Times of Egypt

الفضول على الطريقة المصرية!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام..


يتكرر المشهد كثيراً في أفلامنا ومسلسلاتنا. مجموعة من النسوة.. وجوههن متقاربة، حتى تكاد تلتصق ببعضها البعض. يتحدثن عن سيدة أخرى أو أسرة ما، يكشفن الأسرار والخبايا. إنه الفضول – أو حب الاستطلاع – على الطريقة المصرية. لكن الواقع أصدق أنباءً من السينما.
في شتى مصالح العمل، وجلسات النوادي وغيرها، ستجد هذا الفضول للحديث عن آخرين وفضح أسرارهم. وبينما يؤكد علماء النفس أهمية الفضول، والشغف للمعرفة.. في تقدُّم الأمم، فإن طريقتنا لا علاقة لها بذلك. إنها أقرب إلى النميمة، والخوض في أعراض الناس.. بشكل يُسيء إليهم، ولا يُسهم في أي تقدُّم أو ترابط مجتمعي.
في دراسة لخبيرة علم النفس جنيفر آرلاس – بمجلة «علم النفس اليوم» الأمريكية – تقول:«الفضول في جوهره.. رغبة في التعلم، واستكشاف العالموفهمه. إنه القوة الدافعة وراء التقدم البشري».أن تكون لديك صفة الشغف، يعني رغبتك أن تفهم ماذا يجري حولك، وكيف نحل ألغاز ذلك العالم.. المجهول بالنسبة لنا، رغم سيل المعلومات التي نتلقاها كل لحظة. الشغف ترياق قوي للخوف وعدم اليقين. الحياة مليئة بالتحديات، ولا سبيل إلى مواجهتها.. إلا بالمعرفة التي تبدأ بالسؤال.
طرح الأسئلة بشكل مدروس، والاستعداد للاستماع باهتمام وتركيز.. للردود، بداية للفهم والنجاح. الشغف أو حب الاستطلاع لا يتعلق بفلان.. الذي طلق فلانة، أو علان.. الذي لا يصرف على بيته، أو الذي دخل في معركة كلامية مع رئيسه أو زميله. بالتأكيد، ليس أيضاً أن يمتلئ «الفيسبوك».. بتفسيرات وتحليلات عن قضية قتل حفيد سيدة مشهورة، لم تتضح معالمها بعد؛ وكأننا أصبحنا قضاة وعلماء نفس و»شرلوك هولمز«معاً. هذه الأمور تؤخر وتصرف عن الأمور المهمة، ولا يجب أن تندرج تحت عنوان حب الاستطلاع.
الشغف الحقيقي.. أن نخطو خطوة للأمام، لا أن ندور في دائرة استهلاك الكلام، وإعادة تدويره. الدراسات العلمية تؤكد أن الشغف الصحيح، يجعل الدماغ يفرز مادة الدوبامين.. التي تحفز على المزيد من الاستكشاف والمعرفة. معظم الاختراعات – والنقلات الكبرى في تاريخ البشرية – بدأت بالشغف. ومع ذلك، فليس كل سؤال يؤدي لإجابة، وليس كل استكشاف.. يصل في النهاية لاختراع. لكن الفضول – في حد ذاته – له قيمته. توماس أديسون.. مخترع المصباح الكهربائي (1847-1931)، وصف تجاربه الفاشلة بأنها خطوات نحو النجاح.. قائلاً:«أنا لم أفشل. لقد اكتشفت للتو 10 آلاف طريقة غير ناجحة«، أي أنه لن يجربها مرة أخرى. لقد حوَّل النكسات إلى نقطة انطلاق.
أكثر ما يقتل الشغف – ومن ثم إمكانية النجاح – قمع من يملكون «حاسة» الشغف. للأسف، يحدث ذلك مع أطفالنا.. الذين لديهم أسئلة كثيرة لا حدود لها.. عما حولهم، وعن الكون، ونشأته.. وغير ذلك. لكننا نقطع الطريق عليهم، ونطالبهم.. إما بالصمت، أو الموافقة دون فهم.. على كل ما نقول لهم.
نحن أيضاً واجهنا تلك المشكلة خلال طفولتنا.
الشغف الحقيقي.. الذي كان يجب أن ننميه، حاولنا التخلص منه. بينما الشغف لتناول أمور.. لا فائدة منها – بل شديدة الضرر بالعلاقات المجتمعية – هو الذي ازدهر، وما زال.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة