وعبد الله بن أبي السرح».
ويقول الإمام الحسن بن علي لمعاوية – في مناظرة – «ثم ولاك عثمان فتربصت عليه»، ومعنى تربصت عليه «انتظرت شراً يحل به».
واسمع ما قاله عمرو بن العاص لمعاوية: «واسوأتاه، إن أحق الناس ألا يذكر عثمان.. لا أنا ولا أنت، أما أنت فخذلته ومعك أهل الشام، وأما أنا فتركته عياناً». يرفع معاوية «قميص عثمان» مطالباً بالقصاص، وأصر «لا بيعة دون قصاص»، وكان علي يرى تأجيل القصاص.. إلى أن تستتب له الأمور، وقد كانت المدينة «تفور وتغلي» في هذا الوقت.. بعد مقتل الخليفة.
ولما آلت الخلافة لمعاوية، لم يقتص منهم.. بحجة أنه ليس ولي الدم عن أولاد عثمان «عمرو، أبان، سعيد، الوليد». وما رآه معاوية نفسه – حين تولى الخلافة بتعقيداتها وأولوياتها – حال دون القصاص..وهو ما رآه علي، ولامه عليه.
والمعروف تاريخياً، أن عثمان لم يقتص من عبيد الله ابن عمر بن الخطاب.. حين قتل – دون حق -«الهرمزان» وابنه «أبو لؤلؤة المجوسي»..انتقاماً لقتل أبيه (عمر بن الخطاب)، وقال عثمان: «أيُقتل أباه بالأمس ونقتله اليوم».
…قميص عثمان أصبح حكاية على لسان كل من يسعى لتحقيق الباطل على حساب الحق، وكذلك يفعلون.
الحكاية الثانية: «أخي خير لي في ديني ومعاوية خير لي في دنياي»..عن عقيل بن أبى طالب. وعقيل هو أخو علي بن أبي طالب، ترك أخاه في موقعة صفين، وانضم لجيش معاوية.. بعد أن طالبه بسداد ديونه، ورفض أخوه علي.. إلا أن يعطيه عطاياه فقط، فهو – كخليفة – لا سلطان له على بيت مال المسلمين (والبعض رآه قد انضم لجيش معاوية.. بعد مقتل علي وليس قبله، كغيره.. إبقاء على حياتهم، وطلباً للرزق. ومنهم من رأى أنه انضم إلى معاوية، ولم يحارب معه ضد علي.. في موقعة صفين)، وإن كانت الروايات قد تضاربت.. حول كيفية الانضمام إلى معاوية، واتفقت على أنه التحق وانضم إلى صفوفه أخيراً. والروايات اختلفت أيضاً.. حول المناسبة التي قال قولته هذه لمعاوية، واتفقوا على أنه قالها كما هي، والأقرب من الروايات: فقد أشار معاوية لعقيل وعلى رؤوس الأشهاد بعد أن أعطاه مائة ألف درهم من بيت مال المسلمين «لم تكن في وسع علي أخيه أن يدفعها له، ليبقيه في صفوفه ضد معاوية»، وقال معاوية لعقيل على رؤوس الأشهاد: «هذا أبو يزيد» عقيل «لولا علمه بأني خير له من أخيه، ما أقام عندنا وتركه!! فقال عقيل: «أخي خير لي في ديني، ومعاوية خير لي في دنياي».
ولحكايات معاوية بقية الأسبوع القادم «الفئة الباغية.. ومعاوية».
«الدولة المدنية هي الحل».
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *