Times of Egypt

اقتراب «اليوم التالي»

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري

بينما الجميع غارق في الحرب – ما سبقتها من حرب غزة المستمرة، والحالية حيث المواجهة بين إسرائيل وإيران، وما سيأتي بعدها – وقبل كل ما سبق الصراع.. الذي كان «عربياً إسرائيلياً» (ولم يعد كذلك)، يصعب تحديد من سيحرق من! 

الجميع منغمس في عدادات الدمار والقتل اليومية؛ مهللاً لهذا الطرف، أو متعاطفاً مع ذاك. لكن آثار المناطحة على المنطقة لا تشغل أحداً.. باستثناء قليلين، أقول إنهم القلة القلقة.

إنها القلة القلقة – لعلم يقيني بأن أدرينالين «أكشن» الصراع يستهلك ويستنفد وقت وجهد الأغلبية – فلا يتبقى لديها الكثير لتفكر.. فيما بعد إعلان نتيجة الحرب. حتى النتيجة.. سيكون متنازعاً عليها؛ ِالنتيجة التي يعلنها «بطله».

جميعنا غارق الآن في البحث عن إجابات لأسئلة: كم صاروخاً تم إطلاقه الليلة؟، كم مبنى تهدَّم أمس؟، كم قتيل وقعوا الآن؟، ما عدد الإصابات؟، من الأقوى عسكرياً، إيران أم إسرائيل؟ من الأقوى استخباراتياً؟، من الأطول نفساً؟، هل تنفد صواريخ إيران؟، هل أو بالأحرى متى تتدخل أمريكا لترجح كفة إسرائيل؟، هل تتدخل دول عربية بالعتاد والجيوش، ولو كانت تربطها بإيران صلة عداء تاريخية، من منطلق أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب؟، هل تنجح إسرائيل، بمساعدة أمريكا وآخرين، في إسقاط النظام الإيراني؟، وغيرها من الأسئلة التي تتراوح إجاباتها بين طرفي نقيض بحسب انتماءات السائل وتوجهات المجيب.

كل هذا طبيعي ومتوقع، لا سيما في صراعات ساخنة كتلك التي غرقنا فيها وحروب ممتدة انتقلت من مرحلة «الظل» إلى الأرض والسماء، وما بينهما كتلك التي تدور على مرمى حجر منا. ولكن، ماذا عن «اليوم التالي»؟.

حتى أسابيع قليلة مضت، كان البعض يسأل عن «اليوم التالي» لحرب القطاع. «حماس» أنجزت عملية، إسرائيل اعتبرت العملية فرصة ذهبية قلما يجود بها الزمان، وأقدمت على تصفية القطاع. ورغم أن مصير قطاع غزة النهائي يبقى ضبابياً إلى حد ما، وإن كانت الأمارات شبه واضحة، والعلامات شبه مؤكدة، إلا أن المواجهة مع إيران تبقى ضمن مكونات «اليوم التالي» لحرب القطاع.

على أي حال، القلة القلقة، أو بالأحرى التي يأكلها قلق «اليوم التالي» ترى أن كل المسارات باتت شنيعة، وكل السيناريوهات أصبحت مريعة.

وضعية الاحتلال، وتمدد البغي، وتوسع الظلم على مدار عمر «القضية الفلسطينية» أمور بشعة، ولكن تظل الرعونة والحماقة والطيش أكثر قبحاً. ولأن الوضع في الشرق الأوسط (سواء القديم أو الجديد) متعدد الأطراف ومتناقض الأهواء، فإن «اليوم التالي» سيُرضي البعض ويُسعده، وسيُغضب أو يبيد البعض الآخر.

»أخلوا طهران» عنوان مرحلة جديدة من مراحل الاقتراب من «اليوم التالي». وما تعرضه علينا إسرائيل من مشاهد الدمار في حيفا وتل أبيب وغيرهما ليس شفافية ومكاشفة. جميع الطرق تؤدي إلى «اليوم التالي».

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة