Times of Egypt

الحديث عن لعنة الفراعنة

M.Adam
زاهي حواس

زاهي حواس


من الطبيعي – بل ومن المقبول – لأي شخص يعمل في مجال مثل الآثار،ويشارك فيأعمال الحفائر بمواقع الآثار – سواء الواقعة في الصحراء، أو في الأراضي الزراعية – أن تقع له الحوادث، خاصة لو امتدت سنوات عمله لعشرات السنين.
إلا أن الغريب في الأمر، أن العمل في الآثار وحوادثه.. دائماً ما يفسره البعض، بأنه نتيجة لعنة الفراعنة. وهذا عكس أي مهنة أخرى، يتقبل فيها الناس وقوع الحوادث.. دون أن يرجعوها إلى أي لعنة من أي نوع؟! ليس هذا فقط، بل إن بعض الحوادث التي وقعت لأناس بعيداً عن المواقع الأثرية أعادها البعض – ممن عندهم هوس بالآثار الفرعونية – إلى لعنة الفراعنة، ليس لسبب سوى ارتباط هؤلاء بشكل أو بآخر بالآثار.

مثال لذلك اغتيال السير لي ستاك في مصر في نوفمبر 1924؛ والذي تم اغتياله في قلب القاهرة.. بعد خروجه من مبنى وزارة الحربية، متوجهاً إلى منزله في الزمالك. وقد أعاد البعض حادثة الاغتيال.. إلى لعنة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، وذلك لأن السيرلي ستاك – الحاكم البريطاني في السودان، وسردار الجيش المصري.. آنذاك – توقف في طريق عودته من السودان إلى القاهرة.. في الأقصر، لكي يزور مقبرة توت عنخ آمون، التي كان المكتشف البريطاني هيوارد كارتر قد كشف عنها حديثاً في4 نوفمبر 1922. وغير ذلك الكثير من الأمثلة: فعندما توفي لورد كارنارفون في أحد فنادق القاهرة.. في شهر إبريل من عام 1923، لم يكن السبب هو حدوث تسمم في الدم.. ناتج عن جرح في الوجه بموسي الحلاقة تعرض إلى التلوث؟ أو أي شيء سوى أنها لعنة الفراعنة. والسبب معروف طبعاً، وهو أن لورد كارنارفون هو ممول حفائر كارتر للكشف عن المقبرة.
وهكذا يفضل البعض إسناد كل حوادث الآثار إلى ما يسمى لعنة الفراعنة. وأنا شخصياً.. لست من هؤلاء الذين يؤمنون بوجود ما يسمى لعنة الفراعنة، وسنشرح ذلك بالتفصيل فيما بعد. لقد كان من وسائل المصريين القدماء لحماية مقابرهم وكنوزهم، استخدام الطلاسم السحرية، ووضع نصوص لعنة؛ إما بالمداد الأحمر على أوراق البردي أو الفخار أو غيرها من المواد، ويتم دفنها في أركان المكان المراد حمايته بطريقة سحرية، أو كتابة نص لعنة على واجهة الأثر؛ يحذر فيه المصري القديم – سواء كان رجلاً أو سيدة – كل من يحاول الاعتداء على المقبرة بأن اللعنة ستصيبه وبأشكال عديدة، منها أن الأسود أو السباع ستلتهم لحمه، والثعابين ستبث سمها في دمه، وسيحطم فرس النهر عظامه، وغيرها من أساليب التهديد والوعيد.
وفي نفس الوقت كان المصريون القدماء يطلبون من كل من يمر بمقابرهم.. قراءة صيغة تقديم القربان الشهيرة، التي تُعرف باسم «حتب دي نسو».. ترحماً على المتوفى وذكر اسمه، والطلب من الآلهة أن ترعاه وتمنحهم الأبدية، وهي مثلما نفعل حالياً بطلب قراءة الفاتحة على روح الموتى.
لقد أقر القرآن الكريم للكهنة في مصر القديمة.. بمهارتهم في السحر. بل ووصف هذا السحر بأنه عظيم، ونحن لا نعلم.. هل كانت تلك النصوص السحرية والطلاسم، ونصوص اللعنة.. تعمل بشكل دقيق أم لا؟! لكن ما نعلمه، هو أن مقابر وكنوز الفراعنة.. كانت دائماً مطمعاً لـ«لصوص المقابر». وكانت تمثل – بالنسبة لهم.. قديماً وحديثاً- طريقاً سريعاً لتحقيق الثراء.
لقد تعرضت – طوال سنوات عمليفي المواقع الأثرية وفي الحفائر، التي قاربت على النصف قرن – للعديد من الحوادث الغريبة. وفي كل مرة كان من حولي يلصقها بلعنة الفراعنة، فأذكر أنني فيأحد الأيام.. كنت أحاول النزول إلى بئر عميقة في تابوزيرس ماجنا.. غرب الإسكندرية، عن طريق استعمال ونش إلى داخل البئر، ثم إخراجي منها مرة أخرى. بدأت في النزول إلى داخل البئر، وفجأة – وأنا في منتصف الطريق – تعطل الونش.. دون معرفة السبب! وظللت معلقاً بين السماء والأرض لعدة ساعات، كادت أن تودي بحياتي.. اختناقاً داخل هذا البئر.
وفي نفس المكان – أي في معبد تابوزيريس ماجنا – وأنا أبحث عن سر مقبرة الملكة البطلمية الشهيرة كليوباترا السابعة.. وبدون سابق إنذار، وقع على رأسي حجر ضخم.. أدى إلى حدوث ثقب في العين، تطلب علاجه إجراء عمليتين جراحيتين في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع كان السبب بالنسبة للناس.. هو لعنة الفراعنة، التي تكررت حوادثها في كل مكان أذهب إليه – سواء للعمل أو للدراسة – فأذكر ونحن في وادي الملوك (بالبر الغربي للأقصر) وبدون أي مقدمات، وكنت وقتها أجري حديثاً مع التليفزيون الياباني، هطلت سيول لم تشهدها الأقصر من قبل! ووجدت طاقم التليفزيون الياباني يفر بأدواته ومعداته.. وهم يصرخون «لعنة الفراعنة.. لعنة الفراعنة».
ومرة أخرى وأنا بوادي الملوك – بجوار مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون – أقوم بإخراج موميائه من المقبرة..بمساعدة فريق علمي طبي، لكي يتم إجراء أول كشف بالأشعة المقطعية عليها، دون الحاجة إلى نقل المومياء بعيداً عن المقبرة، وبمجرد أن استعد الفريق العلمي لإجراء الكشف المقطعي على المومياء، إذا بالجهاز الحديث يتعطل.. بدون سبب معروف، وكلما تمت إعادة الجهاز للعمل، والاستعداد لإدخال المومياء إليه.. يتوقف! استمر الوضع هكذا قرابة الساعة، حتى بدأ الجميع يشعر بالتوتر، وبأن هناك شيئاً ما.. ليس له تفسير علمي؟.
ومن أواخر حوادث لعنة الفراعنة.. أنه كان من المفروض أن أسافر إلى طوكيو في شهر فبراير الماضي، لكي أحضر المؤتمر الصحفي العالمي للإعلان عن قدوم معرض الملك رمسيس الثاني العظيم – ملك ملوك الفراعنة – إلى طوكيو، وافتتاح معرضه الذي بدأ في 8 مارس الماضي. وقررت السفر – بالجواز الدبلوماسي الذي أحمله – وكان مخططا السفر من طوكيو إلى شنغهاي.. لإلقاء محاضرة هناك. ومعروف أن دخول الصين بالجواز الدبلوماسي.. لا يتطلب وجود تأشيرة على الجواز، وكنتا أرسلت جواز السفر العادي إلى سفارة اليابان، وحصلت بالفعل على تأشيرة لدخول اليابان عليه، والجوازان متشابهان للغاية، ولا يمكن التفريق بينهما. وكان المفروض أن أقوم بالسفر بهما معاً.
كان السفر إلى طوكيو على خطوط الطيران القطرية، وكان مسافراً معي الدكتور محمد إسماعيل والصديق العزيز مصطفى الدويني. وبمجرد وصولي إلى مطار القاهرة، سلمت جواز السفر الذي أحمله إلى المسؤول عن إنهاء إجراءات السفر، الذي فوجئ – قبل إقلاع الرحلة بساعة – بأنني سلمته جواز السفر الدبلوماسي، الذي لا يوجد به أي تأشيرة دخول إلى اليابان، واكتشفت بأنني نسيت جواز السفر الآخر – الذي يحمل تأشيرة الدخول إلى اليابان- في المنزل.
كانت الساعة المتبقية على إقلاع الرحلة غير كافية لإحضار جواز السفر من المنزل بالشيخ زايد، وكان لابد من إلغاء الرحلة، والسفر في اليوم التالي.. على خطوط مصر للطيران، وكانت الرحلة مباشرة من القاهرة إلى طوكيو. ورغم طول الرحلة، إلا أن رحلة الطائرة – الحديثة والمريحة، وكذلك طاقم الضيافة – جعل جميع المسافرين يشيدون بها، ونأمل زيادة عدد الرحلات إلى اليابان.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة