د. أسامة الغزالي حرب
باختصار.. وبلا أي مقدمات، هذه دعوة مني – كاتب هذه الكلمات – لكم جميعاً أيها القراء الأعزاء، وللمجتمع المصري.. بجميع فئاته وطبقاته – قبل الدولة المصرية وأجهزتها الرسمية – للتعامل الجاد مع ما أعتبره الانتشار السرطاني.. لملايين أجهزة الموبايل، بلا ضوابط ولا روابط!
إنني أعلم تماماً – كمواطن وأب وجد – فوائد المحمول الاتصالية، ومغزى انتشاره في كل أنحاء مصر.. بين أيدي كل مواطنيها؛ أياً كانت مستوياتهم المعيشية أو التعليمية أو أعمارهم.
وكما تسجل الإحصاءات الدولية، تحتل مصر – التي تقع في المرتبة رقم 14 لعدد السكان في العالم – المرتبة رقم 15.. في عدد أجهزة الموبايل فيها، بنسبة 107% من عدد السكان، لأن الكثير من مواطنيها.. يملكون أكثر من جهاز!
بهذه الأرقام والنسب، تزيد الموبايلات في مصر، عنها في بلاد.. مثل بريطانيا أو فرنسا أو إيطاليا أو إسبانيا أو تركيا!
إنني أكتب هذه الكلمات، بعد أن قرأت في الصحف.. عن قرار منع دخول الطلاب بالموبايلات إلى امتحانات الجامعة نهاية هذا العام. وأعتقد أن الأمر سوف ينطبق أيضاً.. على امتحان الثانوية العامة، الذي سوف يبدأ في منتصف يونيو المقبل.
هذا أمر طيّب، ومطلوب.. بل ومُلح كثيراً؛ ضماناً لجدّية الامتحانات وعدالتها. غير أن المسألة – أيها السادة – تتجاوز بكثير.. مخاطر غش الامتحان.
إن الانشغال المُفرط للأجيال الجديدة من الأطفال والمراهقين.. بأجهزة الموبايل، التي يشتريها لهم آباؤهم عن طيب خاطر، ويتركونها لهم.. تجنباً لـ«وجع الدماغ»؛ هو أمر كارثي، له مخاطره الجسيمة. ولا أقصد هنا فقط.. الاطلاع على محتويات منافية للآداب، أو تحرّض على الجريمة.. لا أيها السادة، «إنها ببساطة، قتل للثقافة.. لصالح التفاهة، وقتل للقراءة.. لصالح الدردشة، وقتل للكتاب.. لصالح فيسبوك وتويتر، وقتل للصحف.. لصالح السوشيال ميديا»!
هذه دعوة – بل صرخة مني – لكل من يعنيهم الأمر: الأجهزة الرسمية، والجامعات، ومراكز الأبحاث، وقوى المجتمع المدني.. لمناقشة وبحث الآثار، والعواقب الوخيمة.. لقنبلة يحملها الآن كل مواطن.. اسمها «الموبايل»!
نقلاً عن «الأهرام»