Times of Egypt

الحرب والتعليم

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري

جميع الطرق تؤدي إلى التعليم، ومعه التربية. وكل المشكلات، ولو في جانب منها، إلى التعليم ومعه وربما قبله التربية والتنشئة. وما قد نتعرَّض له من أخطار وتحديات.. وثيق الصلة بالتعليم والتربية. والحروب التي تلوح في الأفق، والتعامل معها، والاستعداد لها.. ليست استثناءً.

بصراحة، لا منظومة التعليم.. بقلبها وقالبها الحاليين، ولا خطط فتح المزيد من المدارس، أو الاستعانة بالخريجين الجدد لسد العجز في المعلمين، أو زيادة مرتبات المعلمين.. لتقليص تركيزهم على الدروس الخصوصية والسنتر، أو تغيير نظام الثانوية من علمي وأدبي، إلى علمي متأدب، أو أدبي متعلم، أو إلغاء الفلسفة، أو إلقاء اللغات الأجنبية في سلة القمامة، أو غيرها من جهود القص واللصق.. ستغير من الوضع القائم. وبالطبع – وبكل تأكيد – لن يغير الانتشار العجيب للتعليم الديني.. المعضلات السابق ذكرها. ومعه مبادرة عودة الكتاتيب – التي ما زلت أحاول فهم أبعادها – لا سيما وقد بُحَّت الأصوات مطالبة.. بـ«صنفرة» الأدمغة والقلوب؛ بتفكير نقدي، وفنون وآداب وموسيقى ورسم، ورياضة للجميع.

أشعر بأسى تجاه مدرسة بني سويف، التي لم ينجح فيها أحد من طلاب الشهادة الإعدادية.. باستثناء طالبة واحدة، نجحت محققة 56%! 

سبب الأسى الظاهري معروف، وهو أن مدرسة بأكملها، لم ينجح فيها أحد.. سوى طالبة واحدة. لكن الأسباب كثيرة؛ في اعتقادك عزيزي القارئ، كم في المئة من مدارسنا.. مطابقة لهذه المدرسة.. من حيث الأداء والمستوى والمحتوى؟ وما نسبة الطلاب والطالبات.. التي «تفلت» و«تنجح» في الامتحانات المدرسية، وتلتحق بالجامعات، ويتخرجون فيها.. ليبدأوا مسيرتهم في «قيادة» الوطن؟

الطالبة الوحيدة الناجحة في مدرسة بني سويف، أخبرتنا بسر نجاحها… 

قالت إنها كانت تحضر إلى المدرسة يومياً، وتجلس في الفصل وحدها، ولم تُكمل الدروس الخصوصية.. سوى في أربع مواد (وربما قدرات أهلها المادية، هي التي حالت دون ما هو أكثر من ذلك). الطلاب لا يحضرون إلى المدرسة، والمعلمون لا يشرحون، والموجهون «يسألون»: إن كان المعلمون يشرحون أم لا؟ 

فيقال لهم: نعم!

 إنها الوصفة السحرية للكارثة.. لا في مدرسة بني سويف وحدها. لن أقول في الغالبية؛ لأنني لا أملك دراسة أو استطلاعاً، وإن كانت هذه – كذلك – مشكوكاً في مصداقيتها! 

على الورق، المدارس تعمل على خير ما يرام. المعلمون يوقعون حضوراً وانصرافاً، والناظر يدير، والموجهون يزورون و«يسألون»، والطلاب يجتازون الامتحانات، والدنيا أهي ماشية.

وهنا، أستحضر نموذجاً آخر، وهي الضحية المسكينة.. طالبة الإعدادي التي سُئلت على باب اللجنة عن الامتحانات، فهاجت وماجت، ووصفت الامتحانات بأقبح الألفاظ، واشتكت أن اللجنة «شادة» (أي لم يسمح فيها بالغش)، والمراقبون ما فيش في قلوبهم رحمة، لأنهم منعوها – وزميلاتها – من الغش. 

الضحية المسكينة، وزميلاتها – الملتزمات بـ«الزي المحافظ» – لم يخبرهن أحد أن الغش لا يصح، أو باللغة السائدة «حرام». 

الحرام الحقيقي أن نستمر في قطع الأفرع الذابلة، وترك الجذور مريضة متهالكة.

الحرب ليست دبابة ومسيَّرة فقط، الحرب تعليم وتفكير وعلم.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة