اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأحد إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا يوم 15 مايو أيار في تركيا بهدف تحقيق سلام دائم، وهي مبادرة رحب بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قائلا إن كييف مستعدة لإجراء محادثات لكن يجب على موسكو الموافقة على وقف إطلاق النار.
أرسل بوتين القوات الروسية إلى أوكرانيا في فبراير شباط 2022 لتندلع حرب قتلت مئات الآلاف من الجنود وتنشب أخطر مواجهة بين روسيا والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في 1962.
وقال الزعيم الروسي، الذي لم يقدم حتى الآن سوى القليل من التنازلات لإنهاء الصراع، إن المحادثات في مدينة إسطنبول ستهدف إلى القضاء على الأسباب الجذرية للحرب واستعادة “السلام الدائم طويل الأمد” وليس مجرد توقف للقتال لإعادة التسلح.
وأضاف بوتين في بيان بثه التلفزيون من الكرملين بدأ بعد الساعة 1:30 صباح اليوم الأحد بالتوقيت المحلي (2230 بتوقيت جرينتش أمس السبت) “نقترح على كييف استئناف المفاوضات المباشرة دون أي شروط مسبقة… يوم الخميس في إسطنبول”.
وقال زيلينسكي في بيان على منصة إكس “بدء الروس أخيرا بالتفكير في إنهاء الحرب هو علامة إيجابية… (لكن) الخطوة الأولى لإنهاء أي حرب حقا هي وقف إطلاق النار”.
وأضاف “نتوقع من روسيا تأكيد وقف إطلاق نار -كامل ودائم وموثوق- اعتبارا من الغد 12 مايو”.
وذكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يقول إنه يريد أن يتذكره الناس كصانع للسلام ووعد مرارا بإنهاء الحرب، إن فجر يوم عظيم يشرق على روسيا وأوكرانيا إذا أمكن إنهاء “حمام الدم”.
وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال “يوم عظيم محتمل لروسيا وأوكرانيا!… فكروا في مئات الآلاف من الأرواح التي ستنجو مع انتهاء ’حمام الدم‘ المستمر هذا، كما آمل”.
جاء اقتراح بوتين إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا بعد ساعات من مطالبة القوى الأوروبية الكبرى في كييف بوتين بالموافقة على وقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوما أو مواجهة عقوبات “ضخمة” جديدة.
ورفض بوتين ما وصفها بمحاولة بعض القوى الأوروبية تقديم “إنذارات نهائية”.
وقال بوتين إنه لا يستبعد أن يتفق الجانبان خلال المحادثات المقترحة في تركيا على “بعض الهدن الجديدة ووقف إطلاق نار جديد”، لكن ذلك سيكون الخطوة الأولى نحو سلام “مستدام”.
* لا وقف لإطلاق النار؟
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اقتراح بوتين إجراء محادثات سلام مباشرة مع كييف يظهر أن الزعيم الروسي يبحث عن طريق للمضي قدما، لكنه يسعى أيضا إلى كسب الوقت.
وأضاف ماكرون في تصريحات للصحفيين في طريق عودته من أوكرانيا صباح اليوم الأحد “إنها خطوة أولى، لكنها ليست كافية. وقف إطلاق النار غير المشروط لا تسبقه مفاوضات”.
وقال بوتين إن روسيا اقترحت عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار، بما في ذلك وقف مؤقت لاستهداف منشآت الطاقة، ووقف إطلاق النار في عيد القيامة، وفي الآونة الأخيرة هدنة لمدة 72 ساعة خلال الاحتفالات بمرور 80 عاما على النصر في الحرب العالمية الثانية.
وأضاف بوتين أنه خلال وقف إطلاق النار في مايو أيار، هاجمت أوكرانيا روسيا باستخدام 524 طائرة مسيرة و45 زورقا مسيرا وعدد من الصواريخ الغربية، وأن موسكو صدت خمس هجمات على مناطق روسية.
واتهمت أوكرانيا روسيا أيضا بانتهاك الهدن المؤقتة بما يشمل وقف القتال في الفترة من الثامن إلى العاشر من مايو أيار.
ورغم دعوة بوتين إلى إجراء محادثات سلام، شنت روسيا اليوم الأحد هجوما بطائرات مسيرة على كييف ومناطق أخرى من أوكرانيا مما أدى إلى إصابة شخص واحد في المنطقة المحيطة بالعاصمة وإلحاق أضرار بعدد من المنازل، بحسب مسؤولين أوكرانيين.
وأشار بوتين إلى أنه سيتحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت لاحق من اليوم الأحد بشأن تسهيل المحادثات، التي قال إنها قد تنتهي بوقف لإطلاق النار.
وأردف “اقتراحنا، كما يقولون، مطروح على الطاولة والقرار الآن بيد السلطات الأوكرانية والأوصياء عليها، الذين على ما يبدو تقودهم طموحاتهم السياسية الشخصية وليس مصالح شعوبهم”.
* سلام؟
ظل بوتين، الذي أحرزت قواته تقدما خلال العام الماضي، متمسكا بشروطه لإنهاء الحرب على الرغم من ضغوط من ترامب وتحذيرات متكررة من القوى الأوروبية.
وفي يونيو حزيران 2024، قال إن أوكرانيا يجب أن تتخلى رسميا عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وتسحب قواتها من كامل أراضي المناطق الأوكرانية الأربع التي تطالب بها روسيا.
واقترح المسؤولون الروس أيضا أن تعترف الولايات المتحدة بسيطرة روسيا على نحو 20 بالمئة من مساحة أوكرانيا، وطالبوا بأن تظل أوكرانيا محايدة، رغم أن موسكو قالت إنها لا تعارض طموحات كييف للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشار بوتين على وجه التحديد إلى مسودة الاتفاق لعام 2022 التي تفاوضت عليها روسيا وأوكرانيا بعد وقت قصير من بدء الغزو الروسي.
وبموجب هذه المسودة، التي اطلعت رويترز على نسخة منها، يتعين على أوكرانيا أن توافق على الحياد الدائم مقابل ضمانات أمنية دولية من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة.
وقال بوتين “لم تكن روسيا هي من أوقفت المفاوضات عام 2022، بل كييف. روسيا مستعدة للتفاوض دون شروط مسبقة”.
وشكر بوتين الصين والبرازيل والدول الأفريقية ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة على جهودها للوساطة.