Times of Egypt

«أهذا كل شأنك يا ترامب؟»

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام


في 2 أبريل الماضي، صعد ترامب إلى قمة الشجرة. أعلن «يوم التحرير».. الذي تتخلص فيه
أمريكا من ظلم ونهب واغتصاب العالم – قريبه وبعيده – لها.
فرض رسوماً جمركية.. على الدول الفقيرة والغنية، باستثناء روسيا وحفنة قليلة أخرى.
انهارت أسواق المال، وارتفعت الأسعار.. أمام المستهلك الأمريكي، وخيَّم شبح الركود
الاقتصادي. اضطر للنزول من القمة للأغصان. قرر تجميد الرسوم – على كل الدول – لمدة 90
يوماً.. باستثناء الصين، التي ضاعف من عقوباته ضدها.
قبل أيام، قفز من الشجرة.. عائداً إلى الأرض؛ مدركاً الواقع الأليم. وافق على اتفاق مع بكين
يخفض بمقتضاه الرسوم عليها من 145٪ إلى 30٪ .. مقابل تقليل الصين الرسوم من 125٪ إلى
10٪.
بالطبع، لم يتأخر هو ومساعدوه في إعلان النصر، لكن هزيمته تظهر جلياً في التفاصيل. الصين
لم تكن تفرض رسوماً جمركية فقط. هناك حزمة إجراءات غير جمركية؛ مثل القيود على تصدير
المعادن الثمينة، ووضع عشرات الشركات الأمريكية على قائمة الكيانات غير الموثوق فيها،
وفتح تحقيق لمواجهة احتكار شركة الكيماويات الأمريكية العملاقة «دوبونت».
الأهم.. أن أمريكا شعرت بالألم أولاً. إدارة ترامب أرادت وقف صعود الصين بشكل شبه نهائي،
عن طريق قطع شريان الحياة المتمثل في الصادرات. بالفعل انكمشت الصادرات الصينية
لأمريكا.. بأسرع وتيرة منذ 16 شهراً. لكن تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد الأمريكي.. كان
أسرع وأكثر ألماً. ملايين الأسر اشتكت من وقف الصادرات الصينية؛ خاصة أجهزة الكمبيوتر
ولعب الأطفال، لدرجة أن ترامب طالبهم بالترشيد. حدث انكماش اقتصادي خلال الربع الأول من
العام الحالي، هو الأسوأ منذ 2022. الضغوط السياسية – حتى داخل الحزب الجمهوري –
تزايدت للتوصل إلى اتفاق.
كان من اللافت أنه.. بعد أن وسم ترامب ومساعدوه الصين بكل الموبقات؛ من اللصوصية إلى
التجسس الاقتصادي، وسرقة الابتكارات الأمريكية، وإضعاف عملة «اليوان» عمداً.. لزيادة

صادراتها، أن البيان المشترك – الذي صدر عقب محادثات البلدين، الاثنين الماضي، في جنيف –
أكد أهمية وجود علاقة مستدامة طويلة الأمد مفيدة للطرفين. إنه تعامل بين طرفين متكافئين.. لا
سيطرة لأحدهما على الآخر. بدأت أمريكا شيئاً لم تستطع إنهاءه؛ كما يقول جونترام وولف،
الباحث الاقتصادي في مركز جيروم ببروكسل. الحرب التجارية انتهت عملياً. أدرك الأمريكيون
أن تكلفة ما فعلوه.. أكبر بكثير من قدرتهم على التحمل. باختصار، عاد المنطق الاقتصادي إلى
أمريكا.
وولف قال: إن الأوروبيين عليهم أخذ نهج التعامل الصيني الصارم بعين الاعتبار. ترامب لن
يتراجع إلا إذا شعر بالأذى، وهذا ما حدث. لقد استسلم للواقع.
بقية دول العالم، والمنطقة العربية تحديداً، عليها استخلاص الدرس أيضاً؛ بدلاً من الانصياع لكل
أفكاره وسياساته المجنونة والمُضرة، لابد من الرد الجماعي وعدم الخضوع.
في ذهابه إلى اللامعقول، وإعلان الحرب التجارية على العالم، وفي إيابه عنها وتراجعه، بدا
ترامب متهافتاً مهزوزاً. ينطبق عليه بيت شعر أحمد شوقي.. الذي ظلم فيه الزعيم الوطني أحمد
عرابي: «صغار في الذهاب وفي الإياب، أهذا كل شأنك يا عرابي؟».
يحق لنا التساؤل باستنكار: أهذا كل شأنك يا ترامب؟!
نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة