مودي حكيم
أتابع في ربيع كل عام – على موقع بيل جيتس – حرصه الدائم على ترشيح عدد من الكتب.. للقراءة
الصيفية، ومنها كتاب «عالم جديد شجاع» (Brave New World)؛ أيقونة من أيقونات الخيال العلمي،
الذي يستشرف واقعاً بائساً مريراً.. يحدث في المستقبل. كتبه قبل 9 عقود (عام 1931).. الروائي
والمؤلف الفيلسوف الإنجليزي ألدوس هكسلي، الذي ألّف ما يقارب خمسين كتاباً – رواياتٍ وأعمالاً غير
روائية – بالإضافة إلى مجموعة واسعة من المقالات والروايات والقصائد. رُشح لجائزة نوبل في الأدب
سبع مرات، وانتخبته الجمعية الملكية للأدب رفيقاً للأدب عام 1962.
أتاحت لي فرصة الإقامة بلندن – في هذا الوقت من كل عام – الحصول على نسخة من روايته الأشهر..
«عالم جديد شجاع». الذي قدَّم فيه هكسلي.. رؤيته لمجتمع خيالي.
تدور أحداث الرواية – بشكل رئيسي – في دولة عالمية مستقبلية، يُهندَس ويندرج مواطنوها بيئياً.. في
تسلسل هرمي اجتماعي.. قائم على الذكاء. تشارك «عالم جديد شجاع» رؤيةً للتقدم العلمي، وتدمجه في
مجتمع ديستوبي (Destopia) «فاسد أو غير فاضل».. يواجه بطل القصة تحدياته، في دولة عالمية
خيالية، وتستشرف الرواية تطوراً هائلاً في التكنولوجيا الإنجابية، والتعلم في أثناء النوم، والمخدرات،
والتلاعب النفسي.. التي تستخدمها سلطة هذا العالم الجديد.. لتشكيل مجتمع بائس، لا يواجهه سوى فرد
واحد؛ هو بطل القصة.. الذي يعيش في عالم يفقد الإنسان فيه هويته، بالتوازي مع التقدم التكنولوجي
الهائل.. الذي استشرفه المؤلف.
كتب هكسلي متوقعاً: «سيكون هناك في الجيل القادم – أو نحو ذلك – طريقة دوائية.. لجعل الناس يحبون
عبوديتهم، وسيتم إيجاد ديكتاتورية بدون دموع.. إذا جاز التعبير. سيتم إنتاج نوع من معسكرات الاعتقال
غير المؤلمة.. لمجتمعات بأكملها، بحيث يتم حرمان الناس من حرياتهم في الواقع، ولكنهم يستمتعون
بالحياة، بينما ينصرفون عن أي رغبة في التمرد.. عن طريق الدعاية، أو غسل الأدمغة بالأدوية».
«عالم جديد شجاع».. رواية ديستوبية كلاسيكية. تدور أحداثها – بشكل رئيسي – في دولة عالمية
مستقبلية، يتم إنتاج البشر في المختبرات، وتقسيمهم إلى طبقات اجتماعية مختلفة؛ يُهَندس مواطنوها بيئياً –
في تسلسل هرمي اجتماعي – مسبقاً.. اعتمادا على مستوى الذكاء «ألفا، بيتا، جاما، دلتا، إبسيلون»، ويتم
التحكم في كل جانب من جوانب حياتهم.. من خلال التلقين والتكييف النفسي، وتوجيههم نحو السعادة.
يتم التخلص من المشاعر، والعلاقات الإنسانية، ويتم استبدالها بمخدر «سوما».. الذي يزيل أي تعاسة أو
اضطراب.
الشخصية الرئيسية الوحيدة.. هي جون «المتوحش»، الذي ينشأ خارج هذا العالم، في محمية.. تحتفظ
بالقيم الإنسانية التقليدية. يجد نفسه في صراع مع هذا العالم الجديد؛ حيث يرفض السيطرة التكنولوجية،
ويسعى للبحث عن الحرية والحقيقة والمشاعر الإنسانية الحقيقية.
في النهاية، يختار الموت.. بدلاً من الاستسلام لهذا المجتمع.. الخالي من المشاعر، والحرية.
نقلاً عن «المصري اليوم»