عمرو الشوبكي
لم تعد «حماس» تمتلك أي أوراق.. للضغط على إسرائيل إلا ورقة الرهائن، بعد التراجع الكبير الذي أصاب قدراتها العسكرية، وغياب أي تواصل سياسي مع العالم الخارجي (باستثناء عدد محدود من دول العالم)؛ بمن فيهم مناصرو القضية الفلسطينية في الغرب.
والحقيقة أن تل أبيب.. لم تتعامل مع هذه الورقة بالاهتمام والأولوية المطلوبة، كما كانت تتعامل من قبل.. مع حالة الجندي «جلعاد شاليط» – الذي أسرته حركة حماس، وبادلته بـ 1027 أسيراً فلسطينياً (بينهم يحيى السنوار) – وتصورت «حماس» أن ذلك سيكون الأساس.. الذي سيحكم أي عملية تبادل أسرى قادمة بين الجانبين، وأن إسرائيل – التي قبلت أن تبادل جندياً واحداً.. بأكثر من ألف فلسطيني – ستضطر حتماً أن تبادل أكثر من 100 أسير إسرائيلي.. بآلاف الأسرى الفلسطينيين.
والحقيقة، أن ما جرى كان عكس هذه التصورات، وأن نخبة ومجتمع «إسرائيل الجديدة».. ذهبت إلى مكان آخر، وباتت الأمة والأمن القومي.. فوق الأفراد، وأن البلد.. التي قبلت بمبادلة أسير واحد بألف قد تغيرت، واستغنت – ولو ضمناً – عن أبنائها وتركتهم فريسة الموت.. من أجل تحقيق أهداف «الأمة».. في الأمن، والقضاء على الإرهاب، واجتثاث حماس… إلخ، من المفردات السائدة.
صحيح أن هناك ضغوطاً – مارسها جانب من الرأي العام الإسرائيلي – على نتنياهو، من أجل الوصول إلى صفقة تبادل أسرى، إلا أن الغالبية.. ظلت مقتنعة بما يفعله من جرائم، وتقبلت التخلي عن الجانب الليبرالي.. في منظومة الحكم فى إسرائيل – التى وضعت قيمة الفرد اليهودى فوق أى اعتبار – وذهبت فى اتجاه الأفكار الشعبوية والقومية المتطرفة؛ التى تلغى الفرد، وتتحدث عن المهام المقدسة للأمة، وعن «العماليق».. الذين يجب القضاء عليهم؛ وفق الأساطير التوراتية.
وامتَلأت تغريدات نتنياهو وتصريحاته.. بمفردات دينية/قومية لا حصر لها، وعكست التحولات التى شهدها المجتمع الإسرائيلى، وجعلته يتقبل فكرة.. أن انتصار الأمة أهم من تحرير الرهائن.
المكسب الوحيد الذى يمكن أن يحصل عليه الشعب الفلسطينى.. من وراء القبول بإطلاق سراح الرهائن، هو إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وليس ضمان وقف العدوان. وهو مكسب يجب أن تحرص عليه حماس، لأنه – مع الوقت – سيتلاشى، وستنعدم إمكانية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.. مع تراجع أعداد الرهائن، وبالتالى تراجع أهمية هذه الورقة.
إن المئة أسير إسرائيلى لدى حماس – الذين أصبحوا بعد أشهر 50، حتى وصلوا.. قبل اقتحام جيش الاحتلال لمدينة غزة إلى 20 – مرشحون أن يصبحوا «صفراً»، بما يعنى انتفاء فرصة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.. وخاصة أصحاب «المؤبدات»؛ بما يعنى بقاءهم حتى الموت فى سجون الاحتلال.
قد يُعظَِّم إتمام عملية تبادل الأسرى.. من إمكانية إيقاف الحرب، لكن المؤكد أنه سيؤدى إلى إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين.. من السجون الإسرائيلية، وربما إنقاذ حياة مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، الذين باتوا مهددين بالقتل والجوع.
نقلاً عن «المصري اليوم»