زياد بهاء الدين
سعدت منذ يومين.. بحضور حفل إطلاق كتاب المهندس صلاح دياب «هذا أنا»، الذي حضرته مجموعة متميِّزة من الكُتاب والمفكرين والسياسيين والأصدقاء من مختلف المجالات، وطبعاً أسرته.
الكتاب نشرته الدار المصرية اللبنانية، وصدر منذ عدَّة أشهر، وقد تحدَّث من على المنصة صاحب الدار، الناشر محمد رشاد. كما تحدَّث الدكتور محمد أبوالغار، والأستاذ محمد سلماوي، وأدار الحوار ببراعة الإعلامي الكبير محمود سعد. وعقب ذلك.. مساهمات عديدة من الحاضرين في القاعة، لا يتَّسع المجال لذكرها، ولكن جاءت إسهاماتهم وتعليقاتهم معبِّرة.. عن «الحالة» التي يستدعيها المهندس «صلاح دياب» من حوله.. في كل موضوع يقتحمه أو ينشغل به.
ليس المجال هنا لوصف الكتاب والتعليق على مضمونه، وقد قام بذلك بالفعل كثير من الكُتاب والمعلقين في الشهور الماضية منذ صدور هذه المذكرات؛ الفريدة في صراحتها وشجاعتها، وسهولة الأسلوب الذي كُتبت به.
ولكن ما أحب التعليق عليه، هو الكاتب.. الذي عرفته جيداً وعن قرب خلال العقدين الماضيين. الأستاذ محمود سعد عبَّر عن شخصيته المركبة، بسؤاله – في بداية الندوة – عما إذا كان عنوان الكتاب «هذا أنا»، تعبيراً عن معرفته الحقيقية لنفسه، أم أن رحلته مع الكتاب ما زالت تبحث عن إجابة.
والسؤال في محلِّه. فصلاح دياب مهندس بالدراسة، ورجل أعمال ناجح، ومزارع، وسياسي (رغم إنكاره)، وكاتب، وخبير في مجال البترول، (وهو ما ينكره أيضاً)، وفي الإنتاج الزراعي، ومستثمر في مجالات عديدة.. يعرف الناس منها أكبر وأشهر سلسلة لمحال الحلوى، وقد حقق نجاحات كبيرة في كل هذه المجالات. ولكنه أيضاً دفع ثمن كتابته وأحاديثه الصريحة، وانشغاله بالشأن العام، فدخل السجن ليس مرَّة بل مرتين، وخرج بتجارب جديدة، دون مرارة أو ضغينة، وتوقَّف عن الكتابة فترة.. ثم عاد إليها، وما زال لا يفوِّت مناسبة إلا وأدلى فيها بآراء مختلفة ومبتكرة.
كثيراً ما تساءلت عمَّا يكون دافعه للمغامرة.. بما حققه من نجاح، وبما يستحقه من الراحة والاستجمام. لماذا يظل مشاغباً ومتحدِّثاً، ومجادلاً في كل الأمور العامَّة.. رغم ما يجلبه ذلك عليه من مشاك،ل وما يصيب أسرته من قلق على صحته وحريته. والحقيقة أنني لا أجد تفسيراً.. سوى الرغبة المحمومة في المشاركة في إصلاح الاقتصاد والمجتمع، والناس والدنيا كلِّها.. إذا أتيحت له الفرصة، وعدم السكون، والبحث عن فكرة جديدة في كل مناسبة وكل موضوع.
هذا القلق السياسي والفكري، والسؤال الدائم وعدم الارتكان لما هو مستقر ومريح.. هي ربما سمة المهندس صلاح دياب الأساسية، ومعها شهامته المعروفة مع أصدقائه، واستعداده لأن يكون أول من يعترف بأخطائه، وبمراجعاته الفكرية والعملية.
الحاضرون – في ندوة إطلاق كتابه – لم يكونوا جمهوراً عادياً، بل كانوا طيفاً كبيراً ومتنوِّعاً، أفراده كلهم تأثروا بصلاح دياب.. بطريقة أو بأخرى، وعرفوه عن قرب، وحضروا للتعبير عن الإعجاب به والوفاء له. وهذا مشهد يصعب أن يتكرَّر هذه الأيام.
وفي النهاية، الكاتب نفسه.. لم يرد على سؤال الأستاذ محمود سعد، هل حقيقةً تعرَّف على ذاته – كما يبدو من عنوان الكتاب – أم أنه ما زال حائراً وباحثاً عن إجابات وحلول؟
ولكن من يقرأ الكتاب، ومن يتعرَّف على الكاتب عن قرب، لا بد أن يدرك أن زوجته العزيزة وأسرته.. هم الأبطال الحقيقيون في هذه الملحمة والرحلة المثيرة، والحقيقة أنهم يستحقون أن يكتب عن رحلتهم معه.. كتاباً مختلفاً ومستقلاً.. قد يهم الأستاذ محمد رشاد أن ينشره.. كتاب عنوانه «هذا أنت.. ونحن وراءك.. ولكن تعبتنا».
نقلاً عن «المصري اليوم»