عمرو الشوبكي
تلقيت من الأستاذ معتز تفاحة.. رسالة تحمل وجهة نظر – مخالفة لما ذهبت إليه في عمود سابق – حول قضية سلاح حزب الله.
عزيزي د. عمرو الشوبكي المحترم، أشكرك على مقالك الهادئ الذي تُسلط فيه الضوء على سلاح حزب الله مُجدداً. أعتقد أن اختزال قضية سلاح حزب الله.. في موضوع الطائفية وحده، ليس منصفاً (لم أقل ذلك وأعتبرها أحد الجوانب التي تُفسر موضوع سلاح الحزب). فالحقيقة التي يعلمها الجميع أن هناك كثيراً من اللبنانيين – غير الشيعة – يرفضون تسليم الحزب سلاحه، ويدعمون المقاومة المسلحة.. طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي والأجواء اللبنانية. وبالعكس، هناك بعض أبناء الطائفة الشيعية يميلون إلى نزع السلاح.
ولا أريد هنا أن أخوض في أسباب تمسك المقاومة بسلاحها، ولكني أود أن ألفت الانتباه إلى أمر آخر قد يكون أكثر أهمية، وهو الديمقراطية. غياب الديمقراطية الحقيقية كان السبب الرئيسي.. في تسابق كثير من الأنظمة العربية، إلى توقيع اتفاقيات سلام وتطبيع مع العدو الصهيوني، بقرارات فردية من زعمائها.. دون تأييد شعبي أو حوار مجتمعي، أو – على الأقل – دعم من البرلمانات التي صمموها خصيصاً لدعمهم، إن وُجدت.
أما في لبنان فالوضع مختلف. الحق أن الطائفية البغيضة التي مزقت لبنان، وأدخلته في حرب أهلية ضروس.. خلقت نوعاً من الديمقراطية أُسميه «الديمقراطية الخشنة». كما هو معلوم، بُني لبنان للأسف على نظام محاصصة طائفية، يكون فيها الانتماء للطائفة أو الجهة.. أولى من الانتماء للوطن. ومع الزمن، تشكلت داخل هذه الطوائف.. تيارات وأفكار سياسية؛ مشفوعة بظروف كل طائفة، والجغرافيا التي تحتلها. بعد انتهاء الحرب، وجد المواطن اللبناني نفسه يملك هامشاً معقولاً من حرية التعبير والاختلاف. ذلك أن الماروني، على سبيل المثال، يستطيع أن يتبنى موقف المقاومة دون أن يخشى من السلطة لأن هناك طائفة في مُعظمها تدعم المقاومة. والعكس أيضاً صحيح.
وهكذا وفرت الطائفية ملاذاً آمناً للمُعارضين من كل طائفة. ليست هذه الديمقراطية التي نحلم بها، ولكنها تبقى في نظري شكلاً من أشكال الديمقراطية. والآن، وبما أن الحكومة اللبنانية.. قررت – دون تأييد شعبي أو استفتاء ديمقراطي شفاف – أن يُسلم حزب الله سلاحه، وأن تُعطي الأولوية لنزع السلاح.. بدلاً من طرد المحتل، تحول حزب الله إلى ملاذ آمن لكل اللبنانيين، الذين يرفضون التخلي عن خيار المقاومة المسلحة، والذين يشعرون بمخاوف أمنية. وتحول هؤلاء للدفاع عن الحزب وسلاحه.
إنها «ديمقراطية خشنة».. في غياب الديمقراطية الحقيقية. ملحوظة: لماذا يحق لإسرائيل وحدها أن يكون لديها مخاوف أمنية، ولا يحق للبنانيين – أو باقي العرب – أن تكون لديهم مخاوف أمنية؟ آسف على الإطالة.
مع وافر الود والاحترام
معتز تفاحة
نقلاً عن «المصري اليوم»