لم يكن أحد يتخيل أن قصر تشرين الرئاسي، الذي كان يوماً رمزاً للسلطة المطلقة في سوريا، سيصبح ميداناً للتعبير عن فرحة السوريين بسقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. مشاهد من الابتهاج والغضب امتزجت في أروقة القصر الذي تجول فيه المواطنون بحرية لأول مرة منذ عقود، ليطووا صفحة طويلة من حكم أسرة الأسد التي أطبقت على البلاد بقبضة من حديد.
وعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية، توافد العشرات من السوريين إلى قصر تشرين الرئاسي في حي المهاجرين بدمشق، ليشهدوا بأعينهم رمزية النهاية لحكم عائلة الأسد. في لحظات امتزج فيها الفرح بالغضب، تجول المواطنون في أروقة القصر وتركوا بصماتهم على جدرانه بكتابة شعارات الغضب والانتقام.
مكتب بشار الأسد
عند دخولهم إلى مكتب الرئيس السابق بشار الأسد، الذي فر إلى روسيا قبل أيام، وجد السوريون مجموعة من المشاهد التي أثارت الدهشة. أوراق متناثرة على الأرض، كتاب عن تاريخ الجيش الروسي، خريطة لشمال شرق سوريا، وسيرة ذاتية للأسد نفسه.
ومن بين المكتشفات غير المتوقعة، عُثر على “حبوب البنزوديازيبين” المخصصة لعلاج القلق والاكتئاب، وفق ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.
كما احتوت الغرفة على خريطة للجولان المحتل، وصور شخصية لبشار الأسد وزوجته أسماء، إلى جانب تذكارات وهدايا من دول غربية. أما النافذة المطلة على العاصمة، فقد كُتبت عليها عبارة “لعنة الله على روحك يا حافظ”، في إشارة إلى والد بشار الراحل، الذي حكم سوريا لنحو ثلاثة عقود.
حراسة القصر
حالياً، يقف عناصر الفصائل المسلحة التي سيطرت على البلاد عند مداخل القصر، حاملين أسلحتهم. عند مدخل الجناح الرئاسي، شوهد أحد المسلحين، مصطفى حسن، وهو مدرس تاريخ سابق من الرقة، يقف بجوار زملائه على السجادة الحمراء التي كانت رمزاً للهيبة سابقاً.
وقال مصطفى، الذي انضم إلى الاحتجاجات منذ عام 2011: “لقد انتهى الكابوس. الآن نبدأ معركة البناء وتطوير العلاقات مع العالم.”، وفق الصحيفة الأمريكية.
في ساحة الأمويين وسط دمشق، احتشد الآلاف من السوريين للاحتفال بسقوط الأسد. وبعد أكثر من 13 عاماً من النزاع المسلح، انهار النظام في أقل من أسبوعين، حيث لم تستطع حليفتيه روسيا وإيران وقف تقدم الفصائل المسلحة، التي دخلت العاصمة دون مواجهات عسكرية تُذكر، معلنةً نهاية فصل مظلم في تاريخ سوريا.