تخوض الولايات المتحدة والصين حربا تجارية متصاعدة منذ فترة طويلة. ومع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة في 20 يناير، وفرضه رسوما جمركية على الواردات الصينية، استعادت هذه الحرب زخمها، في ظلّ ردّ بكين عبر القيام بخطوات مشابهة.
في ما يأتي مقارنة بين القوتين الاقتصاديتين الرائدتين في العالم، على وقع هذه الحرب التجارية.
– عملاقان جغرافيان وديموغرافيان –
تعدّ الولايات المتحدة والصين من بين أكبر أربع دول في العالم بعد روسيا وكندا، بمساحة تزيد عن تسعة ملايين كيلومتر مربع لكل منهما.
غير أنّ الصين تعدّ ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم بعد الهند، مع 1,4 مليار نسمة في نهاية العام 2024 وفق الإحصاءات الوطنية، ما يعادل أربعة أضعاف عدد سكان الولايات المتحدة.
– قوتان اقتصاديتان –
تعدّ الولايات المتحدة القوة الاقتصادية الأولى في العالم، مع ناتج محلي إجمالي يتجاوز 29 تريليون دولار في العام 2024، تليها الصين (أكثر من 18 ألف مليار)، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
والعام الماضي، حلّت الصين في المرتبة الأولى للدول المصدّرة للسلع (3,580 مليارات دولار) بينما حلّت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى بين الدول المستوردة (3,36 تريليونات دولار)، بحسب منظمة التجارة العالمية.
وتعاني الولايات المتحدة عجزا تجاريا كبيرا مع الصين في مجال السلع (355 مليار دولار في العام 2024 وفقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية). ومنذ عودته إلى السلطة، فرض الرئيس دونالد ترامب رسوما جمركية تراكمية بنسبة 145 في المئة على كثير من الواردات الصينية تضاف إلى رسوم فرضتها الإدارات السابقة. وردّت الصين بفرض رسوم بمعدّل يصل إلى 125 في المئة.
– أكبر ملوّثان –
تُعد الصين أكبر مصدر للغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في العالم، تليها الولايات المتحدة.
وكانت الأخيرة تعهّدت خفض انبعاثاتها إلى النصف بحلول العام 2030 مقارنة بالعام 2005. لكن منذ تولي دونالد ترامب سدة الرئاسة الأميركية في 20 كانون الثاني/يناير، أعلنت إدارته أن بلاده ستنسحب من اتفاقية باريس للمرة الثانية، ما يهدّد الجهود العالمية للحد من ظاهرة احترار المناخ.
وفي ولاية ترامب الرئاسية الأولى، انسحبت الولايات المتحدة لفترة وجيزة من هذه الاتفاقية المبرمة برعاية الأمم المتحدة، في خطوة ألغاها خليفته جو بايدن.
كذلك، تعهّدت الصين تثبيت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2030، ثمّ تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2060.
– عملاقان رقميان –
شهدت الولايات المتحدة ظهور عمالقة التكنولوجيا الرقمية “غافام” (Gafam)، أي غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت، بينما شهدت الصين ظهور “باتكس” (Batx)، أي محرك البحث بايدو وعلي بابا للتجارة الإلكترونية وتينسنت للشبكات الاجتماعية وألعاب الفيديو وهواتف شاومي الذكية.
ويتجلّى التنافس الصيني-الأميركي أيضا في مجال الذكاء الاصطناعي. ومنذ إطلاق “تشات جي بي تي” (ChatGPT) في الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر، انتشرت نماذج الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والصين. وأحدثت شركة “ديبسيك” (DeepSeek) الصينية الناشئة التي أُسست عام 2023، ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي في كانون الثاني/يناير من خلال روبوت المحادثة “ار-1” (R1)، ونافست في الأداء الشركات الأميركية بكلفة أقل.
من جهة أخرى، ينص مشروع قانون أقرّه الكونغرس الأميركي في العام 2024، على أن تتنازل شركة “بايت دانس” الصينية عن إدارة شبكة التواصل الاجتماعي تيك توك في الولايات المتحدة، أو تواجه حظرا في البلاد. وتُتهم المنصّة بالسماح للسلطات الصينية بجمع بيانات عن المستخدمين الأميركيين. وأرجأ دونالد ترامب الموعد النهائي لتنفيذ هذا القرار إلى 19 حزيران/يونيو.
– قوتان عسكريتان –
ظلّت الولايات المتحدة أكبر دولة منفقة في القطاع العسكري عام 2023. وأنفقت في هذا القطاع 916 مليارا، أي ثلاثة أضعاف ما أنفقته الصين التي حلّت في المرتبة الثانية (296 مليارا)، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).
إضافة إلى ما تقدّم، تملك الولايات المتحدة إلى جانب روسيا حوالى 90 في المئة من الأسلحة النووية في العالم (مع أكثر من خمسة آلاف رأس نووي لكلّ منهما بحلول مطلع العام 2024، بما في ذلك تلك التي سُحبت ومن المنتظر أن يتم تفكيكها)، متقدّمة بكثير على الصين التي تملك عددا أقل بعشر مرّات.
– سباق إلى الفضاء –
استثمرت الصين التي أرسلت أول رائد فضاء لها إلى الفضاء في عام 2003، مليارات اليورو في برنامجها الفضائي في العقود الأخيرة، لمواكبة الولايات المتحدة وروسيا في هذا المجال.
وفي 2019، هبطت مركبة فضائية تابعة لها على الجانب المحجوب من القمر، في ما يشكّل سابقة على مستوى العالم. وفي العام 2021، هبط روبوت صغير تابع لها على المريخ. وتهدف بحلول العام 2030، إلى إرسال بعثة مأهولة إلى القمر حيث ترغب في بناء قاعدة لها.
وفي الولايات المتحدة، يخطّط برنامج “أرتيميس” (Artemis) التابع لوكالة ناسا إلى إعادة إرسال رواد فضاء أميركيين إلى القمر في 2027 ولمهمات مستقبلية إلى المريخ. ولخفض تكاليف البعثات، اختارت الوكالة الأميركية قبل سنوات تكليف شركات خاصة بإرسال معدّات وتكنولوجيا إلى القمر.