Times of Egypt

شهادة يهودية في القضية الفلسطينية (1- 2)

M.Adam
مودي حكيم  

مودي حكيم

التقطت كتاباً لأقرأه عن فلسطين، قبل بضعة أيام. 

الجزء الأول من كتاب «عن فلسطين» On Palestine.. عبارة عن مجموعة من المحادثات بين نعوم تشومسكي وإيلان بابي – المؤرخ الإسرائيلي المناصر لفلسطين – حول القضية الفلسطينية-الإسرائيلية. الكتاب قدَّم له، وأجرى حوار الجزء الأول منه الكاتب الفرنسي – المنتج السينمائي – فرانك بارات، الذي لخَّص القضية في عبارة رائعة: «إن القضية الفلسطينية ليست إلا تجسيداً لكل ما هو خاطئ.. في هذا العالم، والعالم مليء بتلك الأخطاء.. الناتجة عن الفكرة التوسعية الراهنة عموماً».

أما الجزء الثاني من الكتاب، فهو عبارة عن مجموعة مقالات.. كتبها المفكر نعوم تشومسكي – مؤسس علم اللغويات الحديث – أحد أكثر المثقفين تأثيراً في العالم.. لدوره كمثقف ملتزم، وانتقاداته الراديكالية للسياسة الأمريكية والإسرائيلية.

رغم هذا، توقفت بعيون الشك عند كل من تشومسكي وبابي؛ فهما يهوديان. كان السؤال الكبير: كيف يمكن لهما أن يكتبا كتاباً موضوعياً.. عن شعب مضطهد؟. شعرت أن أفكارهما ستكون متحيزة بطريقة أو بأخرى. وللحقيقة لُمْتُ نفسي عندما قرأت الكتاب، فقد أكد المؤرخ الإسرائيلي دعمه للفلسطينيين، لأن عنف الصهيونية دائم. فقد حكى كيف تعلَّم الرؤية الإسرائيلية من القضية الفلسطينية لسنوات عديدة.. عندما كان طفلاً، وكيف استغرق الأمر الكثير من الجهد، وتغييراً كبيراً في المنظور.. لرؤية الحقائق كما كانت. حيث يؤكد تشومسكي وبابي.. أهمية الاعتراف بالحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني، والحاجة الملحة للتدخل الدولي.. لمعالجة الانتهاكات المستمرة لهذه الحقوق.

الكتاب.. شهادة قوية على إمكانيات الحوار العلمي التاريخي التفاعلي، وكشف الأكاذيب السياسية والإعلامية.. التي قام بها – واستمر عليها – الكيان الصهيوني. ومن محاسن الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتأثير الواسع لهما.. يمكن رؤية ما يحدث في اللحظة، واتخاذ قرار بشأنه. 

في الماضي، كان للظالمين القوة والنفوذ في معظم وسائل الإعلام العالمية، وكانوا يطلقون على الفلسطينيين المضطهدين.. أسماء مختلفة، مثل «الإرهابيين» و«النازيين».. وغيرها، لتبرير عنفهم وقمعهم، والإفلات من العقاب. ومن خلال صفحات «عن فلسطين»، نسمع تشومسكي وبابي يدعوان الجميع إلى الانضمام لهما.. في السعي لتحقيق العدالة على أرض فلسطين المحتلة؛ فالكتاب منارة للأمل، بأن العالم يمكنه أن يعيش بسلام.. إن التزم الجميع بقيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان.

أحد الأمور المتناقضة في السلوك الإسرائيلي – التي يشير إليها الكتاب – أنه رغم احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بعد حرب عام 1967، فإن إسرائيل ترفض دمج الفلسطينيين كمواطنين إسرائيليين، وترفض أيضاً أن يكون لهم بلدهم، أو العيش بحرية على أرضهم، بالإضافة إلى فرضها شروطاً قاسية.. تمنعهم من الخروج منها. لذا.. إذا كنت فلسطينياً، فأنت عديم الجنسية، بلا انتماء، ولا حتى مواطَنة.

ويتساءل تشومسكي: كيف تدعم حكومة الولايات المتحدة حالة النسيان هذه؟ وماذا يتوقع الجميع؟ أن يذعن الفلسطينيون لأسيادهم الإسرائيليين؟ ويقبلوا ما يأتي في طريقهم؟! 

… وضع مفجع للغاية، ومثير للغضب. إن الوضع الحالي – الذي ارتكبت فيه إسرائيل جريمة إبادة جماعية – هو مأساوي.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة