Times of Egypt

رؤية لا «رؤيا»

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري

ماذا تعني «القضية الفلسطينية»؟ وما هو «الصراع العربي الإسرائيلي»؟ وما المقصود بـ «مشكلة الشرق الأوسط»؟

ليست أسئلة تافهة، أو إجاباتها معروفة مسبقاً! العكس هو الصحيح.

إنها الأسئلة التي – حال الإجابة عليها بشكل مباشر، وبعيد عن حسابات الدبلوماسية والاستراتيجية، وما يجب أن يقال.. أو لا يقال – تشكل الشرق الأوسط الجديد.. الجاري تحميله حالياً؛ بشكل متسارع ومسابق للزمن.

هناك «شرق أوسط جديد»، جرى رسم خريطته منذ سنوات. وهناك «شرق أوسط جديد»، بدأ التخطيط له قبل عقود.. ربما تصل إلى قرن. وهناك «شرق أوسط جديد»، يجري الحديث عنه إعلامياً وأكاديمياً واستراتيجياً بين الحين والآخر.. في دول عدة، وبين تكتلات مصالح كثيرة. ويختلف أحياناً في التفاصيل الدقيقة، أو يخضع لتغيرات طفيفة.. بمرور الوقت.

«شرق أوسط جديد»، أو «شرق أوسط كبير»، أو «شرق أوسط أكبر».. حتى تكون الترجمة أكثر دقة. يُنسب – كـ «مُسمى» وتكتيك – إلى وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس. يُنسب لها.. باعتبارها تحدثت عنه، وشرحت جوانب من المقصود به، واجتهدت لبلورة مقدماته.. وتفعيل أساسياته، لكنه يبقى هدفاً.. أكبر من مسؤول رفيع، وغاية.. أوسع من نظام سياسي؛ حتى لو كان نظام أكبر وأقوى دولة في العالم.

هذا الشرق الأوسط الجديد.. مدروس بعناية، ومخطط بحنكة. وجزء من الحنكة.. مرونة إجراء تغييرات سريعة، تتيح المناورة، ولا تحيد عن الغاية.. في حال حدوث تطور ما.. غير متوقع، أو حدث ما.. غير منصوص عليه في السيناريو.

يظل المقصود بالشرق الأوسط الجديد – أو الكبير – غير مُعلن بشكل كلي.

وعلى سبيل الرصد، ومن باب التحليل.. بعيداً عن حنجوريات الصياح، وحساسيات.. يخشى كثيرون الاقتراب منها، فإن ما جرى في أكتوبر 2023، ساعد – ومهَّد الطريق – نحو تفعيل الخريطة الجديدة، ولو تم ذلك دون قصد، أو نية مسبقة.

الناجون من الأوهام، والقادرون على رؤية الواقع.. دون خيالات أو أحلام، رأوا فيما جرى في 2023.. بداية النهاية للقضية الفلسطينية؛ ذلك بحسابات الورقة والقلم، لا العاطفة والأحاسيس.

لم يؤدِّ ما جرى.. إلى لفت انتباه العالم للقضية، أو إعادة وضعها.. على خريطة الاهتمام الدولي، بل أدَّى إلى غير ذلك. ورفض رؤية ما جرى، لا يعني أنه لم يجرِ.

أدبيات الشرق الأوسط الجديد – أو الكبير – تذكر أن إدارة الطريق نحو الشرق الأوسط الجديد، تُدار من خلال أدوات الحرب؛ حيث الحرب وسيلة، لا غاية.

أنقل السطور التالية.. من مقال كتبته الباحثة سارة نيومان، في موقع «مودرن دبلوماسي»، عنوانه «استراتيجية الشرق الأوسط الجديد.. خلق النظام من خلال الحرب والفوضى»: «الحرب ليست نتيجة حتمية، بل أداة لإثارة تحولات سياسية وإقليمية، تُعزز ظهور تحالفات وائتلافات جديدة، وتُعيد ترسيم الحدود. كما تحدث تحولات في ديناميكيات القوة، إذ يُمكن للاشتباكات العسكرية.. أن تُعيد ضبط موازين القوى، بشكل يقوِّض حكومات وفصائل، ويُمكِّن أخرى. الحرب – في هذا السياق – تكون أداة لتحفيز التحولات السياسية والإقليمية، وإعادة ترسيم الحدود».

الرؤية تختلف عن الرؤيا.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة