وسط تقلبات الأسواق العالمية وتخبط السياسات الاقتصادية، واصل الدولار الأميركي تراجعه الحاد ليهبط إلى أدنى مستوياته منذ فبراير 2022، متأثراً بمزيج من التحولات السياسية والمالية، في مقدمتها تعليق الرسوم الجمركية المفاجئ من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تعمّقت خسائر العملة الأميركية خلال تداولات الاثنين، مطلع الأسبوع، حيث انخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.5% ليصل إلى 98.7 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من عامين، في وقت يترقب فيه المستثمرون تطورات قانون الضرائب الجديد ومؤشرات التضخم الأميركية.
ضغوط متعددة تقود التراجع
تراجع الدولار جاء على خلفية قرار ترامب بتأجيل فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي حتى الأول من يونيو المقبل، الأمر الذي خفف التوتر التجاري ودفع المتداولين نحو عملات أكثر مخاطرة كالعملة الأوروبية الموحدة والدولار الأسترالي.
كما ألقى استمرار النقاشات حول قانون شامل للضرائب والإنفاق في الكونغرس بظلاله على الأسواق، في ظل مخاوف من إضافة أعباء جديدة على الدين العام الأميركي.
كتب راي أتريل، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في بنك أستراليا الوطني، قائلاً: “يبدو أن الأسواق تبنّت وجهة نظر مفادها أن التهديدات الجمركية الأميركية لن تتحول إلى واقع، وهو ما يعزز الضبابية في المشهد العام ويزيد من حذر المستثمرين”.
أداء العملات أمام الدولار
اليورو صعد بنسبة 0.6% ليبلغ 1.1418 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ أبريل الماضي.
الجنيه الإسترليني ارتفع 0.45% ليسجل أعلى مستوى له منذ فبراير 2022.
الين الياباني ارتفع مقابل الدولار بنسبة 0.3% ليصل إلى 142.23 ين، أدنى مستوى شهري.
الفرنك السويسري ارتفع 0.2% إلى 0.8193 فرنك، وهو أدنى مستوى في أسبوعين ونصف.
الدولار الأسترالي قفز بنسبة 0.65% إلى 0.6537 دولار، مسجلاً أعلى مستوى منذ نوفمبر الماضي.
الدولار النيوزيلندي ارتفع 0.8% إلى 0.6031 دولار، الأعلى منذ السابع من نوفمبر.
كما صعد الوون الكوري إلى 1368.90 مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى منذ الرابع من نوفمبر.
مخاوف من تدهور المالية العامة
يُذكر أن وكالة “موديز” خفضت التصنيف الائتماني للديون الأميركية الأسبوع الماضي، ما زاد من المخاوف بشأن مستقبل الوضع المالي للحكومة الأميركية، وساهم في تحول المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب والفرنك السويسري.
في الوقت ذاته، أثار مشروع قانون الضرائب الأميركي الجديد جدلاً واسعاً في أروقة الكونغرس، خاصة وأنه قد يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين العام، وهو ما يزيد من الضغوط على الدولار، رغم وصف ترامب للمشروع بأنه “كبير وجميل”.
وقد تم تمرير القانون بشق الأنفس في مجلس النواب، ويتجه الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يتوقع أن يخضع لنقاشات مكثفة خلال الأسابيع المقبلة.
الأسواق تترقب بيانات التضخم
يتأهب المستثمرون لصدور بيانات التضخم المفضلة لدى الاحتياطي الفيدرالي، والمتمثلة في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، المقرر صدوره يوم الجمعة، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع طفيف بنسبة 0.1% خلال أبريل.
وتعد هذه البيانات حاسمة لتحديد اتجاه السياسة النقدية في الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل حالة الترقب بشأن توجهات الفيدرالي حول أسعار الفائدة.
تساؤلات حول ضعف الدولار
في خضم هذه التطورات، ثارت تكهنات حول إمكانية أن تكون الإدارة الأميركية تسعى ضمنياً لإضعاف الدولار في إطار استراتيجيتها التجارية، لا سيما مع تداول أنباء عن ضغوط مارستها واشنطن على بعض الدول لتعزيز عملاتها، كما حدث مع كوريا الجنوبية وتايلاند وهونغ كونغ.
لكن وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو نفى مناقشة أسعار الصرف خلال لقائه بنظيره الأميركي سكوت بيسنت على هامش اجتماعات مجموعة السبع في كندا، في وقت أكدت فيه السلطات النقدية في هونغ كونغ وتايلاند عدم وجود تدخل أميركي مباشر في أسواق الصرف.