Times of Egypt

عرب 2025.. رُبَّ يومٍ بكيتُ منه!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

في عام 1916، وقعت بريطانيا وفرنسا سراً اتفاقية «سايكس-بيكو» لتقسيم أراضي الدولة العثمانية؛ وتحديداً مناطق النفوذ في المشرق العربي. حصلت لندن على العراق وفلسطين وشرق الأردن، بينما اقتنصت باريس سوريا ولبنان. كانت الاتفاقية مقدمة لصدور وعد بلفور في العام التالي، الذي تعهدت فيه الحكومة البريطانية بالعمل لإقامة «وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين». اعتبر العرب انهم تعرضوا للخيانة والخديعة من الغرب – خاصة بريطانيا – التي وعدت الشريف حسين أمير مكة.. بدولة عربية موحدة مستقلة.

طيلة العقود التالية، أقام العرب «حائط مبكى».. حزناً على ضياع حُلم الوحدة العربية الشاملة. اعتبروا ان الحدود «الجديدة» لدولهم.. تخدم مصالح الاستعمار الغربي، ولا تعكس الحقائق الجغرافية والسكانية والتاريخية والحضارية.. التي تؤهلهم لإقامة دولة عربية موحدة في الشام والعراق والجزيرة العربية. ظلت فئات من السكان لا تعترف بتلك الحدود، وتعتبرها مصطنعة.. تفرق بين العربي وأخيه.

قطاعات مهمة من اللبنانيين رفضوا الاعتراف بدولتهم.. مطالبين بالوحدة مع سوريا. لكن مع استقلال الدولة العربية القطرية، بدأت الأمور تتغير. سعت الحكومات إلى الحفاظ على الحدود التي رسمها الاستعمار.. باعتبارها الأصلح والأكثر ديمومة. رويداً رويداً، تأقلمت الشعوب مع تلك الحدود، التي أصبحت تشكل أساس الدول القائمة. 

محاولات الوحدة العربية – خاصة بين مصر وسوريا – سرعان ما واجهت تحديات ومشاكل. بعض الحكومات عملت ضدها. الأزمات الداخلية والاقتصادية والاجتماعية.. أدت إلى تراجع حلم الوحدة.

توقفت دعوات إزالة الحدود بين الدول العربية، وفرض الشعوب الوحدة بالقوة.. بل ظهرت نعرات قطرية بين الحكومات والشعوب العربية. الأولوية أصبحت ليست للعمل العربي المشترك، والمضي قدماً نحو الوحدة، بل مصالح الدولة فقط. 

على مدى 80 عاماً من إنشاء جامعة الدول العربية، حدث تراجع منتظم عن الأهداف التي تضمنها ميثاق الجامعة. أصبحت اتفاقيات.. مثل الدفاع العربي المشترك والوحدة الاقتصادية – التي تهدف لإنشاء سوق عربية مشتركة وتسهيل حركة تنقل الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال بين الدول الأعضاء – حبراً على ورق. حصول مواطن عربي على تأشيرة دخول بعض الدول العربية.. أقرب للمستحيلات الثلاثة (الغول والعنقاء والخل الوفي). 

بعد الاقتتال العربي-العربي خلال العقود الماضية، تغيرت نظرة بعض العرب لما كان يسمى «الاستعمار». هناك من طلب دعمه في وجه «المعتدي» الشقيق.. كما في غزو العراق للكويت. الآن، يحدث تحول آخر.. قد يكون من الضروري لعلماء الاجتماع والسياسة العرب دراسته بعمق. أمريكا أعلنت – قبل شهور – نيتها الانسحاب التدريجي من مواقعها العسكرية الرئيسية في العراق؛ خاصة قاعدتي «عين الأسد» و«فيكتوريا». بعض العراقيين أعربوا عن قلقهم، وأبدوا مخاوفهم من حدوث فوضى وعدم استقرار.. في الأوضاع الهشة أساساً بمناطق عدة من العراق، إذا تم الانسحاب. تصاعدت المخاوف من عودة الجماعات المتطرفة؛ خاصة داعش.

هناك مقولة منسوبة للإمام علي بن أبي طالب: «رُبّ يومٍ بكيتُ منه، فلما صرتُ في غيره، بكيتُ عليه». 

خلال قرن من الزمان، انتقل العرب من حُلم الدولة العربية الواحدة، إلى الدفاع عن الحدود التي رسمها الاستعمار، وأخيراً إلى مطالبة الاحتلال بالبقاء. سبحان مغير الأحوال.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة