أمينة خيري
وكما أن السكن حق، ومع الحق تأتي قواعد منظمة وقوانين صارمة، وهو ما يجعل تفاصيل الحياة اليومية لأي شعب؛ إما سبباً للكآبة والكرب.. في حال تم ضرب عرض الحائط بالقواعد، أو صارت التفاصيل بهجة وسعادة – أو على الأقل لا تضاف إلى قائمة المتاعب والمصاعب – فإن حقوق الفئات الأكثر هشاشة.. حق أيضاً، ولها قواعد منظمة وقوانين صارمة في بريطانيا.
أصحاب الإعاقات الجسدية والنفسية، كبار السن، المتعطلون عن العمل (بشروط صارمة)، وغيرهم من الفئات الأكثر هشاشة.. الذين تتم دراسة حالتهم بدقة، لهم حقوق؛ تتمثل في سكن، وعلاج، ودعم لفواتير الطاقة، وسيارة للتنقل، ونفقات الجنازات والدفن لمن.. لا يملك كلفتها، وغيرها. كل بحسب حالته واحتياجه. ورغم أن بريطانيا تعاني العديد من الأزمات على أصعدة اقتصادية عدة.. منذ سنوات، إلا أن هيكل المساعدات أو الإعانات مازال قائماً.
وهو الهيكل الذي يعاني الكثير من الأزمات، ويخضع لبرامج إعادة هيكلة قاسية، ومنها ما تم الإعلان عنه، قبل أيام.. تحت شعار «بريطانيا تعمل مجدداً»، وهي مبادرة يطلقها حزب العمال، لعلاج أسباب البطالة بين البعض من البريطانيين.. لدفعهم إلى سوق العمل مجدداً، وتخفيف الأعباء عن الدولة. ولكن المساعدات قائمة، ولم تُلغ.
ورغم وجود ثغرات في هيكل الإعانات، واكتشاف حالات تم فيها تخصيص مساعدات لأشخاص لا يستحقونها، فإن هذا لم يؤدِّ إلى إلغاء الإعانات برمتها – مثلاً – لحين إصلاحها، أو توقيع عقوبة الحرمان من المساعدات على الجميع، بمن فيهم المستحقون عن حق.
هنا أتذكر – وأنتقد – طريقة تعاملنا في مصر.. مع حوادث النصب والاحتيال، التي اقترفها البعض في منظومة سيارات ذوي الهمم، وحدثت بسبب انعدام الرقابة والتسيب والفساد، فدفع ثمنها أصحاب الهمم أنفسهم؛ سواء من حيث التضييق على فرص حصولهم على سيارات، أو بإجراءات قاسية.. تفرض عليهم لإثبات إعاقتهم، بالإضافة إلى التجوال على المستشفيات والمراكز الطبية، وبعضها غير مؤهل لاستقبال أصحاب إعاقات من الأصل، وفي نهاية المطاف يجد المعاق المستحق نفسه أمام كارثة هزلية: «مش لاقيين كارت الخدمات الخاص بك على السيستم»، وذلك بعد جولة استغرقت نحو عام!
غاية القول.. إن الفئات الأكثر هشاشة لها حقوق، وعليها واجبات، وتنظم هذه الحقوق والواجبات قوانين ولوائح، ولا تخضع لأهواء الموظف، أو لمزاج الموظفة، حتى لو كان الموظف يعاني تدني الراتب، والموظفة تشكو صعوبة المواصلات، فـ«يفش كل منهما غله».. في المواطن الباحث عن إعاناته المستحقة من الدولة.
الموظف – في جميع أنحاء العالم – يخرق القانون، ويقبل رشوة، ويُهمل في عمله أحيانا؟
نعم.
والمواطن المستحق للخدمات – في جميع أنحاء العالم – يسيء استخدام الحق أحياناً؟
نعم.
… الفرق بين الدول وبعضها، يكمن في طريقة مواجهة هذه الخروقات والإساءات.
هل يجري حلها سطحياً.. دون التعمق في جذور الأزمة؟
هل يحتكم الجميع للقانون أم للفوضى؟
هل يعاقب الجميع، الظالم والمظلوم؛ بالحرمان من الحقوق.. منعاً لوجع الدماغ؟ أم ماذا؟!
نقلاً عن «المصري اليوم»