أطلقت نقابة الصحفيين، مساء اليوم السبت، مؤتمرها العام السادس تحت شعار “دورة فلسطين.. طريق إلى التغيير”، ليشكل منصة حيوية للنقاش حول أوضاع الصحافة وأزماتها الراهنة.
المؤتمر، الذي يُعد واحدًا من أبرز الأحداث في المشهد الصحفي العربي، جاء ليسلط الضوء على قضايا حيوية تتعلق بحقوق الصحفيين وأجورهم وظروف العمل، بالإضافة إلى التأكيد على القضايا الوطنية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، كشف نقيب الصحفيين خالد البلشي عن نتائج استبيان أجرته النقابة بالتزامن مع التحضيرات لهذا الحدث، حيث شارك فيه 1568 صحفيًا من أعضاء النقابة وغير النقابيين. أوضح البلشي أن نتائج الاستبيان كشفت أن 72% من الصحفيين يتقاضون رواتب أقل من الحد الأدنى للأجور الذي حددته الدولة بواقع 6000 جنيه شهريًا، مما اضطر 41% منهم للبحث عن أعمال إضافية، بعضها بعيد عن المجال الصحفي. كما أبرز أن هناك أزمة واضحة في علاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية، ما يستلزم تدخلاً تشريعيًا عاجلًا لضمان حقوق العاملين.
من هذا المنطلق، أعلن البلشي عن إطلاق حملة جديدة تحت عنوان “من أجل راتب عادل للصحفيين”، وهي مبادرة تهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية للعاملين في المجال الصحفي. وأشار إلى أن زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا تمثل خطوة أولى على طريق تحقيق هذا الهدف. وفي سياق كلمته، وجه البلشي تحية خاصة للصحفيين الفلسطينيين، مشددًا على الموقف الثابت للنقابة برفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبرًا ذلك جزءًا من التضامن النقابي مع القضية الفلسطينية.
افتُتح المؤتمر بحفل كبير أقيم على مسرح نقابة الصحفيين، وشهد حضور شخصيات صحفية وإعلامية بارزة من مصر والعالم العربي، إلى جانب وفود من الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب. وكان من بين الحاضرين نخبة من الصحفيين الفلسطينيين الجرحى وممثلين عن الإعلام الفلسطيني. الحفل الذي تخللته عروض فنية قدمتها فرقة كورال “عباد الشمس” الفلسطينية، كان بمثابة تكريم للشهداء والجرحى الذين ضحوا من أجل إيصال الحقيقة.
يمتد المؤتمر على مدار ثلاثة أيام، خلال الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر، ويتضمن برنامجًا مكثفًا من الجلسات والفعاليات التي تسلط الضوء على قضايا محورية تشمل مستقبل الصحافة الورقية والرقمية، الحريات الصحفية، تحسين الأجور، وتطوير التشريعات الإعلامية. من بين أبرز الجلسات التي يشهدها المؤتمر، ندوة بعنوان “مستقبل الصحافة في عصر الوسائط المتعددة” بمشاركة عدد من رواد العمل الصحفي، وأخرى بعنوان “احتياجات القارئ وتحديات الدقة الصحفية” التي يديرها الإعلامي خيري رمضان. كما يشمل البرنامج جلسة خاصة حول تطوير موارد النقابة، ومائدة مستديرة تناقش تحديث ميثاق الشرف الصحفي.
على صعيد التوصيات، من المتوقع أن يخرج المؤتمر بمجموعة من المبادرات لدعم الصحافة المصرية. وتشمل هذه التوصيات صياغة تشريعات جديدة تضمن حقوق الصحفيين وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، إلى جانب وضع استراتيجية شاملة لتطوير برامج التدريب بما يتماشى مع التحولات الرقمية التي يشهدها المجال الإعلامي.
اختتم اليوم الأول من المؤتمر بتكريم خاص للصحفيين الفلسطينيين واستعراض قائمة شرف لشهداء الصحافة الفلسطينية الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لإيصال الحقيقة. وفي أجواء مفعمة بروح التضامن، قدمت فرقة “عباد الشمس” عروضًا غنائية مستوحاة من التراث الفلسطيني وأغاني المقاومة.
يعكس مؤتمر الصحفيين العام السادس التزام النقابة بالتصدي للتحديات التي تواجه الصحافة المصرية، من خلال تقديم حلول واقعية للأزمات المهنية والاقتصادية التي يعاني منها الصحفيون. كما يؤكد المؤتمر على أهمية الحفاظ على القضايا الوطنية، وفي مقدمتها دعم القضية الفلسطينية، كجزء لا يتجزأ من الدور المهني للنقابة. ويُنتظر أن يسهم هذا الحدث في وضع خارطة طريق للإصلاح داخل الوسط الصحفي، بما يعزز حقوق العاملين ويطور أداء المؤسسات الإعلامية في مصر.
