Times of Egypt

عصام كامل!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

عرفت عصام كامل – رئيس تحرير جريدة وموقع «فيتو» – منذ عام 1983. كنا أبناء دفعة قسم الصحافة في إعلام القاهرة عام 1987. ومن حينها وحتى الآن، لم يتغير. مُبتسم دائماً، يُشع بالسعادة والطمأنينة.. على من حوله. علاقته بجميع الزملاء.. فيها وُد وأريحية ومحبة. هذا على المستوى الإنساني.. الذي تأكد – فيما بعد – عقب التخرج، وتبوُّء عصام مكاناً مُهماً على خريطة الصحافة المصرية. لم يتردد في تقديم المساعدة لمن يطلب. تعرَّض لمحنة أُسرية صعبة للغاية، لكنه صمد وتعالى على الجراح. ظل كما هو.. الإنسان المُحب للحياة، الراغب في خدمة الآخرين.. بقدر ما يستطيع.

على المستوى المهني، كان الصديق العزيز.. أحد أبرز أبناء الدفعة. تتلمذ على أيدي كبار الصحفيين؛ وفي مقدمتهم الراحل الكبير صلاح قبضايا (1938- 2014) – الصحفي العملاق والكاتب القدير ورئيس تحرير «الأحرار».. أول صحيفة معارضة في مصر بعد ثورة يوليو، التي أصدرها عام 1977 – تعهد قبضايا صديقنا بالرعاية والاهتمام، ومنحه الفرصة تلو الأخرى. ولم يُخيب عصام ظنه. أبلى بلاءً حسناً في كل مهمة جرى تكليفه بها. أصبح مُديراً لتحرير «الأحرار»، وأوكل إليه الراحل الكبير، كامل المسؤولية تقريباً. 

لكن قضية عصام لم تكن منصباً صحفياً مهما كانت أهميته. كان يبحث عن الصحافة، ويُريد أن يُقدم نموذجاً جديداً لخدمة القارئ والوطن.

تحقق هذا الأمل، عندما أسس موقع وجريدة «فيتو».. عقب ثورة يناير 2011. جمع عصام حوله مجموعة.. من أكثر الصحفيين المصريين مهنية والتزاماً بآداب المهنة ومواثيقها. كان بينهم أصدقاء وزملاء له، لكن القوام الأساسي للمشروع.. اعتمد على الشباب من خريجي كلية الإعلام، وأقسام الصحافة. من خلال «فيتو» ظهرت قدرات عصام المهنية والقيادية؛ أعطى الفرصة للجميع، فأصبح الموقع أحد أهم مصادر الأخبار في مصر، وأضحت الصحيفة الأسبوعية نموذجاً للصحافة المهنية المبدعة.. التي تُعالج القضايا، وتكشف الأخطاء.. دون أن تتورط في السب أو القذف. لم يكن مشروع «فيتو» الصحفي مُعارضاً، لكنه كان – منذ البداية – وطنياً، حريصاً على القيام بدوره الصحفي.. بمهنية واحترام. خاض معارك كثيرة، كان بعضها كفيلاً بحرفه عن مساره، أو توقفه، لكن مهنية وخبرة وقدرات رئيس التحرير.. أنقذته من الزلل، ومن كمائن عديدة تعرَّض لها.

في كل حملة صحفية، أو تحقيق، أو مقال.. كان الهدف الصالح العام، والإيمان بأن هذا هو دور الصحافة الحقيقي. في الأزمة الأخيرة التي تعرضت «فيتو» لها.. عقب نشر الجريدة ملفاً عن «جمهورية المستشارين» داخل عدد من الوزارات، كانت المهنية هي الرائد، والمعلومة والتوثيق والهدوء في التناول.. سمات أساسية. 

لم يكن تقديم وزارة النقل شكوى للنائب العام – ثم سحبها – ضرورياً. 

الرد، والنشر في نفس المكان.. ضمانة أساسية، تُقدمها القوانين، ومواثيق الصحافة.. لكل من يشعر بتعرضه للظلم، أو أن هناك عدم دقة في النشر. ثم إن نقابة الصحفيين.. هي المنوط بها التحقيق في هذه القضايا. 

أجاد عصام كامل التعامل مع الأزمة، ولم يُحاول أن يصنع من نفسه بطلاً. لكنه قدم نموذجاً عملياً للصحافة.. التي تُريد أن تبني، وتصحح، وتُمارس حقها.. في النقد، وكشف الأخطاء.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة