Times of Egypt

مأزق الانتخابات

M.Adam
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين   

الواضح.. أن رسالة السيد رئيس الجمهورية إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، لاقت ارتياحا فى البلد؛ لتناولها مخالفات انتخابية، كانت محل تعليق وامتعاض الناس.. طوال الأسبوعين السابقين؛ خاصة بعد أن قررت الهيئة إلغاء نتائج تسع عشرة دائرة، وإعادة التصويت بها.

ولكن هل ستنجح هذه التطورات المفاجئة.. والمتلاحقة، في وضع الانتخابات على مسارها الصحيح؟ أو تحسين صورة البرلمان القادم في أذهان الناس؟ وهل ستحقق هدف الكشف عن إرادة الناخبين.. كما وجه السيد الرئيس؟

للأسف.. لا أظن ذلك. بل أخشى أن يظل البرلمان القادم – حتى بعد هذا التدخل – غير ممثل لإرادة الشعب، وأن يظل معيبا فى نظر الناس، وذلك للأسباب التالية:

أولا: أن العيب الأساسي في تشكيل المجلس، هو نظام القائمة المطلقة.. الذي يلغى مفهوم الانتخاب من الأصل، ويستغني عن إرادة الشعب، ويستبدل بها اتفاقات ومساومات.. لتشكيل قائمة واحدة، لا يحتاج أعضاؤها لانتخابات ولا لناخبين. وهذا لم يتغير.

ثانيا: أن إعادة التصويت في 19 دائرة.. لن يحسن كثيرا من رؤية الناس للبرلمان القادم، أو يغير اعتقادهم.. بأن التجاوزات الانتخابية كانت السمة الغالبة في معظم الدوائر.

ثالثا: أن وضع الهيئة الوطنية للانتخابات.. صار مُحرِجا؛ فهي هيئة مستقلة بحكم القانون، ولكنها لم تحرك ساكنا.. حيال المخالفات الظاهرة، إلا بعد إعلان السيد رئيس الجمهورية عن موقفه. وهذا التراخي أساء لها وانتقص من مصداقيتها.

رابعا: أن الواضح.. أننا لسنا بصدد تجاوزات بسيطة، بل مخالفات جسيمة. ولو لم تكن كذلك، لما استدعت تدخل أعلى سلطة في البلد. فهل ينتهي الأمر بمجرد إعادة التصويت في بعض الدوائر؟ أم أن هناك تحقيقات مطلوبة، وكشف عن مصادر الأموال المدفوعة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفوضى؟

وخامسا: إن قرار الهيئة بإعادة التصويت في 19 دائرة، لن يضع نهاية للتنازع بشأن المخالفات التي وقعت.. لأنه قرار إدارى؛ قابل للطعن عليه قضائيا، ما يعني أن الملف لن يُحسم بسرعة أو بسهولة.

على الجانب المقابل، فقد تابعت كتابات ومطالبات.. بعدم الاكتفاء بإعادة التصويت في بضع دوائر فقط، وإنما إلغاء الانتخابات التي جرت كلها.. بما فيها مجلس الشورى. وبرغم أن هذه مطالب منطقية – فى ظل ما أصاب النظام الانتخابي من عوار – إلا أنني لا أتفق معها.. لسببين؛ الأول: أن هذا التصور يعني دخول البلد في أزمة دستورية بالغة التعقيد، ولا نحتاجها الآن. والثاني: أن إجراء انتخابات جديدة.. وفقا للقانون السارى ونظام القوائم المطلقة، لن يؤدي لنتيجة أفضل.. نظرا لأن العيب الأساسي – كما سبق القول – في النظام الانتخابي، وليس في مخالفات التصويت.

ما العمل إذن في هذا الوضع الشائك؟ 

… فلا مجرد إعادة التصويت في الدوائر التسع عشرة.. سيكون كافيا، ولا إلغاء الانتخابات السابقة كلها، ثم تكرارها وفقا لذات القانون.. سيكون مفيدا، ولا السكوت على الوضع السابق مقبول.. لأن مصر تستحق حياة حزبية ونيابية حقيقية.

الخروج من المأزق الحالي ضروري، وقد يكون ذلك ببعض التحسين والضبط، ولكن يجب أن يظل هدفنا.. هو برنامج إصلاح سياسي ونيابي، يتضمن العدول عن نظام القائمة المطلقة، وإطلاق حرية العمل الحزبي، ومحاربة الرشاوى الانتخابية. 

… فعندئذ قد يعود البرلمان قادرا على القيام بمهمتي التشريع والرقابة.. على النحو المطلوب.

نقلا عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة