عمرو الشوبكي
حادثة كمين الضبعة.. ليست الأولى، و للأسف.. لن تكون الأخيرة؛ فمع زيادة حوادث الطرق، وفوضى السير، والبناء، وغياب الأولويات الصحيحة، والتعامل مع تقرير صحفي منشور.. على أنه معاد، يتطلب تقديم بلاغ للنائب العام.. قبل التراجع عنه، فإن السؤال المطروح.. لماذا تستمر فوضى المرور، وهدم المقابر والمباني التاريخية، لصالح محور أو كوبري.. في حين أن أي بلد آخر – لديه أقل بكثير مما نمتلكه – يفعل العكس، ويهدم الكوبري.. ليحافظ على رونق مبنى قديم.
لا أحد ينكر أن الكمائن الثابتة.. مطلوبة، ولكن الكاميرات والرادارات والتحرك السريع.. لرجال إنفاذ القانون.. مطلوبة أكثر. وأن أخذ حارة – أو عدة حارات – لسيارة شرطة.. على الطرق السريعة، حتى لو وضعت علامات أمامها.. أمر شديد الخطورة، ولا نجده إلا في بلادنا.
لماذا نحن – دون غيرنا.. في معظم البلاد العربية؛ من الخليج إلى بلدان المغرب العربي، ومن تركيا إلى مختلف دول العالم شرقاً وغرباً – تطوير الحي فيها.. لا يعني إزالة الرصيف أو «تصغيره»، ولا يعني بناء الكباري، والمقاهي القبيحة تحته، إنما يعني الاهتمام بأولويات البشر والناس.. بوجود أماكن آمنة لعبور المشاة، ورصيف آدمي للسير عليه.
فمن مصر الجديدة إلى أحمد عرابي، فإن مشهد توسيع الشارع، وإزالة الرصيف في حي سكني.. مؤلم؛ لأنه يخلف – بصورة شبه يومية – قتلى.. نتيجة أن الفكر السائد، لا يفرق بين طريق سريع وطريق في حي سكني؛ فالهدف في الأول هو السيارة، وجودة الطريق، أما وجود الرصيف وسلامة المشاة.. فليس أولوية!
لا يمكن أن نعتبر أن إزالة المساحات الخضراء، وهدم الرصيف، وقطع الأشجار.. تطويرا، إنما هو تدمير للقواعد.. التي تحكم تطوير الأحياء السكنية في كل الدنيا، وتتطلب تأمين مساحة أكبر للبشر والناس، وليس للحجر والأسمنت.
لماذا نحن الذين نهدم مبانينا القديمة.. في بلد يتعين أن يستثمر كنوزه التاريخية وسحره القديم، بينما يأتي سياح زائرون.. لمشاهدة آثاره ومبانيه وأحيائه القديمة، وليس ناطحات سحاب في أحيائه الجديدة، وفي أيدينا.. أن نبني الجديد الذي تتطلبه مقتضيات الحياة الحديثة، ونحتفظ بالقديم الذي نحتاجه أكثر.
لماذا نحن الذين اعتدنا أن «نفعص».. في أي منطقة قديمة، ونلصق بها جديداً.. لا علاقة له بتراثها ومبانيها القديمة؛ فممشى أهل مصر.. مفهوم في مداخل القاهرة، وغير مفهوم في حي عريق مثل الزمالك، فهو ليس له علاقة بنسقه المعماري، ولا بأولويات سكانه. وبات يعاني من محلات عشوائية.. شوهته، وكذلك استهداف لا يتوقف.. لمداخله ومبانيه، وحديقته اليتيمة.. «حديقة الأسماك».. رغم أنه إذا نُظِّم فقط، لأصبح واحداً من أجمل أحياء العالم، وأكثرها جاذبية للسياح.
لا يجب أن نستمر في التعامل بهذه الطريقة.. مع عمليات تطوير الأحياء، ولا يجب أن تكون الصرامة قاصرة فقط.. على المجال السياسي. إنما يجب أن تكون هناك قواعد صارمة.. لتنظيم الحياة العامة، وعمليات البناء، وتطوير الأحياء، وحركة المرور.. قائمة على راحة البشر.
نقلاً عن «المصري اليوم»