أمينة خيري
يعتمد أغلب التطرف الديني على المرأة.. لينمو ويزدهر ويتوسع ويتوغل. يتخذ منها – سواء كانت رضيعة (مفاخذتها)، أو طفلة (تطيق الوطء)، أو مراهقة (لا يوجد ما يمنع من نكاحها مع وجوب ختانها)، أو امرأة (ناقصة عقل ودين، ووجهها كفرجها، ومصرف للرجل، وجاهلة بالفطرة، وحلوى مكشوفة تجذب الذباب أي الرجال)، أو مُسنة (يجب أن تحترم سنها، وتبقى في بيتها تنتظر الموت) – منصة لنشر ثقافة التطرف، وحائط صد، وحلبة صراع، ووسيلة قتال.
يبدو وكأن البعض من «رجال الدين» أو الدعاة.. يتخصصون في المرأة فقط. هذا التخصص جاذب ومثير. ومثلما كان المأزومون والمكبوتون، وأصحاب الشهوات المرضية، يلجؤون إلى مجلة «طبيبك الخاص» – في السبعينيات والثمانينيات – لتفريغ كبتهم، دون الشعور بتأنيب الضمير، أو التعرُّض لانتقاد المجتمع، وذلك بحجة أنهم يطلعون على مجلة «علمية»، يستمتع البعض حالياً بالبرامج والفتاوى والمعلقات والمطولات.. المتخصصة في جسد المرأة، وكأنها كائن اُكتُشِف أخيراً.. أثناء التنقيب عن الآثار.
يبدو أن المتحدث يستمتع بما يقول، والمتلقي كذلك. ومع تخصيص جزء معتبر من الخطاب الديني السبعينياتي – الذي أخذ في الازدهار والتوسع بمرور العقود – للمرأة، لا سيما جسدها وأدوارها الجنسية، ترسَّخ الفكر المتطرف الموجَّه للمرأة، وأصبح الفكر العادي والطبيعي والمتوقَّع. ونجح خطاب التطرف والتعصب، الذي يزدري المرأة (ولكنه يرفع راية التكريم والتبجيل)، في التسلل إلى عقل المرأة وقلبها، فتمكن منهما، باستثناءات قليلة. وأصبحت الكثيرات يدافعن عن خطاب الكراهية الموجه ضدهن، الذي يحمل ملابسهن.. مغبة الأزمة الاقتصادية، ووجودهن في أماكن العمل.. معضلة تدني الأخلاق وقبح السلوكيات، وتقلدهن مناصب سياسية واقتصادية.. يُعدّ عاقبةً لتدهور حال الأمة وانهيار وضع الكوكب.
جحافل النساء والفتيات يتزاحمن لحضور دروس دينية.. لمن أمسك بعصا، وأشار بها إلى أعضاء المرأة ممثلة في «مانيكان»؛ لشرح ما ينبغي إظهاره، وما يتوجب إخفاؤه.. من «الدبيحة». وهن أنفسهن.. من يدافعن بشراسة عمن يصفهن بـ«قطعة الحلوى»، و«شريحة البطيخ»، و«حتة اللحمة»، وأخيراً «ورق العنب بلا ورق».
في الوقت نفسه، يُترَك من يروِّع المرأة بأنها.. لو ارتدت شيئاً غير القفة، تكون عرضة للذبح، قائلاً: «إلبسي محزق، هيصطادك اللي ريقه بيجري ويقتلك»، و«لو حياتك غالية عليكي اخرجي من بيتك قفة»، يتجول على الأثير ويُلقب بـ«عالِم» و«داعية»، وذلك من دون محاسبة أو توقيف مدى الحياة.
خطاب ترويع النساء هو السائد، ومعه بذل كل الجهود الممكنة – وغير الممكنة – لجعل الأنثى تعيش بعقدة ذنب قاتلة.. لأنها أنثى. كما تم تدريب جيوش المتبرعين وكتائب المدافعين بوصف ووصم كل معترض.. بأنه علماني كافر، أو كاره للدين، أو معادٍ للمتدينين، أو يروج للزنا، ويدعو إلى تعرية النساء وانفلات الأخلاق.
شيطنة الأنثى.. جزء أساسي في خطاب التطرف والتعصب، وهو خطاب يحقق نسبة مئة بالمئة نجاحاً.. حين تتبناه الأنثى نفسها، وتصبح هي عدوة نفسها، والقائمة على أمر وأدها وبنات جنسها.
وللحديث بقية.
نقلاً عن «المصري اليوم«