أمينة خيري
«معايا شقة بابيعها بأقل من سعرها بـ2 مليون».. «بابيع شاليه بسعر لقطة من المالك مباشرة. التشطيب ألترا سوبر لوكس».. «أوكازيون الصيف. شقة فندقية في أرقى منتجع في الساحل الشمالي.. لهواة الرقي والفخامة».
إعلانات كانت تطالعك، ثم أصبحت تخبطك ـ بعد أن تقترف غلطة عمرك، وتنقر نقرة واحدة ـ أينما ذهبت.. من «فيسبوك» إلى «إنستجرام»، وطبعاً لو تصرفت تصرفاً طائشاً، وأرسلت رسالة – كما هو مطلوب في الإعلان.. المعنون «للجادين فقط» – فقد أصبح رقم هاتفك على سيرة كل مطوِّر عقاري، وعلى لسان كل سمسار هاو.
«الشغل مش عيب»، وضيق فرص العمل في السوق.. مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة، يجبرنا على تفهم موقف هذه الجيوش الجرارة.. من مندوبي ومندوبات المبيعات، وممثلي وممثلات ما يسمى «المطورين العقاريين»، والبروكرز والـ Agents، والمستشار العقاري، وخبير التسويق، والمتخصص في الصفقات، والمفاوض العقاري… إلى آخر المسميات المنقولة من «أوروبا والدول المتقدمة». نقلنا المسميات، وحين تعلق الأمر بالمحتوى، وطريقة ممارسة الشغلانة وتفاصيلها، انغمست وغرقت وغاصت وغطست.. في العشوائية والفوضى غير الخلاقة.
كيف يمكن لشاليه أسماء، وشقة شيماء، و«تاوين هاوس» هشام، وفيلا منفصلة فتحي، وقصر أدهم، ووحدة «ريسيل».. مختار أن يكون جميعها تشطيباً واحداً، ومفروشاً بالأثاث الفاخر نفسه، ومزوداً بالأجهزة الكهربائية ذاتها؟!.. بداية القصيدة التسويقية كفر! الكثير ـ ولن أقول أغلب ـ الصور التي يتم إلحاقها بإعلانات بيع العقارات، اجتهاد شخصي.. نتيجة البحث على الإنترنت، ولا علاقة لها بالواقع، إلا قليلاً.
أما موضة تكرار الحروف حيث «روووووعة» و«فرررررصة» و«إلحقققققق» وغيرها.. من شغل أساليب الجذب، لا تصلح إلا للمناداة على السلع المفروشة.. على أرصفة العتبة والموسكي؛ مع كل الاحترام والمودة.. للبائعين والمشترين هناك، ولكن لكل مقام مقال.
ولن أشير إلى آفة «السعر إنبوكس»، ومعها «إيموجي» النيران المشتعلة.. للدلالة على الفرصة الساخنة، والقلوب المتناثرة، والرجل الذي يركض وغيرها، فلا أظن أنها ستؤثر كثيراً في قرار الشراء لدى الجمهور المستهدف.
ثم إيه حكاية «معايا شقة» و«عندي شاليه»؟ ولماذا الكذب البين، والادعاء بأن الإعلان «من المالك مباشرة».. بينما المعلن سمسار؟ وأزيد من الشعر بيتاً، وأقول.. عن رؤى العين مع «مطورين عقاريين».
… في الزيارات الأولى قبل الشراء، تدخل الشركة أو المكتب فتجد أن الموظفين يوشكون على حملك على الأعناق، مع تقديم الموكا والكابتشينو، وحبذا لو غذاءً أو عشاء. تنهي عملية الشراء، وبالطبع لا يُسمح لأحد على وجه الأرض.. بالتأخير في سداد الشيكات المستحقة، أو دفع الصيانة، وفروقها المهولة. أما أن يتأخر «المطور العقاري» في التسليم.. سنة وسنتين، وأربعة وعشرة، فلا غبار عليه. هنا تذهب إلى الشركة، فتشعر أنك هواء نقي لا يراك أحد. تحاول مقابلة مسؤول التسليم، أو خبير التشطيب، تجد أن جميعهم في «إجازة النهاردة».. مع وعد لا يتحقق بالاتصال.
سوق التسويق العقاري.. في منتهى السوء. المؤكد أن هناك استثناءات جيدة، أو محترفة، أو صادقة، أو كفؤاً. لكن القواعد غائبة، وقوانين الضبط والربط.. في حالة سيولة.
نقلاً عن «المصري اليوم»