عبدالقادر شهيب
أهم ما يلفت الانتباه في الهجوم الإسرائيلي على قطر، أن أمريكا – التي ترتبط معها (قطر) باتفاقية دفاع مشترك، لم تتحرك للدفاع عنها والتصدِّي لهذا الهجوم عليها!
كل ما فعلته أمريكا، هو أنها أبدت عدم سعادتها بهذا الهجوم، وإن رأت فيه جانباً إيجابياً.. هو تحريك المفاوضات للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة – كما قال الرئيس ترامب – وأضاف أنه.. عندما علم بذلك الهجوم، طلب من ويتكوف إبلاغ قطر – بعد فوات الأوان – وإن كان رئيس وزراء قطر قد نفى.. أن أحداً قد أبلغ بلاده شيئاً ما.
أما القاعدة العسكرية الأمريكية الموجودة في قطر، وتُعد أكبر قاعدة عسكرية في العالم.. وليست في المنطقة فقط، فقد اكتفت بمتابعة الضربة الإسرائيلية.. دون أن تحرك ساكناً، رغم أنها ظلت لنحو اثني عشر يوماً تتصدَّى لصواريخ ايران الموجهة لإسرائيل!
وهذا يعني بجلاء، أن القواعد العسكرية الأجنبية لا تحمي أحداً.. باستثناء إسرائيل وحدها! رغم إن ترامب أعلن – بصراحة بالغة – أن بلاده تحصل على الأموال من الخليج.. مقابل توفير الحماية له، ولكن عندما احتاجت دولة فيه للحماية.. لم يحرك ساكناً، وحتى التحذير المسبق من هذا الهجوم، بخلت به أمريكا على الأشقاء في قطر – كما أكد ذلك رئيس وزرائها – أو جاء بعد فوات الأوان، أي بعد بدء الضربة! رغم أن القاعدة العسكرية الأمريكية كان في مقدورها التصدي للضربة الإسرائيلية، حتى لو فوجئت بها واشنطن.. أليست القاعدة مجهَّزة لذلك ؟! أوليست أمريكا هي التي أمرت نتنياهو بإعادة الطائرات الإسرائيلية في الجو.. بعد أن انطلقت في اتجاه إيران، لتوجيه ضربة لها.. بعد إعلان ترامب وقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟
ولذلك، فإن إعلان ترامب أن نتنياهو.. هو المسؤول وحده عن تلك الضربة، لا يعفي أمريكا من مسؤولية التقاعس عن حماية الشقيقة قطر – التي تربطها اتفاقية دفاع مشترك بأمريكا، وتوجد بها قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة – من الضربة الإسرائيلية.
أما عن وعد ترامب للأشقاء في قطر، بأن هذا الهجوم الإسرائيلي.. سيكون الأخير، ولن يتكرر مرة أخرى، فمنَ يضمن تنفيذ هذا الوعد.. إذا كان الرئيس ترامب يرمى بالمسؤولية كلها على نتنياهو؟!
ألا يمكن أن يفاجئه نتنياهو بضربات أخرى، ويفوت الأوان مجددا لتحذير قطر منها؛ خاصة أنه وجد لرئيس حكومة الاحتلال مبرراً لها، وهو دفع مباحثات وقف إطلاق النار في غزة، والتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» في القطاع.
إن ما تؤكده الضربة الأمريكية، هو أن الحماية الأمريكية مكفولة فقط لإسرائيل، ولا حماية أمريكية لنا نحن العرب.. مهما دفعنا من أموال، ومهما حافظنا على المصالح الأمريكية، ومهما قبلنا إقامة قواعد عسكرية أمريكية على أراضينا. لن يحمينا سوى أنفسنا، وتضامننا، وتحالفنا معاً، وتساندنا على بعضنا البعض.
… هذا أمر أدركته مصر مبكراً، ولذلك رفضت – بحزم وحسم – إقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها؛ سواء على البحر المتوسط أو البحر الأحمر، وطرحت بديلاً من روح اتفاقية الدفاع المشترك للجامعة العربية.. وهو قوات عربية مشتركة.
لقد تعرَّضت مصر – على مدى عقود – لضغوط كبيرة، لكي تسمح بإقامة قواعد عسكرية – غربية وشرقية – على أراضيها، أو لتحالفات عسكرية مختلفة. لكنها رفضت ذلك بقوة وحزم.. رغم أنها دفعت ثمن ذلك باهظاً. وكل ما سمحت به فقط، هو المناورات العسكرية المشتركة مع الجميع، شرقاً وغرباً، لأنها تستفيد منها.
نقلاً عن «أخبار اليوم»