أمينة خيري
المعارضة – إما يمين، أو يسار، أو وسط – هي الطرف الذي لم يحظ بالسلطة (بعد، أو خارج السلطة الحاكمة)، ولا يقرر سياسات الدولة، لكن ربما يشارك فيها عبر قنوات معروفة؛ مثل البرلمان والأحزاب. وهى غالباً تسعى للوصول إلى السلطة والحكم.
تسعى المعارضة إلى الرقابة على أداء النظام الحاكم، والحكومة.. المعينة أو المنتخبة، وربما تسعى لتعزيز الديمقراطية، وخلع أنياب الديكتاتورية.
لكن توجد معارضة.. تقوم أيديولوجيتها على ترسيخ الديكتاتورية بمسميات مختلفة؛ مثل الحكم الديني. وأغلب المعارضة السياسية تقول – أو هي كذلك بالفعل – إنها تدافع عن الحقوق والحريات. وهناك من يقول إنه يدافع عنها، لكنه ما إن يصل إلى الحكم.. حتى يُحكم قبضته على الحريات.. باسم الدين أو الأخلاق، أو ما شابه.
والمعارضة السياسية.. أنواع وأشكال؛ منها الفردي، ومنها الجماعي. وهناك العلني – عبر الأحزاب والهيئات المشهرة – ومنها ما يكتفي بالنقاش.. عبر مجموعات من المهتمين بالسياسة، أو المشغولين بالشأن العام.
وهناك معارضة مؤقتة.. تعمل على تحقيق هدف ما، ثم تذهب إلى حال سبيلها.. بعد تحقيقه، أو ربما لطول الأمد.. دون تحقيق الأمل. وهناك المعارضة المستمرة – وأغلبها يتمثل في الأحزاب القائمة على مناهج وبرامج واضحة، ولها هياكل تنظيمية، وعضوية… إلخ – ولا تتوقف عن كونها معارضة.. إلا بعد وصولها إلى السلطة، أو يجري حلها، أو تحل نفسها.
وحين تقرر المعارضة أن تحمل السلاح.. تتوقف عن كونها معارضة، وتتحول إلى جماعة مسلحة، أو ميليشيا، أو تنظيم مسلح، أو قوة (جيش غير نظامي). القانون الدولي نفسه احتار، أو ربما تجنب – على غير عادته – تحديد مسؤولية أو عقوبة أو ثواب «المعارضة المسلحة».
نصوصه في هذا الشأن أشبه بعبارة: Sometimes yes، but maybe no أي «أحياناً نعم، لكن ربما لا».. وهو ما يعكس الحيرة في شأنها.
… المؤكد أن أعضاء المجموعات أو الميليشيات المسلحة، ومن يدعمونهم أيديولوجياً – وليس مادياً – يعتبرونها معارضة عظيمة وسامية وراقية. والمؤكد أن الآخرين.. يعتبرونهم خارجين على القانون، أو إرهابيين، أو مارقين.. إلى آخر المسميات المرتبطة بالعنف والفوضى؛ مهما كانت الأسباب سامية، أو تبدو كذلك.
كتبت السطور التالية قبل نحو 13 عامًا:
في سوريا ميليشيات مسلحة، يسميها الإعلام الغربي «معارضة مسلحة». لم أسمع من قبل عن معارضة مسلحة بالدبابات والصواريخ. لدينا السوريون الذين يتجرعون مرارة الصراع المسلح، وجماعات وميليشيات وكتائب.. متناحرة فيما بينها من جهة، ومناهضة للنظام من جهة أخرى.
الكثير منها.. يحظى بدعم من دول مختلفة في شرق الأرض وغربها، وكل يراهن على ميليشيا معينة.. لتحقيق مصالحه. ولا تختلف هذه الميليشيات فيما بينها.. إلا في درجة التسليح، أو توجهاتها.. بين متطرفة ومتطرفة جداً، وفرع لداعش ومرتبطة بالقاعدة، وهلم جرا.
أتحدث هنا عن الفرق بين المعارضة والميليشيا. المعارضة لا تكون مسلحة، والميليشيا لا تكون سياسية. والإصرار على تسمية ميليشيات سوريا «معارضة مسلحة» – بغضِّ النظر عن الموقف من النظام السوري – إما إصرار على المشاركة فى جريمة، أو انتظار لقضمة من الكعكة.
نقلاً عن «المصري اليوم»