Times of Egypt

قصف الدوحة.. خطوة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية 

M.Adam
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين 

مع محاولة اغتيال مفاوضي حركة «حماس».. في العاصمة القطرية قبل أيام، تكون إسرائيل قد تجاوزت مرةً أخرى خطاً أحمر جديداً.. بالسعي لتصفية من يتفاوضون معها.

خط أحمر جديد.. يضاف إلى خطوط حمراء كثيرة، جرى تجاوزها خلال العامين الماضيين؛ قصف المستشفيات، استهداف المدارس، منع دخول المساعدات الإنسانية، إطلاق النار على مراكز توزيع المعونات، إزاحة قرى وأحياء بأكملها من الوجود، استهداف الصحفيين، قصف المناطق المتخذة ملاذات آمنةً، وقبل كل ذلك قتل أكثر من ستين ألف شخص، ودفع مليوني فلسطيني للهجرة.

القاسم المشترك لهذه الخطوط الحمراء التي تم تجاوزها، هو إدراك الحكومة الإسرائيلية أن الظروف العالمية والإقليمية تسمح بذلك، وأن غاية ما سيترتب من عواقب.. هو المزيد من الانتقاد الإعلامي، والمظاهرات الطلابية، والتحركات الدبلوماسية، والبيانات شديدة اللهجة من الحكومات والمنظمات الدولية. ثم تمضي الأمور بعد ذلك دون أي ردع أو تهديد حقيقي.. يوقف حرب الإبادة الجارية على مرأى ومسمع من العالم.

لا أقصد التقليل من الجهود التي بذلتها دول عديدة – على رأسها مصر وقطر – للتوصل إلى وقف العدوان على أهل غزة، أو المواقف الداعمة لبلدان مثل جنوب أفريقيا وإسبانيا وأيرلندا والبرتغال وغيرها.. في المحافل الدولية، أو الشجاعة التي انخرط بها جيل جديد من الشباب في أنحاء العالم.. لدعم أهل غزة والقضية الفلسطينية، أو جهود منظمات وجمعيات وأفراد مستقلين.. يحاولون – بقدر الإمكان – عمل أي شيء مفيد، ولو كان محدوداً.

كل هذه الجهود محل تقدير واحترام. ولكن للأسف لم تغير من حقيقة أن إسرائيل مضت – ولا تزال ماضيةً – في مخططاتها؛ واثقةً من أن الظروف تسمح لها بذلك: ظروف انشغال الحكومات الأوروبية بحرب أوكرانيا وبصعود اليمين المتطرف، والحكومة الأمريكية بالصراع مع الصين وبشؤونها الداخلية، والوطن العربي بانقساماته وحروبه الأهلية وأزماته الاقتصادية، وغياب قيادة رسمية وطنية تمثل الشعب الفلسطيني، وصمت الشارع العربي يأساً أو قهراً.

محاولة تصفية المفاوضين في الدوحة.. ليست مجرد خط أحمر جديد يتم تجاوزه، بل تعبير عن نية إسرائيل استغلال هذه الظروف المواتية.. كي تمضي في طريق تنفيذ الحل النهائي، لما تعتبره «المشكلة الفلسطينية».

والحل النهائي هو تهجير جانب كبير من سكان غزة والضفة الغربية.. إلى دولتي الجوار – مصر والأردن – ومنهما إلى من يقبل استقبالهم في بلدان أخرى، وإبقاء باقي السكان تحت إدارة أمنية مشددة.. مع استخدامهم – حسب الاحتياج – مصدراً للعمالة الرخيصة، وإنهاء المقاومة المسلحة، والقضاء على أي تهديد عسكري من دول المنطقة.. وصولاً إلى إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياحية مع الوطن العربي؛ ولكن من منظور التفوق العسكري والتكنولوجي.

تصفية القضية الفلسطينية ليست الهدف النهائي، بل وضع الترتيبات المطلوبة لضمان أمن إسرائيل بشكل عاجل، ولضمان تفوقها وسيطرتها على المنطقة على المدى الأطول. ليس في هذا الطموح الإسرائيلي من جديد. غاية ما في الأمر، أن الظروف العالمية والإقليمية سمحت بأكثر مما كان يحلم به مؤسسو الدولة الإسرائيلية، بل وأكثر المتشددين فيها.

أخشى أن نكون على أعتاب مرحلة جديدة، ليس الهدف منها التوصل لتسوية أو تهدئة أو تبادل أسرى، بل الوصول لنهاية المطاف.. الذي يحلم به المتطرفون في إسرائيل.

هذه ليست نتيجة حتميةً ولا محسومةً بالضرورة. ولكن لن يغير من مسار العدوان الإسرائيلي.. إلا موقف عربي موحد وقوي؛ يدعم الشعب الفلسطيني، ويتجاوز الانقسامات العربية، ويستخدم كل الأدوات المتاحة له للضغط على حلفاء إسرائيل، ويتواصل مع الرأي العام المساند للقضية الفلسطينية، ويعمل على تقديم تصور بديل للمستقبل.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة