في خطوة غير معتادة تعكس استجابة حكومية سريعة لشكاوى المواطنين، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر، اليوم الأحد، رصد بعض العينات غير المطابقة للمواصفات من البنزين في عدد من محطات الوقود على مستوى الجمهورية، مؤكدة صرف تعويضات مالية للمتضررين من أعطال في سياراتهم بحد أقصى 2000 جنيه.
وتأتي هذه التحركات الرسمية في أعقاب موجة من الشكاوى التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، حيث أبلغ عدد من مالكي السيارات عن أعطال مفاجئة، خاصة في “طلمبة البنزين”، مشيرين إلى وجود شبهات غش في البنزين المتداول بالسوق المحلي.
وأوضحت الوزارة في بيانها أنها تلقت شكاوى عديدة بشأن أعطال فنية أصابت سيارات مواطنين، إلا أن تحديد السبب الدقيق لهذه الأعطال كان صعبًا نظرًا لتداخل عدة عوامل محتملة، من بينها جودة الوقود والحالة الفنية للمركبات والعمر الافتراضي لقطع الغيار.
وفي هذا السياق، قررت وزارة البترول صرف مبلغ يعادل قيمة الفاتورة المعتمدة لاستبدال طلمبة البنزين، وبحد أقصى 2000 جنيه، لأصحاب الشكاوى الذين تقدموا بها خلال الفترة من 4 إلى 10 مايو 2025، بشرط أن تتعلق الأعطال بالفترة نفسها، وأن يقدّم صاحب الشكوى مستندات تثبت ملكيته للسيارة، إلى جانب فاتورة معتمدة تثبت إجراء الصيانة أو الاستبدال.
نتائج التحقيقات: عينات غير مطابقة وشكاوى بالجملة
كشفت وزارة البترول عن أنها تلقت 870 شكوى من مختلف المحافظات خلال الفترة من 4 إلى 9 مايو الجاري، تتعلق بجودة البنزين المتداول. وتصدّرت محافظة القاهرة قائمة المحافظات الأكثر تسجيلًا للشكاوى بـ429 شكوى، تلتها الجيزة بـ208 شكاوى، ثم القليوبية بـ50، والشرقية بـ31، والإسكندرية بـ29 شكوى. وسجلت باقي المحافظات أرقامًا أقل، بينما لم ترد أي شكاوى من بعضها.
وعلى إثر هذه الشكاوى، قامت الوزارة بتحليل 807 عينات من البنزين من مختلف المناطق، وأظهرت النتائج أن 802 عينة مطابقة للمواصفات القياسية، فيما ثبت عدم مطابقة 5 عينات للمواصفات المعتمدة، ما يعزز من فرضية وجود بعض الاختلالات في منظومة تداول الوقود.
إجراءات جديدة لضمان الجودة
وفي محاولة لمعالجة الأزمة ومنع تكرارها، أعلنت وزارة البترول إدخال مجموعة من الإجراءات الرقابية المستحدثة، أبرزها إلزام معامل التكرير بعدم ضخ أي منتج للاستهلاك قبل إجراء تحاليل مزدوجة في معملين مختلفين، بدلًا من الاكتفاء بمعمل واحد فقط، وذلك بالنسبة للبنزين المنتج محليًا.
أما فيما يتعلق بالبنزين المستورد، فقد تقرر سحب عينات تحت إشراف جهات محايدة، وتحليلها في ثلاثة معامل مختلفة لضمان أقصى درجات الدقة والحيادية في النتائج.
كما شملت الإجراءات تعزيز الرقابة على سلسلة الإمداد بالكامل، من خلال إجراء تحاليل للمنتج قبل وبعد تدفيعه، وتكليف شركات محايدة بهذه التحاليل لضمان موضوعية النتائج.
التزام بالشفافية والرقابة
أكدت وزارة البترول والثروة المعدنية التزامها الكامل بتقديم منتجات مطابقة لأعلى المعايير للمواطنين، مشددة على أنها ستواصل تنفيذ أنشطة الفحص والرصد والتفتيش بشكل مكثف، مع موافاة الرأي العام بأي مستجدات تتعلق بجودة الوقود المتداول في السوق المحلي.
وتعد هذه الاستجابة الرسمية إشارة مهمة إلى يقظة الجهات الرقابية في مواجهة أي قصور قد يمس جودة المنتجات الحيوية، في وقت يطالب فيه المواطنون بمزيد من الشفافية والمحاسبة للحفاظ على سلامة سياراتهم وضمان حقوقهم كمستهلكين.