Times of Egypt

المواجهة الثانية

M.Adam
عمرو الشوبكي 

عمرو الشوبكي

إذا حدثت مواجهة ثانية بين إسرائيل وإيران.. فإنها ستكون حاسمة، وستكون أكثر حدة وقسوة.. من المواجهة السابقة، وقد تؤدي إلى نصر حاسم لأحد الطرفين.

واللافت، أن منحى المواجهات الإيرانية-الإسرائيلية.. كان تصاعدياً؛ فمن المواجهة المحسوبة، إلى المواجهة الشاملة. تدرجت الحرب بين البلدين، فردت إيران على استهداف قنصليتها في دمشق، وأيضاً اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران.. بسيل من المُسيرات، استهدف بعض المواقع المدنية والعسكرية في تل أبيب ومدن أخرى.. دون وقوع خسائر في الأرواح. 

كان الهدف.. هو كسر حصانة الدولة العبرية، وإصابة سكانها بهلع كبير، في محاولة لجعلها دولة مثل أي دولة أخرى.. وارد أن تقصف أو تستهدف، حتى لو لم تصبها أضراراً كبيرة.

والحقيقة، أن إيران.. بدأت منذ مواجهات العام الماضي، بالرد.. بالأصالة عن نفسها، وليس بالوكالة. ونقلت المواجهة مع إسرائيل.. من مرحلة الصبر الاستراتيجي، إلى مرحلة «حروب الردع»؛ أي الدخول في «معارك بالنقاط».. مع إسرائيل، وتجنب الحرب الشاملة.

وقد سبق وقلنا.. إن خطورة استراتيجية الحرب المحدودة، أو حروب الردع المتبادل.. أنها قد تتحول -نتيجة خطأ في الحسابات أو نتيجة قناعة كل طرف أنها لم تردع الآخر – إلى حرب شاملة، حتى لو كانت الأطراف المختلفة لم تخطط في إشعالها. 

والحقيقة، أن ما حدث.. هو تحول حرب الردع بين البلدين إلى حرب شاملة. صحيح أنه لم ينتصر فيها طرف – بشكل كامل – على الطرف الآخر؛ إنما كانت حرب بغرض الإيذاء.. وليس الردع، فاستهدفت إسرائيل – ومعها أمريكا – المنشآت النووية الإيرانية، ونجحت في تعطيل جانب كبير من قدراتها. ونجحت إيران في الرد بصواريخها الباليستية، واستهداف أماكن حيوية.. عسكرية ومدنية في إسرائيل، ما غير من طبيعة الحرب.

الانتقال من حرب الردع.. إلى الحرب الشاملة – التي لم تحقق كل أهدافها – يعني أن التصعيد والتدرج، هو سمة المواجهات الإيرانية-الإسرائيلية. وأن قناعة الجانب الإسرائيلي، أنه لم يقضِ – بشكل كامل – على قدرات إيران النووية والعسكرية/ يعني أنه قد يحرص على تكرار المواجهة.. بصورة أكبر وأكثر حدة، خاصة أن إيران تعتبر نفسها أنها انتصرت في هذه الحرب، ورفضت تفتيش وكالة الطاقة الذرية على منشآتها النووية، وإيقاف عمليات تخصيب اليورانيوم، وهذا يجعل خيار المواجهة الثانية مع إسرائيل قائماً.. بصورة كبيرة.

من المؤكد، أن مواقف إيران – عقب الحرب – يقول إنها لم تتراجع، وأنها لا زالت متمسكة بسرديتها.. بأنها انتصرت في هذه الحرب، وأن من حقها تخصيب اليورانيوم، والحفاظ على نشاطها النووي السلمي؛ وهو ما ترفضه القوى الكبرى وإسرائيل.

إن الخلاف – هذه المرة – ليس على أرض.. يمكن أن ينسحب منها طرف، أو مشكلة حدودية.. يمكن الاتفاق بين الطرفين على حلها، إنما حول طبيعة المشروع الإيراني.. الذي لا تزال إسرائيل وأمريكا تستهدفانه، وترتاب فيه بعض دول المنطقة.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة